الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 - باب استشارة النَّبِي صلى الله عليه وسلم في أسرى بدر
• عن ابن عباس قال: فلمّا أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: "ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله! هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قُوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ترى يا ابن الخطّاب؟ " قلت: لا، والله! يا رسول الله! ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنّا فنضرب أعناقهم، فتمكّن عليًا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكنّي من فلان (نسيبًا لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلمّا كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبكي للذي عرض عليّ أصحابك، من أخذهم الفداء، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة"(شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم) وأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] إِلَى قَولِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِبًا} [الأنفال: 69] فأحلّ الله الغنيمة لهم.
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (58: 1763) من طرق عن عكرمة بن عمار، حَدَّثَنِي أبو زميل سماك الحنفي، حَدَّثَنِي عبد الله بن عباس قال: حَدَّثَنِي عمر بن الخطّاب قال: فذكر الحديث بطوله كما هو مذكور في موضعه.
ورواه الإمام أحمد (208) عن أبي نوح قراد، قال: أخبرنا عكرمة بن عمار بإسناده أطول من هذا.
• عن ابن عمر قال: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسارى أبا بكر فقال: قومك وعشيرتك فخل سبيلهم، فاستشار عمر فقال: اقتلهم قال: فغداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] إِلَى قَولِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِبًا} [الأنفال: 69] قال: فلقي النَّبِي صلى الله عليه وسلم عمر قال: "كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء".
حسن: رواه الحاكم (2/ 329) عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر فذكره.
قال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال الذّهبي: على شرط مسلم.
قلت: وهو كما قال غير أن إبراهيم بن مهاجر البجلي وإن كان من رجال مسلم إِلَّا أنه مختلف فيه
فقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال ابن حبَّان: كثير الخطأ، ومشّاه الآخرون. وبه صار الإسناد حسنًا.
• عن أنس - وذكر رجلًا عن الحسن - قال: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر، فقال:"إنَّ الله قد أمكنكم منهم" قال: فقام عمر بن الخطّاب، فقال: يا رسول الله! اضرب أعناقهم، قال: فأعرض عنه النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: ثمّ عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيها الناس! إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس" قال: فقام عمر، فقال: يا رسول الله! اضرب أعناقهم، قال: فأعرض عنه النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قال: ثمّ عاد النَّبِي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر، فقال: يا رسول الله! نرى أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء، قال: فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم، قال: فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء، قال: وأنزل الله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68].
حسن: رواه أحمد (13555) عن علي بن عاصم، عن حميد، عن أنس فذكره.
ورُوي مرسلًا عن الحسن كما هو، إِلَّا أن الراوي عن الحسن لم يُسم.
وإسناده حسن من أجل علي بن عاصم هو ابن صُهيب الواسطي وهو ضعيف عند أكثر أهل العلم إِلَّا أن العجلي وثّقه، وكان أحمد لا يرى بأسًا بالرواية عنه.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حَدَّثَنِي أبي قال: قال وكيع وذكر علي بن عاصم فقال: خذوا من حديثه ما صحّ ودعوا ما غلط، أو ما أخطأ فيه.
قال عبد الله: "كان أبي يحتج بهذا ويقول: كان يغلط ويخطئ، وكان فيه لجاج، ولم يكن متهما بالكذب".
وهذا الحديث مما لم يخطئ فيه.
وبمعناه ما رُوي عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ " قال: فقال أبو بكر: يا رسول الله! قومك وأهلك، استبقهم، واستأن بهم، لعل الله أن يتوب عليهم، قال: وقال عمر: يا رسول الله! أخرجوك وكذبوك، قربهم فاضرب أعناقهم، قال: وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله! انظر واديًا كثير الحطب، فأدخلهم فيه، ثمّ أضرم عليهم نارًا، قال: فقال العباس: قطعت رحمك، قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يردّ عليهم شيئًا، قال: فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. قال: فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنَّ الله ليلين قلوب الرجال فيه، حتَّى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشد قلوب رجال فيه، حتَّى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام، قال:{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] ومثلك يا
أبا بكر كمثل عيسى قال: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال: {وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] وإن مثلك يا عمر كمثل موسى قال: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] أنتم عالة فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق".
قال عبد الله: فقلت: يا رسول الله، إلا سهيل ابن بيضاء، فإني قد سمعته يذكر الإسلام، قال: فسكت قال: فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع عليّ حجارة من السماء في ذلك اليوم حتى قال: "إلا سهيل ابن بيضاء" قال: فأنزل الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 67 - 68].
رواه أحمد (3632) عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود فذكره.
ورواه الترمذي (1714)، (3084) من طريق أبي معاوية به، إلا أنه لم يذكر القصة بطولها.
ورواه أحمد (3634) عن حسين - يعني ابن محمد - حدثنا جرير - يعني ابن حازم - عن الأعمش
…
فذكر نحوه. إلا أنه قال: فقام عبد الله بن جحش، فقال: يا رسول الله! أعداء الله، كذبوك، وآذوك، وأخرجوك، وقاتلوك، وأنت بواد كثير الحطب، فاجمع لهم حطبًا كثيرًا، ثم أضرمه عليهم، وقال: سهل بن بيضاء.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
وكذلك جزم غير واحد من أهل العلم بأنه لم يسمع من أبيه، بل وقد صرّح هو بنفسه بأنه لم يسمع من أبيه، ولكن قال بعض أهل العلم: إنه حديث أهل البيت ولم يأت في حديثه ما ينكر عليه.
وللحديث طرق أخرى عن ابن مسعود، لكنها أشد ضعفًا من هذه.
وقوله (سهيل ابن بيضاء) كذا في حديث أبي معاوية، وجاء في حديث جرير بن حازم:(سهل ابن بيضاء) وهذا هو الصواب.
قال ابن سعد في الطبقات (4/ 231): "والذي روى هذه القصة في سهيل ابن بيضاء قد أخطأ، سهيل ابن بيضاء أسلم قبل عبد الله بن مسعود ولم يستخف بإسلامه، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما لا شك فيه، فغلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أخيه، لأن سهيلا أشهر من أخيه سهل، والقصة في سهل، وأقام سهل بالمدينة بعد ذلك، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بعض المشاهد، وبقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ
وقوله: (عبد الله بن رواحة) كذا جاء في حديث أبي معاوية، وجاء في حديث جرير: (عبد الله