الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبيد الله بن إياد بن لقيط، ثنا إياد بن لقيط، عن قيس بن النعمان فذكره.
وأشار إليه أيضا ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة قيس بن النعمان.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
قلت: هو كما قال، فإن رجاله ثقات، وقد تكلم البزار في عبيد الله بن إياد بن لقيط غير أنه ثقة، وثّقه النسائي وغيره، وصحّح إسناده الحافظ ابن حجر في الإصابة (5/ 506).
وقول الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 481) بعد أن نقل قول البيهقي: "يحتمل أن هذه القصص كلها واحدة".
ثم ذكر قصة شبيهة بقصة شاة أم معبد الخزاعية بعيد. فإن قصة قيس بن النعمان قصة مستقلة ووقعت أثناء الهجرة.
وأشار إليه البزار فقال: لا نعلم روى قيس، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا، ولا نعلمه بهذا اللفظ إلا عنه، وهو يخالف سائر الأحاديث في قصة أم معبد، ولكن هذا حدث به عبيد بن إياد.
وقال الهيثمي في المجمع (6/ 58): رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
والعناق: هي الأنثى من ولد العنز.
وقوله: اخدجت: أي ألقت ولدها ناقص الخلق.
18 - باب حديث أم معبد
• عن حبيش بن خالد الخزاعي قال: حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وأبو بكر ومولى أبو بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية، وكانت برزة جلدة، تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبًا، فاحلبها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله تبارك وتعالى ودعا لها في شاتها، فتفاجت عليه ودرت واجترّت ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيه ثجًا حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، فسقى أصحابه حتى رووا، فشرب آخرهم وأراضوا، ثم حلب فيه ثانيًا بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، ثم بايعها وارتحلوا عنها، فقَلَّ ما لبث حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا وكان
يتساوكن هزلًا ضحى مخّهنّ قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب، وقال: من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حبلى ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيت رجلًا ظاهر الوضاءة أبلج الوجه، حسن الخلق، لم يعبه ثجلة، ولم تزريه صعلة، وسيمًا، قسيمًا في عينه دعج، وفي أشفاره غطف، وفي صوته صهل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج، أقرن، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق، فضل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقه نظم يتحدرن ربعته، لا باين من طول ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين اثنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند.
قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد شئت أن أصحبه، ولأفعلنّ إن وجدت إلى ذلك سبيلًا، فأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه
…
رفيقين قال خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى فاهتدت به
…
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا ل قصي ما زوى الله عنكم
…
به من فعال لا تُجارى وسؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم
…
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
…
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
…
عليه صريحًا ضرة الشاة مزيد
فغادرها رهنًا لديها لحالب
…
يرددها في مصدر ثم مورد
ولما سمع بذلك حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبي صلى الله عليه وسلم شبب يجاوب الهاتف فقال:
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم
…
وقدس من يسري إليهم ويفتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم
…
وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم
…
وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا
…
عمايتهم هاد به كل مهتد
وقد نزلت منه على أهل يثرب
…
ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله
…
ويتلو كتاب الله في كل مشهد
وإن قال في يوم مقالة غائب فتـ
…
صديقها في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده
…
بصحبته من يُسعِدُ الله يَسعَد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم
…
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
حسن: رواه البغوي في معجم الصحابة في ترجمة حبيش بن خالد الخزاعي، وكذا البيهقي في الدلائل (1/ 277) وابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمة حبيش بن خالد، وكذا الطبراني في الكبير (4/ 48) والحاكم في المستدرك (3/ 9).
وكذا ابن شاهين وابن السكن وابن مندة كما قال الحافظ في الإصابة في ترجمة حبيش، كلهم من طرق عن حبيش بن خالد.
واللفظ للبغوي، وعند غيره خلاف في بعض ألفاظها وذكر بعض هذه الاختلافات الذهبي في السيرة النبوية ص 437 - 439 ثم سكت.
قال الحاكم: صحيح الإسناد، وأطال في تصحيحه.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 472).
"وقصتها مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضًا".
ثم ذكر له شاهدين - عن جابر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر.
وأما حديث جابر فرواه البزار - كشف الأستار (1742) عن محمد بن معمر، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عقبة بن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، ثنا أبي، عن أبيه، عن جابر قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مهاجرين فدخلا الغار، إذا في الغار جحر، فألقمه أبو بكر عقبه حتى أصبح، مخافة أن يخرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيءٌ، فأقاما في الغار ثلاث ليال ثم خرجا، حتى نزلا بخيمات أم معبد، فأرسلت إليه أم معبد: إني أرى وجوها حسانًا، وإن الحي أقوى على كرامتكم مني، فلما أمسوا عندها، بعثت مع ابن لها صغير بشفرة وشاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اردد الشفرة وهات لي فرقًا" - يعني القدح - فأرسلت إليه أن لا لبن فيها ولا ولد، قال:"هات لي فرقًا" فجاءت بفرق، فضرب ظهرها، فاجترّت ودرّت فحلب فملأ القدح، فشرب وسقى أبا بكر، ثم حلب فبعث به إلى أم معبد. ثم قال البزار: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، وعبد الرحمن بن عقبة لا نعلم أحدًا حدّث عنه إلا يعقوب بن محمد، وإن كان معروفًا في النسب.
وقوله مشعر بأن عبد الرحمن بن عقبة مجهول الحال.
وأما حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى فرواه البيهقي في الدلائل (2/ 491 - 492) من طريقين عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدت عن أبي بكر الصديق قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فانتهينا إلى حي من أحياء العرب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت منتحيًا، فقصد إليه، فلما نزلنا لم يكن فيه إلا امرأة فقالت: يا عبد الله! إنما أنا امرأة وليس معي أحد، فعليكما بعظيم الحي إن أردتم القرى، قال: فلم يجبها، وذلك عند المساء، فجاء ابن لها بأعنز يسوقها فقالت: يا بنيّ، انطلق بهذه العنزة والشفرة إلى هذين الرجلين فقل لهما: تقول لكما أمي: اذبحا هذه وكلا وأطعمانا، فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وسلم:"انطلق بالشفرة وجئني بالقدح" قال: إنها قد عزبت وليس بها لبن، قال:"انطلق" فجاء بقدح فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ضرعها، ثم حلب حتى ملأ القدح، ثم قال:"انطلق به إلى أمك" فشربت حتى رويت، ثم جاء به فقال:"انطلق بهذه وجئني بأخرى" ففعل بها كذلك ثم سقى أبا بكر، تم جاء بأخرى ففعل بها كذلك، ثم شرب النبي صلى الله عليه وسلم، فبتنا ليلتنا ثم انطلقنا، فكانت تسميه المبارك، وكثرت غنمها حتى جلبت جلبًا إلى المدينة، فمرّ أبو بكر فرآه ابنها فعرفه فقال: يا أمه، هذا الرجل الذي كان مع المبارك. فقامت إليه فقالت: يا عبد الله! من الرجل الذي كان معك؟ قال: أو ما تدرين من هو! قالت: لا، قال: هو نبي الله. قالت: فأدخلني عليه. قال: فأدخلها، فأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها. زاد ابن عبدان في روايته: قالت: فدلني عليه. فانطلقت معي، وأهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من أقط ومتاع الأعراب، قال: فكساها وأعطاها. قال: ولا أعلمه إلا قال: وأسلمت.
قال البيهقي: "وهذه القصة وإن كانت تنقص عما روينا في قصة أم معبد ويزيد في بعضها فهي قريبة منها، ويشبه أن يكونا واحدة، وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار من قصة أم معبد شيئًا يدل على أنها وهذه واحدة، والله أعلم".
قال ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 475): "والظاهر أنها هي".
وقال: وإسناده حسن.
قلت: ولكن فيه انقطاع بأن ابن أبي ليلى لم يدرك أبا بكر الصديق، فما كان هذا سبيله فهو لا ينزل عن درجة الحسن عند أكثر أهل العلم وخاصة أن شهرة هذه القصة واستفاضتها عند علماء أهل السير تفيد بأن لها أصلًا.
ونقل ابن كثير عن أبي نعيم وغيره أن أبا معبد أسلم وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أم معبد هاجرت وأسلمت ولحقتْ برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأم معبد اسمها عاتكة بنت خالد وهو أخو حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيل البطحاء