الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في الذين قتلوا - أصحاب بئر معونة - قرآنًا قرأناه حتى نسخ بعد: بلغوا قومنا فقد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه.
صحيح: رواه البخاري (4095) عن يحيى بن بكير، حدثنا مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس فذكره.
• عن عاصم الأحول قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن القنوت في الصلاة؟ فقال: نعم، فقلت: كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قلت: فإن فلانًا أخبرني عنك أنك قلت بعده، قال: كذب، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرًا: إنه كان بعث ناسًا يقال لهم القراء، وهم سبعون رجلا، إلى ناس من المشركين، وبينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد قبلهم، فظهر هؤلاء الذين كانوا بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرًا يدعو عليهم.
متفق عليه: رواه البخاري (4096) عن موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد، حدثنا عاصم الأحول قال: فذكره.
قال العيني: "تقدير الكلام أنه بعث إلى ناس من المشركين غير المعاهدين، والحال أن بين ناس منهم هم مقابل المبعوث عليهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فغلب المعاهدون وغدروا فقتلوا القراء المبعوثين لإمدادهم على عدوهم. عمدة القاري (17/ 176).
• عن ابن عباس قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده. من الركعة الأخيرة، يدعو عليهم على حي من بني سليم على رعل وذكوان وعصية. ويؤمن من خلفه، أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم.
حسن: رواه أبو داود (1443) وأحمد (2746) وصحّحه ابن خزيمة (618) والحاكم (1/ 226 - 225) كلهم من طريق ثابت بن يزيد الأحول، حدثنا هلال، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره. قال الحاكم: على شرط البخاري.
قلت: إسناده حسن من أجل هلال وهو ابن خبّاب مختلف فيه غير أنه حسن الحديث وأنه ليس من رجال البخاري.
5 - باب غزوة بني النضير
ذكر ابن إسحاق أنه كان بعد بئر معونة وأحد ورجوع عمرو بن أمية، وقتله ذينك الرجلين من بني عامر ولم يشعر بعهدهما الذي معهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد قتلت الرجلين لأدينهما".
قال ابن إسحاق: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر، اللذين قتلهما عمرو بن أمية للعهد الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاهما، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف، فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد. فمن رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحّاش بن كعب. فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال. ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم. فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلًا مقبلًا من المدينة فسألوه عنه فقالوا: رأيته داخلا المدينة.
فأقبل أصحابه حتى انتهوا إليه. فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به. وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم، والسير إليهم.
قال ابن هشام: فحاصرهم ست ليال ونزل تحريم الخمر.
وقال الواقدي: خمسة عشر يومًا.
قال ابن إسحاق: فتحصنوا منه في الحصون، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها، فنادوه أن يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد، وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ .
وكان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم: عبد الله بن أبي ابن سلول، ووديعة ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنّعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أخرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة (السلاح) ففعل. فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل. فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف (العتبة) بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام.
قال ابن إسحاق: وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة. يضعها حيث يشاء، فقسّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرًا فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن إسحاق: ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها.
سيرة ابن هشام (2/ 190 - 192)
وأما ما رُوي عن عائشة قالت: كانت غزوة بني النضير - وهم طائفة من اليهود - على رأس ستة أشهر من وقعة بدر
…
فهو وهم.
رواه الحاكم (2/ 483) وعنه البيهقي في الدلائل (3/ 178) من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة فذكرته.
وعلقه البخاري في صحيحه في باب حديث بني النضير في المغازي قول الزهري عن عروة، ولم يذكر فيه عائشة، ثم ذكر قول ابن إسحاق بأنه بعد بئر معونة وأحد. وهذا الأخير هو الذي عليه جمهور أهل العلم ونسبوا الوهم إلى الزهري.
• عن أنس قال: إن الرجل كان يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات من أرضه، حتى فتحت عليه قريظة والنضير، فجعل بعد ذلك يردّ عليه ما كان أعطاه.
قال أنس: إن أهلي أمروني أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله ما كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي، وقالت: والله لا نعطيكهن وقد أعطانيهن، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"يا أم أيمن! اتركيه، ولك كذا وكذا" وتقول: كلّا، والذي لا إله إلا هو! فجعل يقول: كذا حتى أعطاها عشرة أمثاله، أو قريبًا من عشرة أمثاله.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4120)، ومسلم في الجهاد والسير (71: 1771) كلاهما من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس فذكره.
وتفصيله كما في الحديث الآتي:
• عن أنس بن مالك قال: لما قدم المهاجرون من مكة المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء، وكان الأنصار أهل الأرض والعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم، كل عام، ويكفونهم العمل والمؤونة. وكانت أم أنس بن مالك، وهي تدعى أم سليم، وكانت أم عبد الله بن أبي طلحة، كان أخًا لأنس لأمه، وكانت أعطت أم أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاقًا لها، فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن، مولاته، أم أسامة بن زيد.
قال ابن شهاب: فأخبرني أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من قتال أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم، قال: فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمي عذاقها، وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أيمن مكانهن من حائطه.
قال ابن شهاب: وكان من شأن أم أيمن، أم أسامة بن زيد، أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنةُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعدما توفي
أبوه، فكانت أم أيمن تحضنه، حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها، ثم أنكحها زيد بن حارثة، ثم توفيت بعدما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر.
متفق عليه: رواه البخاري في الهبة (2630) ومسلم في الجهاد (1771) كلاهما من طريق ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أنس فذكره. واللفظ لمسلم.
وقوله: "العقار" هنا بمعنى النخل.
قال الزجاج: العقار كل ما له أصل، وقيل: إن النخل خاصة يقال له العقار.
وقوله: "عذاقا" - جمع عذق - وهي النخلة.
وقوله: "لما فرغ من قتال أهل خيبر" - يقصد به رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم عمومًا وأما قصة أم أيمن فوقعت في إجلاء بني النضير كما مضى.
قوله: "رد المهاجرون إلى الأنصار" - منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم.
هذا دليل على أنها كانت منائح ثمار، لا تمليك رقاب النخل، فإنها لو كانت هبة لرقبة النخل لم يرجعوا فيها فإن الرجوع في الهبة بعد القبض لا يجوز، والإباحة يجوز الرجوع فيها متى شاء.
• عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عُدةّ في سبيل الله.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (4885) ومسلم في الجهاد (1757) كلاهما من حديث سفيان، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر فذكره.
• عن ابن عمر قال: حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير، وأقر قريظة ومنّ عليهم، حتى حاربتْ قريظة، فقتل رجالهم، وقسم نساءهم، وأولادهم، وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم، بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام ويهود بني حارثة، وكل يهود المدينة.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4028) ومسلم في الجهاد (1766) كلاهما من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
• عن ابن عمر قال: حرق النبي صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير - وقطع وهي البويرة - فنزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5].
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4031) ومسلم في الجهاد (1746) كلاهما من حديث الليث، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
• عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّق نخل بني النضير قال: ولها يقول حسان بن ثابت:
وهان على سراة بني لؤي
…
حريق بالبويرة مستطير
قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث:
أدام الله ذلك من صنيع
…
وحرّق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنزه
…
وتعلم أي أرضينا تضير
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4032) عن إسحاق، أخبرنا حبّان، أخبرنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
ورواه مسلم (30: 1746) من وجه آخر عن نافع قول حسان بن ثابت.
وقال: وفي ذلك نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [الحشر: 5].
وقوله: "أرضينا" - بالتثنية يعني أرض بني النضير، وأرض الأنصار.
وقوله: "نزه" - أي البعد.
وقوله: "تضير" - بمعنى الضر.
• عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني، فقال: أجب أمير المؤمنين، فانطلقت معه حتى أدخُل على عمر، فإذا هو جالس على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، متكئ على وسادة من أدم، فسلمت عليه ثم جلست، فقال: يا مال! إنه قدم علينا من قومك أهل أبيات، وقد أمرت فيهم برضخ، فاقبضه فاقسمه بينهم، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري، قال: اقبضه أيها المرء، فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ، فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبي وقاص يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم فدخلوا فسلموا وجلسوا، ثم جلس يرفأ يسيرًا، ثم قال: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما فدخلا فسلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسول صلى الله عليه وسلم من مال بني النضير، فقال الرهط، عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر، قال عمر: تيدكم، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نورث، ما تركنا صدقة". يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه؟ قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس، فقال: أنشدكما الله، أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر:
فإني أحدثكم عن هذا الأمر، إن الله قد خص رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره، ثم قرأ:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6] فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، قد أعطاكموها وبثها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك حياته -، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم قال لعلي وعباس: أنشدكم بالله هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها أبو بكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله يعلم إنه فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عمل فيها أبو بكر، والله يعلم إني فيها لصادق بار راشد تابع للحق، ثم جئتماني تكلماني، وكلمتكما واحدة وأمركما واحد، جئتني يا عباس! تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا - يريد عليًا - يريد نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة". فلما بدا لي أن أدفعه إليكما، قلت: إن شئتما دفعتها إليكما، على أن عليكما عهد الله وميثاقه: لَتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما عمل فيها أبو بكر، وبما عملت فيها منذ وليتها، فقلتما: ادفعها إلينا، فبذلك دفعتها إليكما، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم، ثم أقبل على علي وعباس، فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال: فتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض! لا أقضي فيها قضاء غير ذلك، فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي، فإني أكفيكماها.
متفق عليه: رواه البخاري في فرض الخمس (3094) ومسلم في الجهاد والسير (49: 1756) من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، أن مالك بن أوس حدثه قال (فذكره)
• عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبي ابن سلول، ومن كان يعبد الأوثان من الأوس والخزرج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة، قبل وقعة بدر، يقولون: إنكم آويتم صاحبنا، وإنكم أكثر أهل المدينة عددًا، وإنا نقسم بالله لتقتلنه أو لتخرجنه أو لنستعن عليكم العرب ثم لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى
نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان، تراسلوا، فاجتمعوا، وأرسلوا واجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلقيهم في جماعة، فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، فأنتم هؤلاء تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، وكان وقعة بدر، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: أنكم أهل الحلقة والحصون، وأنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء - وهي الخلاخيل - فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير على الغدر فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبرًا، حتى نلتقي في مكان كذا، نصف بيننا وبينكم، فيسمعوا منك، فإن صدقوك، وآمنوا بك، آمنا كلنا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثين من أصحابه، وخرج إليه ثلاثون حبرًا من يهود، حتى إذا برزوا في براز من الأرض، قال بعض اليهود لبعض: كيف تخلصون إليه، ومعه ثلاثون رجلًا من أصحابه، كلهم يحب أن يموت قبله، فأرسلوا إليه: كيف تفهم ونفهم؟ ونحن ستون رجلا؟ اخرج في ثلاثة من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، فليسمعوا منك، فإن آمنوا بك آمنا كلنا، وصدقناك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة نفر من أصحابه، واشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى بني أخيها، وهو رجل مسلم من الأنصار، فأخبرته خبر ما أرادت بنو النضير من الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أخوها سريعًا، حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فساره بخبرهم قبل أن يصل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد، غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب، فحاصرهم، وقال لهم: إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا أن يعطوه عهدًا، فقاتلهم يومهم ذلك هو والمسلمون، ثم غدا الغد علي بني قريظة بالخيل والكتائب، وترك بني النضير، ودعاهم إلى أن يعاهدوه، فعاهدوهم، فانصرف عنهم، وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا الحلقة، - والحلقة: السلاح - فجاءت بنو النضير، واحتملوا ما أقلت إبل من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم، وخشبها، فكانوا يخربون بيوتهم، فيهدمونها فيحملون ما وافقهم من خشبها.
وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام وكان بنو النضير من سبط من