الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس، وعروة بن الزُّبير قالا: فذكر القصة نحوه.
وحسين بن عبد الله الهاشمي المدني ضعيف عند جمهور أهل العلم إِلَّا أنه لم يتهم، ولذا قال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه.
وقد رواه أيضًا البيهقيّ في دلائله (3/ 103 - 104) عن موسى بن عقبة قال: قال ابن شهاب فذكر القصة.
ورواه الطبرانيّ في الكبير (24/ 346 - 347) عن محمد بن عمرو بن الحمرانيّ، ثنا أبي، ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: فذكر القصة.
فهذان المرسلان - أعني مرسل عروة بن الزُّبير، ومرسل ابن شهاب - مع اختلاف مخارجها يقويان الموصول.
وأورده الهيثميّ في "المجمع"(6/ 71) وقال: رواه الطبرانيّ مرسلًا، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وحديثه حسن".
ونحن نضعف حديث ابن لهيعة إذا لم يرو عنه أحد العبادلة أو قُتَيبة بن سعيد.
فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل، وساقوا مائة فرس، ولم يتركوا كارهًا للخروج يظنون أنه في صغْو محمد وأصحابه، ولا مسلمًا يعلمون إسلامه، ولا أحدًا من بني هاشم إِلَّا من لا يتهمون إِلَّا أشخصوه معهم، فكان ممن أشخصوا العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب في آخرين فساروا حتَّى نزلوا الجحفة. دلائل البيهقى (3/ 105).
وكان أبو سفيان اختار طريق الساحل غربًا حتَّى نجا من خطر المسلمين.
قال ابن إسحاق: ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره، أرسل إلى قريش: إنكم إنّما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجّاها الله، فارجعوا فقال أبو جهل بن هشام: والله لا نرجع حتَّى نرد بدرًا - وكان بدر موسمًا من مواسم العرب - يجتمع لهم به سوق كل عام - فنقيم عليه ثلاثًا، فننحر الجزر، ونطعم الطعام، ونُسقي الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدًا بعدها فامضوا.
سيرة ابن هشام (1/ 618 - 619)
4 - باب مشورة النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة الراهنة
والمراد بالطائفتين: إحداهما عير أبي سفيان، والأخرى جيش قريش.
• عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثمّ تكلم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة فقال: إيانا تريد؟ يا رسول الله! والذي نفسي بيده! لو أمرتنا أن نُخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فانطلقوا حتَّى نزلوا بدرًا، ووردت عليهم روايا قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه؟ فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال ذلك، ضربوه، فقال: نعم، أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه، فسألوه فقال: ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس، فإذا قال هذا أيضًا ضربوه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فلمّا رأى ذلك انصرف، قال:"والذي نفسي بيده! لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم".
قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا مصرع فلان" قال: ويضع يده على الأرض، ههنا وههنا. قال: فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (1779: 83) عن أبي بكر بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا عفّان، حَدَّثَنَا حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.
قوله: "راويا قريش" أي إبلهم التي كانوا يستقون عليها.
قوله: "فما ماط أحدهم" أي تباعد.
وذكر ابن إسحاق: أن الذي قال ذلك هو سعد بن معاذ ونقل مقالته وهي قوله: "فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا. إنا لصُبْر في الحرب، صُدْق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله".
فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشّطه ذلك ثمّ قال:"سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني بإحدى الطائفتين، والله كأني الآن أنظر إلى مصارع القوم". السيرة لابن هشام (1/ 615)
وسعد بن معاذ هو الأشهلي الأنصاري سيد الأوس شهد بدرًا بدون خلاف.
وأمّا سعد بن عبادة فهو الأنصاري الخزرجي أحد النقباء اختلف في شهوده بدرًا. فأثبت مسلم، والبخاري في التاريخ الكبير وكذلك ذكره الواقدي والمدائني وابن الكلبي وأبو أحمد الحافظ في
كتابه الكنى. ولم يذكره ابن عقبة ولا ابن إسحاق. انظر "الاستيعاب".
قلت: إن ثبت شهود سعد بن عبادة بدرًا فلعل القائل هو سعد بن معاذ، ثمّ تلاه سعد بن عبادة، لأن كلا منهما من رؤساء الأنصار.
• عن أنس قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر خرج، فاستشار الناس، فأشار عليه أبو بكر، ثمّ استشارهم فأشار عليه عمر، فسكت، فقال رجل من الأنصار: إنّما يريدكم، فقالوا: يا رسول الله! والله لا نكون كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكن والله لو ضربت أكبادها حتَّى تبلغ برك الغماد لكنا معك.
صحيح: رواه أحمد (12022)، وأبو يعلى (3803) وعنه ابن حبَّان (4721) كلاهما من طرق عن حميد الطّويل، عن أنس فذكره.
وقوله: "أكبادها": أي أكباد الإبل.
وقوله: "الغِماد": بضم الغين وكسرها، بلد في أقصى اليمن، وقيل غير ذلك.
• عن ابن مسعود قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا لأن أكون صاحبه أحبّ إلي ممّا عدل به: أتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا} [المائدة: 24]، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك، فرأيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسرّه، يعني قوله.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (3952) عن أبي نعيم (الفضل بن دكين) حَدَّثَنَا إسرائيل (هو ابن يونس) عن مُخارق (هو ابن عبد الله بن جابر البجلي) عن طارق بن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: فذكره.
وفي الباب ما رُوي عن محمد بن عمرو الليثي، عن أبيه، عن جده قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر حتَّى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: "كيف ترون؟ " قال أبو بكر: يا رسول الله بلغنا أنهم بكذا وكذا، قال: ثمّ خطب الناس فقال: "كيف ترون؟ " فقال عمر مثل قول أبي بكر.
ثمّ خطب فقال: "كيف ترون؟ " فقال سعد بن معاذ: إيانا تريد؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب، ما سلكتها قطّ ولا لي بها علم، ولئن سرت حتَّى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك، ولا نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له، فصِل حبالَ من شئت، واقطع حبال من شئت، وسالم من شئت، وعادِ من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت.