الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: هي: "صدوقة" روى عنها جماعة ووثّقه ابن حبان وأخرج لها مسلم.
8 - باب إنشاد الشعر والرجز في غزوة الخندق لأجل الأعمال والتنشيط
• عن البراء قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره، - وكان رجلًا كثير الشعر - وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة.
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
…
وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الأعداء قد بغوا علينا
…
إذا أرادوا فتنة أبينا
يرفع بها صوته.
متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد والسير (3034) من طريق أبي الأحوص، ومسلم في الجهاد والسير (125: 1803) من طريق شعبة - كلاهما عن أبي إسحاق، عن البراء، فذكره واللفظ للبخاري.
وفي المصادر الأخرى: "ينقل في زنبيل" بكسر الزاي ونون ساكنة.
9 - مدة حفر الخندق
وأما مدة حفر الخندق فاختلف أهل السير والمغازي اختلافًا كثيرًا، فقال ابن سعد: فرغوا من حفره في ستة أيام، وقال القسطلاني في المواهب اللدنية (1/ 451 - 452)"وقد وقع عند موسى بن عقبة أنهم أقاموا في عمل الخندق قريبًا من عشرين ليلة"، وعند الواقدي: أربعًا وعشرين، وفي الروضة للنووي: خمسة عشر يومًا. وفي الهدي النبوي لابن القيم: أقاموا شهرًا.
والذي أراه صوابا ما ذكره الحافظ ابن القيم، لأن مسافة الخندق قدرتْ باثنتي عشر ألف ذراع، ومن المستبعد حفر هذه المسافة في أقل من شهر.
10 - المعجزات التي ظهرت أثناء حفر الخندق
• عن جابر بن عبد الله قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصًا شديدًا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصًا شديدًا، فأخرجت إلي جرابًا فيه صاع من شعير، ولنا بُهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغتْ إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بُهيمة لنا وطحنا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أهل الخندق إن جابرًا قد صنع سورا، فحي هلا بكم". فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم: "لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينتكم حتَّى أجيء". فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتَّى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلت الذي قلت، فأخرجت له عجينًا فبصق فيه وبارك، ثمّ عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثمّ قال:"ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها". وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتَّى تركوه وانحرفوا، إن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4102) ومسلم في الأشربة (141: 2039) كلاهما من طريق أبي عاصم الضَّحَّاك بن مخلد بن حنظلة بن أبي سفيان، أخبرنا سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: فذكره.
قوله: "خمصًا" أي جوعًا والخمص خلاء البطن من الطعام.
قوله: "جِرابًا" وعاء يحفظ فيه الزاد ونحوه.
قوله: "حي هلا بكم" هي كلمة استدعاء فيها حث، أي هلموا مسرعين.
ورواه البيهقيّ في الدلائل (3/ 422 - 423) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر به أطول من هذا وجاء فيه قول جابر: فاستحييت حياءً حتَّى لا يعلمه إِلَّا الله، فقلت لامرأتي: ثكلتك أمك، وقد جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أجمعون، فقالت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سألك عن الطعام؟ قلت: نعم، قالت: الله ورسوله أعلم قد أخبرته بما كان عندك، فذهب عني بعض ما كنت أجد، قلت: لقد صدقت.
وقال في آخره: وأخبرني أنهم كانوا ثمان مائة أو ثلاثمائة.
قوله: "وهم ألف": هو الصَّحيح لأن فيه زيادة العلم، ولا يحتمل على التعدد، لأن القصة وقعت مرة واحدة.
• عن جابر قال: إنا يوم الخندق نحفر، فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال:"أنا نازل". ثمّ قام وبطنه معصوب بحجر، ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقا، فأخذ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم المعول فضرب في الكدية، فعاد كثيبًا أهيل، أو أهيم، فقلت: يا رسول الله! ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئًا ما كان في ذلك صبر، فعندك شيء؟ قالت: عندي شعير وعناق، فذبحت العناق، وطحنت الشعير حتَّى جعلنا اللحم في البرمة، ثمّ جئت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج، فقلت: طعيم لي، فقم أنت يا رسول ورجل أو رجلان، قال:"كم هو؟ ". فذكرت له، قال:"كثير طيب، قال: قل لها: لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتَّى آتي، فقال: قوموا". فقام
المهاجرون والأنصار، فلمّا دخل على امرأته قال: ويحك جاء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم، قالت: هل سألك؟ قلت: نعم، فقال:"ادخلوا ولا تضاغطوا". فجعل يكسر الخبز، ويجعل عليه اللحم، ويخمر البرمة والتنور إذا أخذ منه، ويقرب إلى أصحابه ثمّ ينزع، فلم يزل يكسر الخبز، ويغرف حتَّى شبعوا وبقي بقية، قال:"كلي هذا وأهدي، فإن الناس أصابتهم مجاعة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (4101) عن خلَّاد بن يحيى حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه قال: أتيت جابرًا فقال: فذكره.
ورواه أحمد (14220) عن وكيع، حَدَّثَنَا عبد الواحد بن أيمن وجاء فيه: لما حفر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الخندق أصابهم جهد شديد حتَّى ربط النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم على بطنه حجرًا من الجوع.
قوله: "كثيبًا أهيم": معناه أنه صار رملًا يسيل ولا يتماسك، وأهيم بمعني أهيل.
قوله: "فقلت لامرأتي" اسمها سهلة بنت مسعود بن أوس الأنصارية رضي الله عنها.
وقوله: "البرمة" هي القدر.
وقوله: "بين الأثافي "جمع الأثفية، وهي الحجارة التي تنصب وتوضع عليها القدر وهي ثلاثة.
وقوله: "تضاغطوا": أي تزدحموا.
• عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق، عرضت لهم صخرة حالت بينهم، وبين الحفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ المعول، ووضع رداءه ناحية الخندق وقال:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 115] فندر ثلث الحجر، وسلمان الفارسي قائم ينظر، فبرق مع ضربة رسول الله صلى الله عليه وسلم برقة، ثمّ ضرب الثانية وقال:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 115] فندر الثلث الآخر، فبرقت برقة، فرآها سلمان، ثمّ ضرب الثالثة وقال:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام: 115]، فندر الثلث الباقي، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رداءه وجلس. قال سلمان يا رسول الله! رأيتك حين ضربت ما تضرب ضربة، إِلَّا كانت معها برقة؟ ! قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا سلمان، رأيت ذلك؟ " فقال: أي والذي بعثك بالحق يا رسول الله! قال: "فإني حين ضربت الضربة الأولى، رفعت لي مدائن كسرى وما حولها، ومدائن كثيرة، حتَّى رأيتها بعيني". قال له من حضره من أصحابه: يا رسول الله! ادع الله أن يفتحها علينا، ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم. فدعا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. ثمّ ضربت الضربة الثانية فرفعت لي مدائن قيصر وما حولها، حتَّى رأيتها بعيني" قالوا: يا رسول الله! ادع الله أن يفتحها علينا، ويغنمنا ديارهم، ويخرب بأيدينا بلادهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. ثمّ ضربت الثالثة، فرفعت لي مدائن الحبشة وما حولها من القرى، حتَّى رأيتها بعيني" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: ادعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم".
حسن: رواه النسائيّ (3176) عن عيسى بن يونس، قال: حَدَّثَنَا ضمرة، عن أبي زرعة السيباني، عن أبي سكينة رجل من المحررين، عن رجل من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فذكره.
ورواه أبو داود (4302) عن عيسى بن محمد الرملي، عن ضمرة بإسناده مقتصرا على لفظ:"دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم".
إسناده حسن من أجل ضمرة وهو ابن ربيعة الفلسطيني فإنه حسن الحديث، وأبو سكينة هو الحمصي، قيل اسمه محلّم مختلف في صحبته كما في "التقريب".
وأمّا المزي فقال في "تهذيبه" رُوي عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وعن رجل عن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ذكر من الرواة عنه بلال بن سعد، ويحيى بن أبي عمرو السيباني.
ولكن قصة إبصار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يذكرها البخاريّ في حديث جابر لأنها ليست على شرطه وهي زيادة حسنة.
ويشهد له على ذلك حديث البراء بن عازب رواه أحمد (18694) وأبو يعلى (1685) وأبو نعيم في دلائل النبوة (430) كلّهم من حديث عوف عن أبي عبد الله ميمون، عن البراء، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق قال: عرض لنا صخرة لا تأخذ فيها المعاول، فشكوا ذلك إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: فأخذ المعول قال: وأحسبه قال: وضع ثوبه - فضرب ضربة وقال: "بسم الله" فكسر ثلث الصخرة، ثمّ قال:"الله أكبر! أعطيت مفاتيح الشام، إني لأنظر إلى قصورها الحمر من مكاني هذا" ثمّ قال: "بسم الله" وضرب أخرى فكسر ثلثها، وقال: الله أكبر! أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأنظر إلى المدائن وقصرها الأبيض من مكاني هذا" ثمّ قال:"بسم الله" وضرب أخرى فكسر بقية الحجر وقال: "الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأنظر إلى مفاتيح صنعاء من مكاني هذا" وإسناده ضعيف من أجل أبي عبد الله ميمون البصري الكندي، ويقال: القرشي فإنه ضعيف باتفاق أهل العلم، قال يحيى بن معين: لا شيء، وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، وذكره ابن حبَّان في الثّقات وقال: كان يحيى القطان سيء الرأي فيه.
إِلَّا أن الحافظ ابن حجر حسن إسناده في الفتح (7/ 397) وذكر له شاهدا آخر من حديث كثير
بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني قال: حَدَّثَنِي أبي، عن أبيه.
رواه البيهقيّ في الدلائل (3/ 418) وجاء فيه: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق عام الأحزاب
…
فقطع أربعين ذراعًا بين كل عشرة. وجاء فيه: فهبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سلمان في الخندق، ورقينا عن الشقة في شقة الخندق.
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المعول من سلمان فضرب الصخرة ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاء ما بين لابتيها - يعني لابتي المدينة، حتَّى لكأن مصباحًا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون.
ثمّ ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية، فصدعها وبرق منها برقة أضاء لها ما بين لابتيها حتَّى لكأن مصباحًا في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، وكبر المسلمون.
ثمّ ضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالثة، فكسرها، وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، حتَّى لكأن مصباحًا في جوف بيت مظلم، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة فتح، فكبر المسلمون.
ثمّ أخذ بيد سلمان فرقيَ فقال سلمان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! لقد رأيت شيئًا ما رأيته قطّ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القوم، فقال: هل رأيتم ما يقول سلمان؟ قالوا: نعم يا رسول الله! بأبينا أنت وأمنا، قد رأيناك تضرب، فخرج برق كالموج فرأيناك تكبر، ولا نرى شيئًا غير ذلك، فقال: صدقتم، ضربت ضربتي الأولى، فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، كأنّها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها.
ثمّ ضربت ضربتي الثانية، فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنّها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها.
ثمّ ضربت ضربتي الثالثة فبرق منها الذي رأيتم، أضاءت منها قصور صنعاء كأنّها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها، فأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر، وأبشروا يبلغهم النصر.
فاستبشر المسلمون، وقالوا: الحمد لله موعود صادق بأن الله وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب، فقال المسلمون:{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
وقال المنافقون: ألا تعجبون: يحدثكم ويمنيكم، ويعدكم بالباطل، يخبركم أنه بصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإنها تفتح لكم، وأنتم تحفرون الخندق، ولا تستطيعون أن تبرزوا! !
وأنزل القرآن: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12].
وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ضعيف باتفاق أهل العلم.
وله شاهد آخر عن عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه.
قال الهيثميّ في "المجمع"(6/ 131) أخرجه الطبرانيّ بإسنادين في أحدهما حيي بن عبد الله وثّقه ابن معين وضعّفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصَّحيح.