الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى المدينة. فخرجوا أرسالًا فخرج منهم قبل خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة: أبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وعامر بن ربيعة، وامرأته أم عبد الله بنت أبي خيثمة، ويقال: أول ظعينة قدمت المدينة أم سلمة. ويقول بعض الناس: أم عبد الله. ومصعب بن عمير، وعثمان بن مظعون، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وعبد الله بن جحش، وعثمان بن الشريد، وعمار بن ياسر.
ثم خرج عمر، وعياش بن أبي ربيعة وجماعة. فطلب أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام والعاص بن هشام عياشًا. وهو أخوهم لأمهم فقدموا المدينة. فذكروا له حزن أمه، وأنها حلفت لا يظُلها سقف، وكان بها برّا فرق لها، وصدقهم، فلما خرجا به أوثقاه، وقدما به مكة فلم يزل بها إلى قبل الفتح.
وقال ابن إسحاق: فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش - من بني مخزوم: أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. واسمه: عبد الله، هاجر إلى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة. وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة. فلما آذته قريش، وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار خرج إلى المدينة مهاجرًا.
سيرة ابن هشام (1/ 468).
ويمكن الجمع بين قول البراء وقول أم سلمة في أول من هاجر إلى المدينة بأن أبا سلمة هاجر إليها هربًا بدينه، ومصعب بن عمير جاء إلى المدينة معلمًا لأهل المدينة بعد العقبة، فالأولية المطلقة لأبي سلمة.
4 - هجرة عمرو بن عياش بن أبي ربيعة
• عن عمر بن الخطاب، قال: اتّعدت، لما أردنا الهجرة إلى المدينة، أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل السهمي التناضب من أضاة بني غفار، فوق سرف، قلنا: أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. قال: فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب، وحبس عنا هشام، فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتى قدما المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فكلما وقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها، فقلت له: يا عياش! إنه والله! إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فو الله! لو قد آذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، قال: فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فآخذه.
قال: فقلت: والله! إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالًا، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما. قال: فأبى عليّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبى إلا ذلك، قال: قلت له: أما إذ قد فعلت ما فعلت، فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب، فانج عليها. فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق، قال له أبو جهل: يا ابن أخي! والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووَا بالأرض عدَوَا عليه، فأوثقاه وربطاه، ثم دخلا به مكة، وفتناه فافتتن. قال: فكنا نقول: ما الله بقابل ممن افتتن صرفًا ولا عدلًا ولا توبةً، قوم عرفوا الله، ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم، قال: وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أنزل الله تعالى فيهم، وفي قولنا وقولهم لأنفسهم:{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الزمر: 53 - 55]. قال عمر بن الخطاب: فكتبتها بيدي في صحيفة، وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال: فقال هشام بن العاصي: فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى، أصعد بها فيه وأصوّب ولا أفهمها، حتى قلت: اللهم فهّمنيها. قال: فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا. قال: فرجعت إلى بعيري، فجلست عليه، فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة.
حسن: رواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله، عن أبيه عمر بن الخطاب. قال: فذكره. سيرة ابن هشام (1/ 474 - 476) وإسناده حسن من أجل الكلام في محمد بن إسحاق.
وأما ما رُوي عن علي بن أبي طالب: ما علمت أن أحدًا من المهاجرين هاجر إلا مختفيًا، إلا عمر بن الخطاب، فإنه لما هم بالهجرة تقلّد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى في يده أسهمًا، واختصر عنزته، ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا، ثم أتى القوم، فصلى متمكنًا، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة، فقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه، أو يؤتم ولده، أو يرمّل زوجه فليلقني وراء هذا الوادي.
قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم، ومضى لوجهه. فهو ضعيف.
رواه ابن عساكر في تاريخه (44/ 51 - 52).