الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقصته في رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب.
3 - رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب
• عن ابن عباس وعروة بن الزُّبير قالا: وقد رأت عاتكة قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب، فقالت له: يا أخيّ، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني، وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة، فاكتم عني ما أحدثك به، فقال لها: وما رأيت؟ قالت: رأيت راكبًا أقبل على بعير له، حتَّى وقف بالأبطح، ثمّ صرخ بأعلى صوته: ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثمّ دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثمّ صرخ بمثلها: ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث: ثمّ مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، فصرخ مثلها، ثمّ أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتَّى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إِلَّا دخلتها منها فلقة، قال العباس: والله! إن هذه لرؤيا، وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد.
ثمّ خرج العباس، فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكان له صديقًا، فذكرها له، واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة، حتَّى تحدثت به قريش في أنديتها.
قال العباس: فغدوت لأطوف البيت وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلمّا رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل! إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا، فلمّا فرغت أقبلت حتَّى جلست معهم، فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب! متى حدثت فيكم هذه النبية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتَّى تتنبأ نساؤكم، قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًّا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء، نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب، قال العباس: فوالله! ما كان مني إليه كبير، إِلَّا أني جحدت ذلك، وأنكرت أن تكون رأت شيئًا، قال: ثمّ تفرقنا.
فلمّا أمسيت، لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إِلَّا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا
الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثمّ قد تناول النساءَ وأنت تسمع، ثمّ لم يكن عندك غير لشيء مما سمعت، قال: قلت: قد والله فعلت، ما كان مني إليه من كبير، وأيم الله لأتعرضن له، فإن عاد لأكفينكه.
قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه. قال: فدخلت المسجد فرأيته، فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه، ليعود بعض ما قال فأقع به، وكان رجلًا خفيفًا، حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر، قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد، قال: فقلت في نفسي: ما له لعنه الله! أكل هذا فرق مني أن أشاتمه! قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع. صوت ضمضم بن عمرو الغفاريّ، وهو يصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره، قد جَدّع بعيرَه، وحول رحله، وشق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش! اللطيمة، اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث، قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر.
فتجهز الناس سراعًا، وقالوا: أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرميّ، كلا والله ليعلمن غير ذلك، فكانوا بين رجلين، إما خارج وإما باعث مكانه رجلًا، وأوعبت قريش، فلم يتخلف من أشرافها أحد. إِلَّا أن أبا لهب بن عبد المطلب تخلف، وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة وكان قد لاط له بأربعة آلاف درهم كانت له عليه، أفلس بها، فاستأجره بها على أن يجزي عنه، بعثه فخرج عنه، وتخلف أبو لهب.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي نجيح: أن أمية بن خلف كان أجمع القعود، وكان شيخًا جليلًا جسيمًا ثقيلًا، فأتاه عقبة بن أبي معيط، وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها، فيها نار ومجمر، حتَّى وضعها بين يديه، ثمّ قال: يا أبا عليّ! استجمر، فإنما أنت من النساء، قال: قبحك الله وقبح ما جئت به، قال: ثمّ تجهز فخرج مع الناس.
حسن: رواه ابن إسحاق فقال: أخبرني من لا أتهم عن عكرمة، عن ابن عباس، ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزُّبير قالا: فذكر القصة.
وفي الإسناد الموصول رجل لم يُسم.
وقد سماه الحاكم (3/ 19) فرواه من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حَدَّثَنِي