الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد. سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام، وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله، وأن قد هداهم الله بهداه، فبشرهم وأنذرهم، وأقبل وليقبل معك وفدهم، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فأقبل خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب منهم قيس بن الحصين ذي الغصة، ويزيد بن عبد المدان، ويزيد بن المحجل، وعبد الله بن قراد الزيادي، وشداد بن عبد الله القناني، وعمرو بن عبد الله الضبابي.
فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم قال: "من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟ "، قيل: يا رسول الله! هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب، فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلموا عليه وقالوا: نشهد أنك رسول الله، وأنه لا إله إلا الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنتم الذين إذا زجروا استقدموا"، فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثانية فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الثالثة فلم يراجعه منهم أحد، ثم أعادها الرابعة فقال يزيد بن عبد المدان: نعم، يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا، قالها أربع مرار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم" فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا، قال:"فمن حمدتم؟ " قالوا: حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله. قال: "صدقتم". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية؟ " قالوا: لم نكن نغلب أحدا؛ قال: "بلى، قد كنتم تغلبون من قاتلكم"، قالوا: كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله، إنا كنا نجتمع ولا نفترق، ولا نبدأ أحدا بظلم، قال:"صدقتم" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بني الحارث بن كعب قيسَ بن الحصين.
فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية من شوال أو في صدر ذي القعدة فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحم وبارك ورضي وأنعم.
السيرة لابن هشام (2/ 592 - 594) وذكره البيهقي في الدلائل (5/ 411 - 412) بإسناده عن ابن إسحاق.
5 - بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن
قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن، وعقد له لواء، وعممه بيده، وقال:"امض ولا تلتفت، فإذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك"، فخرج في ثلاثمائة فارس، وكانت أول
خيل دخلت إلى تلك البلاد، وهي بلاد مذحج، ففرق أصحابه فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك، وجعل علي على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي، فجمع إليه ما أصابوا، ثم لقي جمعهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموا بالنبل والحجارة، فصف أصحابه ودفع لواءه إلى مسعود بن سنان السلمي، ثم حمل عليهم علي بأصحابه، فقتل منهم عشرين رجلا فتفرقوا وانهزموا، فكف عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام، فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام، وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا، وهذه صدقاتنا فخذ منها حق الله. وجمع علي الغنائم فجزأها على خمسة أجزاء فكتب في سهم منها لله، وأقرع عليها فخرج أول السهام سهم الخمس، وقسم علي على أصحابه بقية المغنم، ثم قفل فوافى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قد قدمها للحج سنة عشر. الطبقات الكبرى (2/ 169 - 170).
• عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقلت: يا رسول الله! إنك تبعثني إلى قوم هم أسن مني لأقضي بينهم. قال: "اذهب فإن الله تعالى سيثبت لسانك ويهدي قلبك".
صحيح: رواه أحمد (661) عن يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي، فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه ابن ماجه (2309) وأحمد (636) وغيرهما من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي، قال: فذكر نحوه. وزاد فيه قول علي: فما شككت بعد في قضاء بين اثنين. إلا أن البختري وهو سعيد بن فيروز لم يسمع من علي، ويدل عليه ما رواه شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا البختري الطائي، قال: أخبرني من سمع عليا يقول: فذكر نحوه.
رواه أحمد (1145) وللحديث أسانيد أخرى سبق ذكرها.
• عن بريدة بن الحصيب قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليا، وقد اغتسل فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال:"يا بريدة أتبغض عليا؟ " فقلت: نعم. قال: "لا تبغضه؛ فإن له في الخمس أكثر من ذلك".
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4350) عن محمد بن بشار، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: فذكره.
قوله: "ليقبض الخمس" أي خمس الغنيمة، وفي رواية:"ليقسم الخمس".
قوله: "كنت أبغض عليا" وإنما أبغضه لأنه رأى أن عليا أخذ جارية من المغنم، فظن أنه غَلَّ، فلما أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ أقلَّ من حقه أَحَبَّه كما في الحديث الآتي:
• عن بريدة قال: أبغضت عليا بغضا لم يبغضه أحد قط، قال: وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا. قال: فَبُعِثَ ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا. قال: فأصبنا سبيا. قال: فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابعث إلينا من يخمسه. قال: فبعث إلينا عليا، وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي، فخمس وقسم، فخرج ورأسه يقطر، فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا؟ قال: ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي، فإني قسمت وخمست، فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت في آل علي ووقعت بها. قال: فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ابعثني، فبعثني مصدقا. قال: فجعلت أقرأ الكتاب، وأقول: صدق. قال: فأمسك يدي والكتاب وقال: "أتبغض عليا؟ " قال: قلت: نعم. قال: "فلا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حبا، فوالذي نفس محمد بيده، لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة" قال: فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من عليٍّ.
حسن: رواه أحمد (22967) عن يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الجليل، قال: انتهيت إلى حلقة فيها أبو مجلز وابنا بريدة، فقال عبد الله بن بريدة، حدثني أبي بريدة، قال: فذكره.
قال عبد الله (ابن بريدة): فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي - بريدة.
وإسناده حسن من أجل عبد الجليل وهو ابن عطية القيسي أبو صالح البصري، وثقه ابن معين وقال البخاري:"يهم بعض الشيء".
قلت: إنه لم يهم في هذا الحديث لمتابعة سعد بن عبيدة، عن ابن بريدة، عن أبيه في أصل الحديث.
رواه الإمام أحمد (23028) عن وكيع، والحاكم (2/ 129 - 130) من حديث أبي عوانة - كلاهما عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة. ولفظ الحاكم أتم.
قال عبد الله بن بريدة الأسلمي: إني لأمشي مع أبي إذ مر بقوم ينقصون عليا رضي الله عنه، يقولون فيه، فقام فقال: إني كنت أنال من علي وفي نفسي عليه شيء وكنت مع خالد بن الوليد في جيش فأصابوا غنائم، فعمد علي إلى جارية من الخمس، فأخذها لنفسه، وكان بين علي وبين خالد شيء، فقال خالد: هذه فرصتك وقد عرف خالد الذي في نفسي على علي قال: فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاذكر ذلك له، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته وكنت رجلا مكبابا، وكنت إذا حدثت الحديث أكببت، ثم رفعت رأسي، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أمر الجيش، ثم ذكرت له أمر علي فرفعت رأسي، وأوداج رسول الله صلى الله عليه وسلم قد احمرت قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كنت وليه فإن عليا وليه"، وذهب الذي
في نفسي عليه.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، إنما أخرجه البخاري من حديث علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مختصرا، وليس في هذا الباب أصح من حديث أبي عوانة هذا عن الأعمش عن سعد بن عبيدة" انتهى.
وفي معناه ما روي عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جيشين، وأمَّر على أحدهما علي بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال:"إذا كان القتال فعلي" قال: فافتتح علي حصنا، فأخذ منه جارية، فكتب معي خالد بن الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشي به، فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ الكتاب فتغير لونه، ثم قال:"ما ترى في رجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله؟ " قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، وإنما أنا رسول. فسكت.
رواه الترمذي (1704، 3725) وابن أبي شيبة في المصنف (32782) عن الأحوص بن جواب، عن يونس بن أبي إسحق، عن أبي إسحق، عن البراء، فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الأحوص بن جواب".
قلت: إسناده ضعيف؛ فإن أبا إسحاق السبيعي اختلط، وقد سمع منه يونس بن أبي إسحاق بعد الاختلاط.
قوله: "يشي به" يعني النميمة.
وأما ما رواه أجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، وجاء فيه:"لا تقع في علي؛ فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي، وإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي" فهو منكر. رواه أحمد (23012) والنسائي في خصائص علي (90) والبزار - كشف الأستار (2563) كلهم من هذا الوجه، وأجلح هو ابن عبد الله بن حُجية مختلف فيه غير أنه أنكر عليه أحاديث منها هذا الحديث، ولذا قال النسائي: ضعيف ليس بذاك، وكان له رأي سوء (يعني في سب الشيخين).
وفيه أيضا حديث عمران بن حصين رواه أحمد (19928) وابن حبان (6929) وفي متنه نكارة وهو مخرج في موضعه.
• عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب، وزيد الخير الطائي ثم أحد بني نبهان، قال: فغضبت قريش فقالوا: أتعطي صناديد نجد وتدعنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم" فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس، فقال: اتق الله يا محمد! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمن يطع الله إن عصيته؟ أيأمنني على أهل الأرض ولا