الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج"
(1)
.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، ويسروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"
(2)
.
أحكام وفوائد:
1 - أقسام الغلو:
1 -
ما يكون شركًا أكبر: وهو أن يجعل للمخلوق شيئًا من حقوق الله تعالى مثل الذبح والدعاء ونحو ذلك.
2 -
ما يكون شركًا أصغر: كأن يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم معظمًا له لا كتعظيم الله.
3 -
ما يكون بدعة شنيعة: وقد يجر ذلك إلى الشرك - والعياذ بالله -، مثل الصلاة عند القبر، والذبح لله عند القبر، والنذر لله عند القبر.
2 - مظاهر الغلو:
مظاهر الغلو كثيرة نذكر منها على سبيل المثال:
1 -
الغلو في العقيدة: كغلو أهل الكلام في إثبات الصفات ونفيها حتى أدى بهم إما إلى التمثيل أو التعطيل، والوسط مذهب أهل السنة والجماعة بإثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
2 -
الغلو في العبادات: وذلك بالزيادة على المأمور به كمجاوزة حصى الخذف في الرمي.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
أخرجه النسائي (5037).
3 -
الغلو في المعاملات: وهو التشدد بتحريم كل شيء، وقابل هذا التشدد تساهل من قال بحل كل شيء ينمي المال والاقتصاد حتى الربا والغش وغير ذلك.
والوسط أن يقال تحل المعاملات المبنية على العدل وهي ما وافق ما جاءت به النصوص من الكتاب والسنة.
4 -
الغلو في العادات: وهو التشدد في التمسك بالعادات القديمة وعدم التحول إلى ما هو خير منها.
أما إن كانت العادات متساوية في المصالح فإن كون الإنسان يبقى على ما هو عليه خير من تلقِّي العادات الوافدة
(1)
.
5 -
التعصب للأشخاص سواء علماء أو صالحين، أو تعصب لمذاهب فقهية مع ظهور الدليل بخلافه.
والناس في معاملة الصالحين على ثلاثة أقسام:
أ - أهل جفاء: وهم الذين يهضمون حقوق الصالحين وموالاتهم.
ب - أهل غلو: وهم الذين يرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله بها.
ج - أهل الحق الذين يحبونهم ويوالونهم ويقومون بحقوقهم الصحيحة، ولكنهم يبرأون من الغلو فيهم وادعاء عصمتهم.
6 -
الغلو في القبور، وقد ذكرت الأحاديث الواردة في ذلك.
7 -
الغلو في التكفير والتفسيق، كغلو الخوارج الذين يرون كفر فاعل الكبيرة، وغلو المعتزلة حيث قالوا: إن فاعل الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، وهذا التشدد قابله تساهلٌ من المرجئة حيث قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب.
والوسط مذهب أهل السنة والجماعة أن فاعل المعصية مؤمن ناقص الإيمان بقدر المعصية.
(1)
انظر في ذلك: مجموع فتاوى ابن عثيمين 7/ 18.
قال ابن رجب رحمه الله: "وقوله صلى الله عليه وسلم: "القصدَ القصدَ تبلغوا"
(1)
حث على الاقتصاد في العبادة، والتوسط فيها بين الغلو والتقصير، ولذلك كرره مرة بعد مرة. وفي مسند البزار من حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعًا:"ما أحسن القصد في الفقر، وما أحسن القصد في الغنى، وما أحسن القصد في العبادة" وكان لمطرف بن عبد الله بن الشخير ابنًا قد اجتهد في العبادة، فقال له أبوه: خير الأمور أوسطها، الحسنة بين السيئتين، وشر السير الحقحقة. قال أبو عبيدة: يعني أن الغلو في العبادة سيئة، والتقصير سيئة، والاقتصاد بينهما حسنة. قال: والحقحقة أن يلح في شدة السير حتى تقوم عليه راحلته وتعطب فيبقى منقطعًا به سفره .. ويشهد لهذا المعنى الحديث المروي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه مرفوعًا: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق"
(2)
، ولا تبغض إلى نفسك عبادة اللهَ، فإن المنبت لا سفرًا قطع ولا ظهرًا أبقى. فاعمل عمل امرئ يظن أنه لن يموت إلا هرمًا، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غدًا" أخرجه حميد بن زنجويه وغيره
(3)
.
وفي تكريره أمره بالقصد إشارة إلى المداومة عليه، فإن شدة السير والاجتهاد مظنة السآمة والانقطاع والقصد أقرب إلى الدوام ولهذا جعل عاقبة القصد البلوغ كما قال:"من أدلج بلغ المنزل"
(4)
"
(5)
.
فالأصل في العبادة الإخلاص والمتابعة، قال الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف:
(1)
أخرجه البخاري (6463)، والإمام أحمد (10688).
(2)
أخرجه الإمام أحمد (13083).
(3)
أخرجه البيهقي 3/ 19، وانظر مجمع الزوائد 1/ 62.
(4)
الحديث أخرجه الترمذي (2450) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة".
(5)
المحجة في سير الدلجة ضمن مجموعة رسائل الحافظ ابن رجب ص 134.
"لأن كل عبادة حدها الشرعي ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلي
…
وما خرج أحد عن شريعته وطريقته إلا سلك إحدى الطريقين:
أ - إما جفاء وإعراض.
ب - وإما غلو وإفراط.
وهذه مصائد الشيطان التي يصطاد بها بني آدم، ولهذا حذر سبحانه عن الغلو قال تعالى:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)} [المائدة: 77] "
(1)
.
(1)
انظر: رسالة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بتحقيق د. الوليد الفريان في مجلة البحوث، العدد 37، ص 186 - 187.