الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدينة، فنزلت بقباء، فولدته بقباء، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل في فيه. فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حنّكه بتمرة، ثم دعا له، وبرّك عليه. وكان أول مولود ولد في الإسلام.
متفق عليه: رواه البخاري في مناقب الأنصار (3905) ومسلم في الآداب (26: 2146) كلاهما من حديث أبي أسامة، عن هشام (هو ابن عروة)، عن أبيه، عن أسماء فذكرته.
12 - باب اجتماع قريش لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم قبل الخروج
قال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
قال ابن إسحاق: وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين، ينتظر أن يؤذن له في الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد إلا من حبس أو فُتن إلا علي بن أبي طالب، وأبو بكر بن أبي قحافة.
وكان أبو بكر كثيرًا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، فيقول له:"لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبًا". فيطمع أبو بكر أن يكونه، فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم نزلوا دارًا وأصابوا منهم منعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب، التي كانت قريش لا تقضي أمرًا إلا فيها - يتشاورون فيما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
• عن ابن عباس قال: إن نفرًا من قريش من أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، فاعترضهم إبليس في سورة شيخ جليل، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: شيخ من نجد، سمعت أنكم اجتمعتم فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح، قالوا: أجل، ادخل، فدخل معهم، فقال: انظروا شأن هذا الرجل، والله! ليوشكن أن يواثبكم في أموركم بأمره، قال: فقال قائل: احبسوه في وثاق، ثم تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء، زهير والنابغة إنما هو كأحدهم. قال: فصرخ عدو الله الشيخ النجدي، فقال: والله! ما هذا لكم برأي، والله! ليخرجنه ربه من محبسه إلى أصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم فيمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم، قالوا: فانظروا غير هذا، قال: فقال قائل: أخرجوه من بين أظهركم تستريحوا منه، فإنه إذا خرج لن يضرّكم ما صنع وأين وقع، إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم، وكان أمره في غيركم، فقال الشيخ النجدي: والله! ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة قوله، وطلاقة
لسانه، وأخذ القلوب ما تسمع من حديثه؟ والله! لئن فعلتم ثم استعرض العرب، لتجتمعن عليكم، ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم، قالوا: صدق والله، فانظروا رأيا غير هذا، قال: فقال أبو جهل: والله! لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره، قالوا: وما هو؟ قال: نأخذ من كل قبيلة غلامًا وسيطًا شابًّا نهدًا، ثم يعطى كل غلام منهم سيفًا صارمًا، ثم يضربونه، ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرّق دمه في القبائل كلها، فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلها، فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا، وقطعنا عنا أذاه. فقال الشيخ النجدي: هذا والله الرأي، القول ما قال الفتى، لا أرى غيره، قال: فتفرقوا على ذلك وهم مُجْمِعون له. قال: فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره ألا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه تلك الليلة، وأذن الله له عند ذلك بالخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة الأنفال، يذكره نعمه عليه، وبلاءه عنده:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30] وأنزل في قولهم: تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30] وكان يسمى ذلك اليوم: يوم الزحمة للذي اجتمعوا عليه من الرأي.
حسن: رواه الطبري في تفسيره (11/ 135، 134) عن سعيد بن يحيى الأموي قال: ثني أبي، قال: ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس فذكره.
وهذا الإسناد رجاله ثقات سوى محمد بن إسحاق وهو صدوق حسن الحديث لكنه مدلس وقد عنعن، وقد زالت شبهة تدليسه لكونه قد صرح بالتحديث في رواية أخرى عند الطبري في تاريخه (2/ 370) فقال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة قال: حدثني محمد بن إسحاق قال: حدثني عبيد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج عن ابن عباس، فذكره.
والحديث ساقه ابن هشام عن ابن إسحاق فزاد في الإسناد رجلا فقال: "قال ابن إسحاق: فحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر أبي الحجّاج وغيره ممن لا أتهم عن عبد الله بن عباس به: سيرة ابن هشام (1/ 480)؛ فإن كان الإسناد محفوظًا فلعل ابن إسحاق سمعه من ابن أبي نجيح بواسطة ثم سمعه منه مباشرة من غير واسطة.
ويؤيده مرسل قتادة المخرج في مصنف عبد الرزاق (5/ 389) عن معمر عنه به نحوه، ورجاله ثقات.
وذكر موسى بن عقبة، عن الزهري قال: "ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحج بقية ذي الحجة، والمحرم، وصفر، ثم إن مشركي قريش اجتمعوا أن يقتلوه أو يخرجوه حين ظنوا أنه خارج،