الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله، فهذا كفر، لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن
…
القسم الثالث: أن يسأله ليختبره، هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث.
وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد فقال: ما خبأت لك؟ قال الدخ فقال: "اخسأ، فلن تعدو قدرك"
(1)
فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره له لأجل أن يختبره، فأخبره به.
القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجبًا.
وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمر مطلوب، وقد يكون واجبا، فصار السؤال هنا ليس على إطلاقه، بل يفصل فيه هذا التفصيل على حسب ما دلت عليه الأدلة الشرعية الأخرى"
(2)
.
وقال الألباني رحمه الله: "فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا - أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟ مسلم أو كافر. وصدقه المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون فقد شملهم جميعًا وعيد قوله صلى الله عليه وسلم "من أتى عرافًا، أو كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد" وفي حديث آخر "لم تقبل له صلاة أربعين ليلة""
(3)
.
2 - هل إتيان الكهان وتصديقهم كفر أكبر
؟:
الجواب: اختلف العلماء في حكم إتيان الكاهن مع تصديقه فمنهم من جعله
(1)
أخرجه البخاري (3055)، ومسلم (2924).
(2)
مجموع الفتاوى لابن عثيمين 9/ 532، 533. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 49 وانظر للاستزادة في حكم سؤال الكهان كتاب فتاوى اللجنة المجلد الأول 392 إلى 417.
(3)
السلسلة الصحيحة لشيخنا الألباني (6/ 2/ 1009 - 1010).
كفرا أكبر ومنهم من جعله كفرا أصغر ومنهم من توقف.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: "وهل الكفر في هذا الموضع كفر دون كفر، فلا ينقل عن الملة، أم يتوقف فلا يقال: يخرج عن الملة ولا ما يخرج؟ وهذا أشهر الروايتين عن أحمد رحمه الله "
(1)
.
وقد قرنه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بمن أنكر الإسلام أو سَحَر فقال رحمه الله: "فمن أشرك بالله تعالى كفر بعد إسلامه
…
أو سجد لصنم أو شمس أو قمر، أو أتى بقول أو فعل صريح، في الاستهزاء بالدين الذي شرعه الله تعالى، أو وجد منه امتهان القرآن، أو أنكر الإسلام كفر، لأن الدين عند الله الإسلام، أو سحر أو أتى عرافًا فصدقه، أو جحد البعث كفر"
(2)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فالذي يصدق الكاهن في علم الغيب، وهو يعلم أنه لا يعلم الغيب إلا الله، فهو كافر كفرًا أكبر مخرجًا الملة، وإن كان جاهلًا ولا يعتقد أن القرآن فيه كذب فكفره كفر دون كفر"
(3)
.
وممن يرى من العلماء أنه كفر أصغر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله حيث قال: "وكذلك قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض" وقوله: "من أتى كاهنًا فصدقه، أو أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" فهذا من الكفر العملي وليس كالسجود والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه وإن كان الكل يطلق عليه الكفر
…
"
(4)
.
وبعض العلماء يستدل على أنه كفر أصغر بحديث: "من أتى عرافًا فصدقه بما
(1)
فتح المجيد ص 335.
(2)
الدرر السنية 10/ 89.
(3)
مجموع الفتاوى لابن عثيمين 9/ 538. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ط 1 - 2/ 33.
(4)
الرسائل والمسائل النجدية 3/ 15.
يقول لم تقبل له صلاة أربعين يومًا"
(1)
.
فلو كان كفره مخرجًا من الملة لما قُبلت منه الصلاة الدهر كله حتى يرجع إلى الإسلام ولكنه حصرها بأربعين يومًا، كما أن الأمر فيه شبهة بالنظر للغيب النسبي، حيث يُفرّق بين الغيب المطلق والغيب النسبي المعتمد على إخبار الشياطين في الماضي والحاضر لا المستقبل.
* وأنت ترى من خلال هذه النقول أن الأقوال ثلاثة:
فقيل: كفر أكبر، وقيل كفر أصغر، والثالث التوقف.
وينبغي أن يعلم أن من ظن أن أحدا يعلم الغيب المطلق غير الله فقد كفر سواء اعتقد ذلك في كاهن أو ساحر أو عالم، أو حتى نبي أو مَلَك فإنهما لا يعلمان من الغيب إلا ما أطلعهما الله عليه كما قال تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن 26 - 27]. وقد علمنا أن ادعاء الغيب كفر
(2)
.
قال المناوي: "إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر، وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر"
(3)
.
ونقل الشيخ سليمان صاحب "التيسير" أن بعضهم قال: "لا تعارض بين هذا الخبر، وبين حديث: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" إذ الغرض في هذا الحديث أنه سأله معتقدًا صدقه وأنه يعلم الغيب فإنه يكفر، فإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة، أو أنه بإلهام فصدقه من هذه
(1)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (23610).
(2)
انظر: فتاوى اللجنة 2/ 119. وانظر باب (الغيب).
(3)
الفيض 6/ 23.