الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأقوات إلا خفية".
أي من سنة سبع من المبعث إلى السنة العاشرة من المبعث قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين.
وذكر أصحاب السير: ثم قام بنقض الصحيفة نفر من أشدهم في ذلك صنيعا هشام بن عمرو بن الحارث، وزهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وزمعة بن الأسود، وأبو البختري بن هشام بن الحارث، وكان تربطهم ببني هاشم والمطلب صلات رحم.
27 - وفاة أبي طالب ناصر النبي صلى الله عليه وسلم وزوجته الشفيقة خديجة رضي الله عنها في السنة العاشرة من البعثة
قال ابن إسحاق: ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلك خديجة، وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها، وبهلك عمه أبي طالب، وكان له عضدًا وحرزًا في أمره، ومنعة وناصرًا على قومه. وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين. فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابًا. السيرة لابن هشام (1/ 416) وقال البيهقي في الدلائل (2/ 353، 352) بلغني أن خديجة توفيت بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام. ذكره أبو عبد الله ابن مندة في كتاب "المعرفة" وشيخنا أبو عبد الله الحافظ.
قلت: وذلك بعد خروجهم من الشعب بحوالي تسعة أشهر في آخر السنة العاشرة من المبعث. وقيل: قبله.
وأما ما ذكره ابن إسحاق في حضور رؤساء قريش عند وفاة أبي طالب فهو ضعيف. وإليكم سياقه كاملًا.
قال ابن إسحاق: "لما اشتكى أبو طالب، وبلغ قريشًا ثقله، قالت قريش بعضها لبعض: إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب، فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا، فإنا والله! ما نأمن أن يبتزّونا أمرنا.
قال ابن إسحاق: "وحدثني العباس بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس قال: لما مشوا إلى أبي طالب وكلموه - وهم أشراف قومه، عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب - في رجال من أشرافهم، فقالوا: يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى وتخوّفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه لنا منه وخذ له منا، ليكف عنا ولنكف عنه، وليدعنا وديننا، ولندعه ودينه، فبعث إليه أبو طالب، فجاءه فقال: يا ابن أخي، هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا لك، ليعطوك وليأخذوا منك. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم، كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم" فقال أبو جهل: نعم وأبيك، عشر كلمات. قال: "تقولون: لا إله إلا الله. وتخلعون ما
تعبدون من دونه".
قال: فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا: يا محمد! أتريد أن تجعل الآلهة إلها واحدًا؟ إن أمرك لعجب؟ قال: ثم قال بعضهم لبعض: إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئًا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه. ثم تفرقوا. قال: فقال أبو طالب! والله يا ابن أخي! ما رأيتك سألتهم شططًا. قال: فطمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فجعل يقول له:"أي عم، فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة" قال: فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن أخي، والله! لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي، وأن تظنّ قريش أني إنما قلتها جزعًا من الموت لقلتها، لا أقولها إلا لأسُرك بها. قال: فلما تقارب من أبي طالب الموتُ قال: نظر العباس إليه يحرك شفتيه، قال: فأصغى إليه بأذنه. قال: فقال: يا ابن أخي! والله! لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم أسمع". قال: وأنزل الله تعالى في أولئك الرهط {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2)} [ص: 1، 2].
سيرة ابن هشام (1/ 417) وفي الإسناد رجل مبهم لم يسم.
ورواه الإمام أحمد (2008) والترمذي (3232) وابن حبان (6686) كلهم من حديث يحيى بن سعيد، عن سفيان، حدثني سليمان الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مختصرًا. وليس فيه ذكر قول العباس.
قال الترمذي: "حسن صحيح". وفي نسخة: "حسن" فقط.
وكذلك رواه الثوري، عن الأعمش بدون ذكر قول العباس
رواه البيهقي في الدلائل (2/ 345).
وفي أسانيدهم يحيى بن عمارة، ويقال له: عباد بن جعفر مجهول لم يوثّقه غير ابن حبان. ولذا قال الحافظ في التقريب "مقبول".
ثم قول العباس: "يا ابن أخي والله! لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها" يخالف لما ثبت في الصحيح.
• عن العباس بن عبد المطلب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك. قال:"هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار".
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (3883)، ومسلم في الإيمان (209) كلاهما من حديث سفيان، حدثنا عبد الملك، حدثنا عبد الله بن الحارث، حدثنا العباس بن عبد المطلب، فذكره.
وفي رواية: "وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح".
وضحضاح: هو ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، يعني هو في النار تبلغ
إلى كعبيه، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار: أي قعر جهنم وأقصى أسفلها.
• عن المسيب بن حزن قال: لما حضر أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: "يا عم! قل لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله". فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب! أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه. ويعودان بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب. وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما والله! لأستغفرن لك ما لم أُنهَ عنك". فأنزل الله تعالى {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)} [التوبة: 113] وأنزل في أبي طالب: فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} [القصص: 56].
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (4772) ومسلم في الإيمان (24) كلاهما من حديث ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبيه، فذكره.
هكذا قال ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة وغيرهم أيضًا أنها نزلت في أبي طالب حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: لا إله إلا الله فأبى أن يقولها وقال: هو على ملة الأشياخ، وكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه: "قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة". قال: لولا تُعيّرني قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزعُ لأقررت بها عينك، فأنزل الله:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} [القصص: 56].
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (25) من وجهين عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، فذكره.
• عن أبي سعيد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذُكر عنده عمه فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيُجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغُه".
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (3385) ومسلم في الإيمان (210) من حديث الليث بن سعد، حدثنا ابن الهاد، عن عبد الله بن خبَّاب عن أبي سعيد، فذكره. وفي رواية:"تغلي منه أمُّ دماغه".
• عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو