الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحمل الحديثان على أنهما في وقتين مختلفين فكان يلبسه تارة في اليمين وتارة في اليسرى. وهذا أولى من تضعيف أحدهما.
8 - باب لبسه الخاتم في خنصره
• عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من فضة، ونقش فيه محمد رسول الله، وقال للناس:"إني اتخذت خاتمًا من فضة، ونقشت فيه محمد رسول الله، فلا ينقش أحد على نقشه".
قال أنس: فإني لأرى بريقه في خنصره.
متفق عليه: رواه البخاري في اللباس (5876، 5874) ومسلم في اللباس (2092) كلاهما من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: فذكره.
9 - باب طرح الخاتم عند دخول الخلاء إذا كان فيه اسم الجلالة
روي عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه. إلا أنه منكر.
رواه أبو داود (19) والترمذي (1746) والنسائي (5213) وابن ماجه (303)، وابن حبان (1413)، والحاكم (1/ 187) كلهم من طرق عن همّام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، فذكره.
قال الترمذي: "حسن صحيح غريب"، وفي بعض النسخ:"حسن غريب".
قلت: وإسناده ظاهره الصحة، فإن رجاله كلهم ثقات، لكن الأئمة أعلوه فقال أبو داود عقبه: هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم:"اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه"، والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام". اهـ.
ونقله عنه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 95) وقال: "هذا هو المشهور عن ابن جريج دون حديث همام". اهـ.
وقال النسائي في السنن الكبرى (5/ 456): "هذا الحديث غير محفوظ".
وأعله الدارقطني بالاختلاف على ابن جريج، فقال في العلل (12/ 175 - 176): "رواه همام بن يحيى ويحيى بن المتوكل ويحيى بن الضريس عن ابن جريج
…
ورواه عبد الله بن الحارث المخزومي، وحجاج، وأبو عاصم، وهشام بن سليمان، وموسى بن طارق، عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب، فاضطرب الناس الخواتيم، فرمى به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:"لا ألبسه أبدًا" قال: "وهو المحفوظ، وهو الصحيح عن ابن جريج". اهـ.
فتبين من كلام الدارقطني أن همامًا لم يتفرد به عن ابن جريج خلافًا لما قاله أبو داود، بل تابعه يحيى بن المتوكل، ويحيى بن الضريس فأما رواية ابن المتوكل فأخرجها الحاكم (1/ 187) وعنه
البيهقي (1/ 95) من طريق يعقوب بن كعب الأنطاكي، ثنا يحيى بن المتوكل البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتمًا نقشه: محمد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه".
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وأما البيهقي فضعّفه بقوله: هذا شاهد ضعيف.
قال الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح (ص 89): "وكأن البيهقي ظن أن يحيى بن المتوكل هو أبو عقيل صاحب بهية، وهو ضعيف عندهم، وليس هو بهية وإنما هو باهلي يكنى أبا بكر ذكره ابن حبان في الثقات، ولا يقدح فيه قول ابن معين: "لا أعرفه" فقد عرفه غيره. وروى عنه نحو من عشرين نفسًا إلا أنه اشتهر تفرد همام به عن ابن جريج". اهـ.
قلت: لكن قال ابن حبان بعد أن ذكره في ثقات أتباع التابعين (7/ 612): وكان يخطئ، ومن أجل ذلك قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ.
وأما رواية يحيى بن الضريس البجلي، فعزاها الحافظ في "التلخيص"(1/ 108) للحاكم والدارقطني، ولم أجدها فيهما، ولم يذكرها الحافظ نفسه في الإتحاف (2/ 289) في مسند أنس من رواية محمد بن مسلم الزهري عنه. ويحيى بن الضريس ثقة من رجال مسلم، له ترجمة في تهذيب الكمال.
وأما حديث ابن جريج الآخر الذي أشار إليه أبو داود والدارقطني، فهو ما يرويه مسلم في الزينة واللباس (60: 2093) من طريق روح، أخبرنا ابن جريج، أخبرني زياد (بن سعد)، أن ابن شهاب أخبره، أن أنس بن مالك أخبره، أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا "من ورق" يومًا واحدًا، ثم إن الناس اضطربوا الخواتيم "من ورق"، فلبسوها، فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم.
وذكر الخاتم فيه من ورق وهمٌ، وهِمَ فيه الزهري، قال البيهقي في السنن (4/ 143):"ذكر "الورق" في هذه القصة وهم سبق إليه لسان الزهري، ومثله أيضا عند البخاري (5868) من طريق يونس، عن ابن شهاب "من ورق"، ولكن الصحيح: "خاتما من ذهب" كما رواه ابن حبان (5492) فإنه رواه أيضا عن ابن جريج بإسناده، ويؤيده ما رواه ابن عمر كما هو مذكور في كتاب اللباس.
فعُلمَ بهذا أن ابن جريج لم يسمع حديث "وضع الخاتم عند إرادة دخول الخلاء" من الزهري، لذا رواه عنه بالعنعنة، ولم يأت في جميع طرقه التصريح بالسماع، وهو معروف بالتدليس عن الضعفاء والمتروكين. لذا أعل الأئمة الحفاظ حديثه بالنكارة على خلاف بينهم في وجه الإعلال، وصحّحوا حديثه الآخر الذي يرويه عن الزهري بواسطة زياد بن سعد، وقد صرّح فيه بالتحديث.
ويظهر منه أن من نظر إلى ظاهر الإسناد، ولم يلتفت إلى تدليس ابن جريج صحّح هذا الحديث منهم الترمذي وابن حبان والحاكم، وابن الملقن وغيرهم، بأنهما حديثان صحيحان، وتوقّف الحافظ ابن حجر عن قبول هذا الحديث لعدم تصريح ابن جريج بالسماع وقال: "ولا علة عندي إلا تدليس