الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع ما جاء في الأحداث التي بين غزوة مؤتة وبين غزوة فتح مكة
1 - باب سرية ذات السلاسل
كانت في السنة الثامنة في شهر جمادى الآخرة، بعد غزوة مؤتة. وسميت ذات السلاسل باسم ماء بأرض جذام من أرض بني عذرة.
وسببه كما قال الواقدي: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنّ جَمْعًا مِنْ بَلِيّ وَقُضَاعَةَ قَدْ تَجَمّعُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوَا إلَى أَطْرَافِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً أَبْيَضَ، وَجَعَلَ مَعَهُ رَايَةً سَوْدَاءَ، وَبَعَثَهُ فِي سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمَنْ مَرّ بِهِ مِنْ الْعَرَبِ، وَهِيَ بِلَادُ بَلِيّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْن، وَذَلِكَ أَنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ ذَا رَحِمٍ بِهِمْ. كَانَتْ أُمّ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ بَلَوِيّةً، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَأَلّفُهُمْ بِعَمْرٍو. فَلَمَّا صار إلى هناك خاف كثرة عدوه، فَبَعَثَ رَافِعَ بْنُ مَكِيثٍ الْجُهَنِيّ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُهُ بذلك، وَيَسْتَمِدّهُ بِالرّجَالِ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرّاحِ ومعه مائتان من سَرَاةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار، وفيهم أبو بكر وعمر. وقال له:"إذا أنت قدمت على صاحبك، فتطاوعا، ولا تختلفا" فسار عمرو بمن معه حتى وصل إلى بلاد بلي، فكان كلما انتهى إلى موضع به جمع تفرقوا حتى انتهى إلى بلاد بلي وعذرة وبلقين، فلقي جمعا ليس بالكثير، فقاتلوا ساعة وتراموا بالنجل، وحمل عليهم المسلمون فهزموا وتفرقوا، ثم عاد المسلمون منتصرين بعد أن أظهروا سطوة الإسلام وسلطته.
انظر: مغازي الواقدي (2/ 769 - 772).
• عن عمرو بن العاص قال: بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي" فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ ثُمَّ طَأْطَأَهُ فَقَالَ: "إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ فَيُسَلِّمَكَ اللَّهُ وَيُغْنِمَكَ، وَأَزْعَبُ لَكَ مِنْ الْمَالِ زَعْبَةً صَالِحَةً" قَالَ: فقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الإسْلَامِ، وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"يَا عَمْرُو! نِعِمَّا بالْمَال الصَّالِح لِلرجل الصَّالِحِ".
صحيح: رواه أحمد (17763) وابن حبان (3210) والحاكم (2/ 236) كلهم من حديث موسى بن علي، عن أبيه، قال: سمعت عمرو بن العاص، قال: فذكره.
وإسناده صحيح. وموسى بن علي ثقة، وثّقه ابن سعد وأحمد وابن معين والنسائي والعجلي وغيرهم.
وصحّحه أيضًا الحاكم على شرط مسلم.
وقوله: "أزعب" من زعبه، أي: أدفع إليك من المال، والزعب هو الدفع.
• عن عمرو بن العاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَه عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ". قُلْتُ: مِن الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا". قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "عُمَرُ"، فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4358) ومسلم في فضائل الصحابة (2384: 8) كلاهما من طريق خالد بن عبد الله، عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان، أخبرني عمرو بن العاص، قال: فذكره. هذا مختصر، وتفصيله في الحديث التالي.
• عن عمرو بن العاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَه في ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فسأله أصحابه أن يوقدوا نارًا، فمنعهم، فكلموا أبا بكر، فكلمه في ذلك، فقال: لا يوقد أحد منهم نارًا إلا قذفته فيها، قال: فلقوا العدو فهزموهم، فأرادوا أن يتبعوهم، فمنعهم، فلما انصرف ذلك الجيش ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم، وشكوه إليه، فقال: يا رسول الله! إني كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارًا فيرى عدوهم قلتهم، وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فيعطفوا عليهم، فحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! من أحب الناس إليك؟ قال: "لم؟ " قال: لأحب من تحب، قال:"عائشة"، قال: من الرجال؟ قال: "أبو بكر".
صحيح: رواه ابن حبان (4540) واللفظ له، وابن أبي شيبة (37792) والترمذي (3886) والحاكم (4/ 12) - كلاهما مختصرًا - كلهم من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عمرو بن العاص، فذكره.
سكت عليه الحاكم. وإسناده صحيح.
• عن عمرو بن العاص قال: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ. فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ فَتيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"يَا عَمْرُو! صَلَّيْتَ بأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ" فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنْ الاغْتِسَالِ، وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا.
صحيح: رواه أبو داود (334) وأحمد (17812) والحاكم (1/ 77 - 78) كلهم من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو بن العاص، فذكره.
وإسناده صحيح، وعبد الرحمن بن جبير هو المصري المؤذن، وقد زاد بعضهم بين عبد الرحمن