الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب ترك الرماة الجبل الذي عيّنهم عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
-
• عن البراء بن عازب قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد - وكانوا خمسين رجلًا - عبد الله بن جبير فقال: إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، فهزموهم، قال: فأنا والله رأيت النساء يشددن، قد بدت خلاخلهن وأسوقهن، رافعات ثيابهن، فقال أصحاب ابن جبير: الغنيمة! أي قوم الغنيمة! ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة وسبعين أسيرًا وسبعين قتيلًا، فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرات، ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ ثلاث مرات ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسه فقال: كذبت والله يا عدو الله! إن الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك قال: يوم بيوم بدر، والحرب سجال، إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني، ثم أخذ يرتجز: أعل هبل، اعل هبل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا تجيبونه؟ " قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألا تجيبونه؟ " قال: قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا: "الله مولانا ولا مولى لكم".
صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (3039) عن عمرو بن خالد، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق (هو السبيعي) قال: سمعت البراء بن عازب يحدّث فذكره.
• عن ابن عباس أنه قال: ما نصر الله تبارك وتعالى في موطن كما نصر يوم أحد، قال: فأنكرنا فقال ابن عباس: بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله تبارك وتعالى، إن الله عز وجل يقول في يوم أحد:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} يقول ابن عباس: والحسُّ: القتل - {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} إلى قوله: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152] وإنما عنى بهذا الرماة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع، ثم قال: "احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل، فلا
تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا" فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأباحوا عسكر المشركين، أكبّ الرماة جميعًا، فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم هكذا، وشبّك بين أصابع يديه - والتبسوا، فلما أخلّ الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها، دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فضرب بعضهم بعضًا، والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول النهار، حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة، أو تسعة، وجال المسلمون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار، إنما كانوا تحت المهراس، وصاح الشيطان: قتل محمد، فلم يشكّ فيه أنه حق، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قتل، حتى طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين نعرفه بتكفئه إذا مشى، قال: ففرحنا كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال: فرقي نحونا، وهو يقول: "اشتد غضب الله على قوم دمّوا وجه رسوله" قال: ويقول مرة أخرى: "اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا" حتى انتهى إلينا. فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل: اعل هبل - مرتين، يعني آلهته - أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: يا رسول الله، ألا أجيبه؟ قال: "بلى" قال: فلما قال: اعل هبل، قال عمر: الله أعلى وأجلّ، قال: فقال سفيان: يا ابن الخطاب، إنه قد أنعمت عينها، فعاد عنها، أو فعال عنها، فقال: أين ابن أبي كبشة؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو بكر، وها أنا ذا عمر، قال: فقال سفيان: يوم بيوم بدر، الأيام دول، وإن الحرب سجال، قال: فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار، قال: إنكم لتزعمون ذلك، لقد خبنا إذًا وخسرنا، ثم قال أبو سفيان: أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلى، ولم يكن ذاك عن رأي سَراتنا، قال: ثم أدركته حمية الجاهلية، قال: فقال: أما إنه قد كان ذاك، لم يكرهه.
حسن: رواه أحمد (2609) والطبراني في الكبير (10731) والحاكم (2/ 296 - 297) كلهم من طريق سليمان بن داود، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن ابن عباس، فذكره. قال الحاكم: صحيح الإسناد.
قلت: إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف، أو لم يأت في حديثه ما ينكر عليه، لأنه تغير حفظه لما قدم بغداد فكان يضطرب كما قال الإمام أحمد.