الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب استعمال أبي بكر التورية في سفر الهجرة
• عن أنس بن مالك قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر، وأبو بكر شيخ يعرف ونبي الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف. قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر! من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، قال: فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق. وإنما يعني سبيل الخير.
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (3911) عن محمد، حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن صهيب، حدثنا أنس بن مالك فذكره في حديث طويل. انظر: النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة.
16 - قصة الهجرة واتباع سراقة بن مالك أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
• عن ابن شهاب قال: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي - وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جعشم - أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة! إني قد رأيت آنفًا أسودة بالساحل أراها محمدًا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا، انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي - وهي من وراء أكمة - فتحبسها عليّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض، وخفضت عاليه، حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بي، حتى دنوت منهم، فعثرت بي فرسي، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أَضرُّهم أم لا؟ فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام - تقرب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها، فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عُثانٌ ساطع في السَّماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حتى جئتهم. ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآني، ولم يسألاني إلا أن قال: أخْفِ عنا،
فسألته أن يكتب لي كتاب أمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (3906) قال: قال ابن شهاب فذكره وهو معطوف على الإسناد السابق الذي رواه عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل، قال: قال ابن شهاب: فأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت: فذكر الحديث بطوله كما سبق. ثم حوّله إلى عبد الرحمن بن مالك المدلجي فذكر إسناده ورواه أحمد (17591) عن عبد الرزاق وهو في مصنفه (9743) عن معمر، عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن مالك فذكر مثله.
وأفرده البيهقي في الدلائل (2/ 485) بإسنادين: يحيى بن بكير، وأبو صالح كلاهما عن الليث به. وقال: رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير، عن الليث. وعامر بن فهيرة خادم أبي بكر.
• عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجي أن أباه مالكًا أخبره أن أخاه سراقة بن جعشم أخبره قال: إنه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرًا إلى المدينة جعلت قريش لمن رده عليهم مائة ناقة قال: فبينما أنا جالس في نادي قومي إذ جاء رجل منا فقال: والله! لقد رأيت ركبًا ثلاثة مروا عليّ آنفًا، إني لأظنه محمدًا، قال: فأومأت إليه بعيني، أن اسكت، وقلت: إنما هو بنو فلان يبتغون ضالة لهم، قال: لعله، ثم سكت. قال: فمكثت قليلًا، ثم قمت فدخلت بيتي وأمرت بفرسي، فقيد إلي بطن الوادي، وأخرجت سلاحي من وراء حجراتي، ثم أخذت قداحي أستقسم بها، ثم لبست لأمتي، ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها، فخرج السهم الذي أكره: لا تضره، وكنت أرجو أن أرده فآخذ المائة ناقة. قال: فركبت على أثره، فبينا فرسي يسير بي عثر، فسقطت عنه، قال: فأخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره: لا تضره، فأبيت إلا أن أتبعه، فركبت، فلما بدا لي القوم فنظرت إليهم عثر بي فرسي فذهبت يداه في الأرض، فسقطت عنه، فاستخرج يديه واتبعهما دخان مثل الغبار، فعلمت أنه قد منع مني، وأنه ظاهر، فناديتهم، فقلت: انظروني فو الله! لا آذيتكم، ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل له: ماذا تبتغي؟ ". قال: قلت اكتب لي كتابًا يكون بيني وبينك آية، قال: اكتب له يا أبا بكر، قال: فكتب لي ثم ألقاه إليّ، فرجعت، فسكت، فلم أذكر شيئًا مما كان، حتى إذا فتح الله عز وجل مكة، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل خيبر، خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لألقاه ومعي الكتاب الذي كتب لي، فبينما
أنا عامد له دخلت بين ظهري كتيبة من كتائب الأنصار، قال: فطفقوا يقرعونني بالرماح، ويقولون: إليك، إليك، حتى دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته أنظر إلى ساقه في غرزه، كأنها جمارة، فرفعت يدي بالكتاب، فقلت: يا رسول الله! هذا كتابك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يوم وفاء وبر، ادنه، قال: فأسلمت، ثم ذكرت شيئًا أسل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قال ابن شهاب: إنما سأله عن الضالة، وشيء فعله في وجهه الذي كان فيه، فما ذكرت شيئًا إلا أني قد قلت يا رسول! الضالة تغشى حياضي قد ملأتها لإبلي هل لي من أجر إن سقيتُها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم في كل كبد حرى".
قال: وانصرفت فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي.
حسن: رواه البيهقي في الدلائل (2/ 487) بإسناده عن موسى بن عقبة، وأبو نعيم في الدلائل (2/ 428 - 429) بإسناده عن محمد بن إسحاق - كلاهما عن ابن شهاب، قال: حدثني عبد الرحمن بن مالك بن جُعشم فذكره.
وهو في سيرة ابن هشام (1/ 489 - 490) وفيه تصريح ابن إسحاق.
• عن البراء بن عازب يقول: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فاتبعه سراقة بن مالك بن جعشم، قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت فرسه، فقال: ادع الله لي ولا أضرك، قال: فدعا الله، قال: فعطش رسول الله صلى الله عليه وسلم فمروا براعي غنم، قال أبو بكر الصديق: فأخذت قدحًا فحلبتُ فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كُثبةً من لبن، فأتيته به فشرب حتى رضيتُ.
متفق عليه: رواه البخاري في مناقب الأنصار (3908) ومسلم في الأشربة (2009) كلاهما من حديث شعبة عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء فذكره.
• عن البراء بن عازب قال: اشترى أبو بكر من عازب سرجًا بثلاثة عشر درهمًا، فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمله إلى منزلي، فقال: لا، حتى تحدّثنا كيف صنعت حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت معه، فقال أبو بكر: خرجنا فأدلجنا فأحثثنا يومنا وليلتنا، حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة، فضربت بصري هل أرى ظلًّا نأوي إليه، فإذا أنا بصخرة، فأهويت إليها، فإذا بقية ظلها، فسويته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة وقلت: اضطجع يا رسول الله! فاضطجع، ثم خرجت أنظر هل أرى أحدًا من الطلب، فإذا أنا براعي غنم، فقلت: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش،
فسماه فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قال: هل أنت حالب لي؟ قال: نعم، فأمرته فاعتقل شاة منها، ثم أمرته فنفض ضرعها من الغبار، ثم أمرته فنفض كفيه من الغبار، ومعي إداوة على فمها خرقة، فحلب لي كثبة من اللبن فصببت - يعني الماء - على القدح حتى برد أسفله، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيته وقد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله! فشرب حتى رضيت، ثم قلت: هل آن الرحيل؟ فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم إلا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: يا رسول الله! هذا الطلب قد لحقنا، قال:"لا تحزن إن الله معنا". حتى إذا دنا منا فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين، - أو قال: رمحين أو ثلاثة - قلت: يا رسول الله! هذا الطلب قد لحقنا، وبكيت، قال: لم تبكي؟ قال: قلت: أما والله! ما على نفسي أبكي، ولكن أبكي عليك، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اللهم اكفناه بما شئت". فساخت قوائم فرسه إلى بطنها في أرض صلد، ووثب عنها، وقال: يا محمد! قد علمت أن هذا عملك، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله! لأُعمينّ على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي فخذ منها سهمًا، فإنك ستمرّ بإبلي وغنمي بموضع كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حاجة لي فيها". قال: ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق ورجع إلى أصحابه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، حتى قدمنا المدينة وتلقاه الناس، فخرجوا في الطرق وعلى الأجاجير، واشتد الخدم والصبيان في الطريق يقولون: الله أكبر، جاء رسول الله، جاء محمد، قال: وتنازع القوم أيهم ينزل عليه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل الليلة علي بني النجار أخوال عبد المطلب، لأكرمهم بذلك". فلما أصبح غدا حيث أمر.
قال البراء: أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير، أخو بني عبد الدار، ثم قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى، أحد بني فهر، ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبًا، فقلنا: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو على أثري، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه، قال البراء: ولم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سورًا من المفصل.
متفق عليه: رواه الإمام أحمد (3) عن عمرو بن محمد بن أبي سعيد، يعني - العنقزي - قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب فذكره.
ورواه البخاري في المناقب (3615) وفي المواضع الأخرى ومسلم في الزهد (75: 2009) كلاهما من حديث زهير بن معاوية، حدثنا أبو إسحاق، سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره.