الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا، فاستله الآخر، فقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثمّ جربت به، ثمّ جربت، فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتَّى برد، وفر الآخر حتَّى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه:"لقد رأى هذا ذعرًا". فلمّا انتهى إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير: فقال: يا نبي الله، قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثمّ نجاني الله منهم، قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"ويل أمه، مسعر حرب، لو كان له أحد". فلمّا سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتَّى أتى سيف البحر، قال: وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بأبي بصير، حتَّى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إِلَّا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم: لما أرسل: فمن آتاه فهو آمن، فأرسل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إليهم، فأنزل الله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حَتَّى بَلَغَ {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26].
وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وحالوا بينهم وبين البيت.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الشروط (2731) عن عبد الله بن محمد، حَدَّثَنَا عبد الرزّاق، أخبرنا معمر، قال: أخبرني الزهري قال: أخبرني عروة بن الزُّبير، عن المسور بن مخرمة ومروان فذكراه.
23 - باب نزول سورة الفتح يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم عائد إلى المدينة
• عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُكَ. قَال عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِل فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صارِخًا يَصْرُخُ بِي - قَال: فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ. وَجِئْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَال "لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] ".
صحيح: رواه مالك في كتاب القرآن (9) من الموطأ عن زيد بن أسلم، عن أبيه (هو أسلم العدوي مولى عمر بن الخطّاب) قال: فذكره.
ورواه البخاريّ في المغازي (4177) عن عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك به.
قوله: "نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ": أي ألححت.
• عن أبي وائل قال: قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال: أيها الناس! اتهموا أنفسكم. لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. ولو نرى قتالا لقاتلنا. وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين. فجاء عمر بن الخطّاب. فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: "بلى" قال: أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النّار؟ قال: "بلى" قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال:"يا ابن الخطّاب! إني رسول الله. ولن يضيعني الله أبدًا" قال: فانطلق عمر فلم يصبر متغيظًا. فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر! ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النّار؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال: يا ابن الخطّاب! إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدًا. قال: فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح. فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه. فقال: يا رسول الله! أو فتح هو؟ قال: "نعم" فطابت نفسه ورجع.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجزية والموادعة (3182) ومسلم في الجهاد (94: 1785) كلاهما من طريق عبد العزيز بن سياه، حَدَّثَنَا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال: فذكره.
• عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] قَالَ الْحُدَيْبِيَةُ. قَالَ أَصحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [الفتح: 5] قَال شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ: أَمَّا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} [الفتح: 1] فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا فَعَنْ عِكْرِمَةَ.
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (4172) عن أحمد بن إسحاق، قال: حَدَّثَنَا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: فذكره.
ورواه مسلم في الجهاد (97: 1786) من وجه آخر عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: لما نزلت: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} إلى قوله: {فَوْزًا عَظِيمًا} [الفتح: 1 - 5] مرجعه من الحديبية وهم يخالطون الحزن والكآبة وقد نحر الهدي بالحديبية فقال: "لقد أنزلت عليّ آية هي أحب إلي من الدُّنيا جميعًا".