الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد رأيته غضب فيما كان من شأن بني كعب غضبًا لم أره غضبه منذ زمان من الدهر.
قال الهيثمي في "المجمع"(6/ 161 - 162): رواه يعلى عن حزام بن هشام بن حبيش، عن أبيه عنها. وقد وثّقها ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قلت: حزام بن هشام بن حبيش قال فيه أبو حاتم: "شيخ محله الصدق" الجرح والتعديل (3/ 298) ولكن أباه هشام بن حبيش مجهول تفرد بالرواية عنه ابنه ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 53) ولم يقل فيه شيئًا، فهو في عداد المجهولين، وأما ابن حبان فذكره في الثقات على قاعدته في توثيق المجاهيل.
وروي معناه مطولًا عن ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رواه الطبراني في الكبير (23/ 433 - 434) ولكن فيه يحيى بن سليمان بن نضلة المديني، ضعّفه الهيثمي في "المجمع"(6/ 164).
2 - باب أُمر المشاة إلى مكة بالإسراع في المشي
• عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان حتى بلغ كراع الغميم. قال: فصام الناس، وهم مشاة وركبان، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصوم، إنما ينظرون ما تفعل، فدعا بقدح، فرفعه إلى فيه، حتى نظر الناس، ثم شرب، فأفطر بعض الناس، وصام بعض، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بعضهم صام، فقال:"أولئك العصاة". واجتمع المشاة من أصحابه، فقالوا: نتعرض لدعوات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اشتد السفر، وطالت المشقة، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"استعينوا بالنسل، فإنه يقطع عَلم الأرض، وتخفون له". قال: ففعلنا، فخففنا له.
صحيح: رواه أبو يعلى (1880) - وعنه ابن حبان (2706) - عن عبد الله بن عمر بن أبان قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: فذكره.
ورواه ابن خزيمة في صحيحه (2536) من وجه آخر عن عبد الوهاب به مختصرًا. ورواه (2537) أيضًا من طريق ابن جريج قال: أخبرني جعفر بن محمد به مختصرًا، وفيه "عليكم بالنسلان".
وقوله: "النسل" هو الإسراع في المشي.
3 - باب إرسال قريش أبا سفيان بن حرب إلى المدينة لتجديد العهد الذي كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم
-
قال ابن إسحاق: ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأخبروه بما أصيب منهم، وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس:"كأنكم بأبي سفيان وقد جاء ليشد العقد ويزيد في المدة" ومضى بديل بن ورقاء في أصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان، وقد بعثته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشد
العقد ويزيد في المدة، وقد رهبوا الذي صنعوا، فلما لقي أبو سفيان بديل بن ورقاء قال: من أين أقبلت يا بديل؟ فظن أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تسيرت في خزاعة في هذا الساحل، وفي بطن هذا الوادي، قال: أوما جئت محمدًا؟ قال: لا، فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان: لئن جاء بديل المدينة، لقد علف بها النوى، فأتى مبرك راحلته، فأخذ من بعرها ففته فرأى فيها النوى، فقال: أحلف بالله لقد جاء بديل محمدًا.
ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه، فقال: يا بنية! ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والله لقد أصابك بعدي شر. ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا، ثم ذهب إلى أبي بكر، فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه، فقال: أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله! لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به، ثم جاء فدخل على علي بن أبي طالب وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها، وعندها حسن بن علي غلام يدب بين يديهما فقال: يا علي! إنك أمس القوم بي رحمًا، وإني قد جئت في حاجة، فلا أرجعن كما جئت خائبًا، فاشفع لي إلى رسول الله، فقال: ويحك يا أبا سفيان! والله! لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة فقال: يا ابنة محمد! هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟ قالت: والله ما بلغ بني ذاك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا أبا الحسن! إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني، قال: والله! ما أعلم لك شيئًا يغني عنك شيئًا، ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك، قال: أوترى ذلك مغنيا عني شيئًا؟ قال: لا والله ما أظنه، ولكني ما أجد لك غير ذلك، فقام أبو سفيان في المسجد، فقال: أيها الناس! إني قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدًا فكلمته، فوالله! ما رد علي شيئًا، ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيرًا، ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو.
قال ابن هشام: أعدى العدو.
قال ابن إسحاق: ثم جئت عليًا فوجدته ألين القوم قد أشار علي بشيء صنعته، فوالله ما أدري هل يغني ذلك عني شيئا أم لا؟ قالوا: وبم أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس ففعلت، قالوا: فهل أجاز ذلك محمد؟ قال: لا. قالوا: ويلك والله! إن زاد الرجل على أن لعب بك، قال: لا والله ما وجدت غير ذلك. سيرة ابن هشام (2/ 395 - 397).
ورواه عبد الرزاق في المصنف (9739) مصرحًا فيه أن أبا سفيان قدم المدينة فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلم فلنجدّد بيننا وبينك كتابًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فنحن على أمرنا الذي كان، وهل
أحدثتم من حدث؟ " فقال أبو سفيان: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فنحن على أمرنا الذي كان بيننا" فلما لم يجد استجابة من النبي صلى الله عليه وسلم لتجديد الكتاب توجه إلى علي بن أبي طالب .. الخ ما ذكره. رواه عن معمر، عن عثمان الجزري عن مقسم، قال معمر: وكان يقال لعثمان الجزري المشاهد عن مقسم مولى ابن عباس قال: فذكره. وهو مرسل.
وقال موسى بن عقبة في فتح مكة: ثم إن بني نفاثة من بني الدئل أغاروا علي بني كعب، وهم في المدة التي بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش. وكانت بنو كعب في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت بنو نفاثة في صلح قريش، فأعانت بنو بكر بني نفاثة، وأعانتهم قريش بالسلاح والرقيق، واعتزلتهم بنو مدلج، ووفوا بالعهد الذي كانوا عاهدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي بني الدئل رجلان هما سيداهم؟ سلم بن الأسود، وكلثوم بن الأسود، ويذكرون أن ممن أعانهم صفوان بن أمية، وشيبة بن عثمان، وسهيل بن عمرو، فأغارت بنو الدئل علي بني عمرو، وعامتهم - زعموا نساء وصبيان وضعفاء الرجال - فألجئوهم وقتلوهم حتى أدخلوهم إلى دار بُديل بن ورقاء بمكة. فخرج ركب من بني كعب حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له الذي أصابهم وما كان من أمر قريش عليهم في ذلك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ارجعوا فتفرقوا في البلدان" وخرج أبو سفيان من مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخوف الذي كان، فقال: يا محمد! اشدد العقد وزدنا في المدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولذلك قدمت، هل كان من حدث قبلكم؟ ". فقال: معاذ الله نحن على عهدنا وصلحنا يوم الحديبية لا نغير ولا نبدل. فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى أبا بكر فقال: جدد العقد وزدنا في المدة. فقال أبو بكر: جواري في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم. ثم خرج فأتى عمر بن الخطاب فكلمه، فقال عمر بن الخطاب: ما كان من حلفنا جديد فأخلقه الله، وما كان منه متينًا قطعه الله، وما كان منه مقطوعا فلا وصله الله. فقال له أبو سفيان: جزيت من ذي رحم شرًّا. ثم دخل على عثمان فكلمه فقال عثمان: جواري في جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أتبع أشراف قريش يكلمهم، فكلهم يقول: عقدنا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما يئس مما عندهم دخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمها، فقالت: إنما أنا امرأة، وإنما ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لها: فأمري أحد ابنيك. فقالت: إنهما صبيان، وليس مثلهما يجير. قال: فكلمي عليا. فقالت: أنت فكلمه، فكلم عليا. فقال له: يا أبا سفيان! إنه ليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتات على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوار، وأنت سيد قريش وأكبرها وأمنعها، فأجر بين عشيرتك. قال: صدقت وأنا كذلك. فخرج فصاح: ألا إني قد أجرت بين الناس، ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد. ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد! إني قد أجرت بين الناس، ولا والله! ما أظن أن يخفرني أحد، ولا يرد جواري؟ فقال:"أنت تقول ذلك يا أبا حنظلة؟ ". فخرج أبو سفيان على ذلك فزعموا - والله أعلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين أدبر أبو سفيان: "اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلا بغتة، ولا يسمعوا بنا إلا فجأة". وقدم أبو سفيان مكة