الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 26].
• عن أبي إسحاق قال: قال رجل للبراء: يا أبا عمارة! أفررتم يوم حنين؟ قال: لا، والله! ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه خرج شبان أصحابه وأخفاؤهم حسرًا ليس عليهم سلاح، أو كثير سلاح فلقوا قومًا رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، جمع هوازن وبني نصر، فرشقوهم رشقًا ما يكادون يخطئون، فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل فاستنصر، وقال:
"أنا النَّبِيّ لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب".
ثمّ صفّهم.
متفق عليه: رواه البخاريّ في الجهاد والسير (2930) ومسلم في الجهاد والسير (78: 1776)
كلاهما من طريق أبي إسحاق قال: فذكره.
8 - هزيمة المسلمين ومن ثبت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
-
• عن جابر بن عبد الله قال: لما استقبلنا وادي حنين قال: انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط، إنّما ننحدر فيه انحدارًا، قال: وفي عماية الصبح، وقد كان القوم كمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا، قال: فوالله ما راعنا ونحن منحطون إِلَّا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد، وانهزم الناس راجعين، فاستمروا لا يلوي أحد على أحد. وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين، ثمّ قال:"إليَّ أيها الناس، هلموا إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله" قال: فلا شيء، احتملت الإبل بعضها بعضًا، فانطلق الناس، إِلَّا أن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كثير ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته عليّ بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب، وابنه، والفضل بن العباس، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن، وأسامة بن زيد.
قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر، في يده راية له سوداء في رأس رمح طويل له أمام الناس، وهوازن خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه.
قال ابن إسحاق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله، قال: بينا ذلك الرّجل من هوازن صاحب الراية على جمله ذلك يصنع ما يصنع، إذ هوى له عليّ بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه، قال: فيأتيه عليّ من خلفه، فضرب عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرّجل، فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله واجتلد الناس، فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتَّى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حسن: رواه أحمد (15027) والبزّار - كشف الأستار (1863) وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل (5/ 126 - 127) كلّهم من طريق محمد بن إسحاق قال: حَدَّثَنِي عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن جابر بن عبد الله فذكره. وإسناده حسن من أجل تصريح ابن إسحاق.
وذكره ابن هشام في سيرته (2/ 443) وزاد فيه ابن أبي سفيان بن الحارث.
وقال ابن هشام: اسم ابن أبي سفيان بن الحارث جعفر، واسم أبي سفيان المغيرة، وبعض الناس يعد فيهم قثم بن العباس، ولا يعد ابن أبي سفيان.
• عن ابن عمر قال: لقد رأيتنا يوم حنين، وإن الفئتين لموليتان، وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل.
حسن: رواه الترمذيّ في جامعه (1689) وفي العلل الكبير (2/ 715) عن محمد بن عمر بن عليّ المقدمي البصري قال: حَدَّثَنِي أبي، عن سفيان بن حسين، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه من حديث عبيد الله إِلَّا من هذا الوجه. اهـ
وقال في العلل: سألت محمدًا (البخاريّ) عن هذا الحديث فقال: لا أعرف أحدًا روى هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر غير سفيان بن حسين. اهـ
قل: سفيان بن حسين ثقة في غير الزهري.
وإسناده حسن من أجل عمر بن عليّ بن عطاء بن مقدم المقدمي، فقال فيه ابن معين: كان يدلّس، وما كان به بأس، وقال ابن سعد: كان ثقة، وقال أبو حاتم:"محله الصدق" وهو من رجال الجماعة وحسّنه أيضًا الحافظ في الفتح (8/ 29) إن صحّ هذا العدد فيحمل على من انضم إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عند ندائه.
وإلى هذا يشير ما رواه البيهقيّ في الدلائل (5/ 129) من حديث جابر كما مضى وزاد فيه فجعل الرّجل منهم يذهب ليعطف بعيره فلا يقدر على ذلك فيقذف درعه من عنقه، ويأخذ سيفه وقوسه، ثمّ
يعومّ الصوت حتَّى اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة.
وأمّا ما رُوي عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فلم يبق معه إِلَّا رجل يقال له: زيد، وهو آخذ بعنان بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء، فقال له رسول الله:"ويحك! ادع الناس"، فنادى زيد: أيها الناس! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم، فلم يجئ أحد، فقال:"ادع الأنصار"، فنادى يا معشر الأنصار! رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم فلم يجئ أحد، قال:"ويحك! خص الأوس والخزرج"، فقال: يا معشر الأوس والخزرج! هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوكم فلم يجئ أحد، قال:"ويحك! خص المهاجرين فإن لي في أعناقهم بيعة"، قال: فحدثني بريدة: أنه أقبل منهم ألف قد طرحوا الجفون، حتَّى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشوا قدما حتَّى فتح الله عليهم. فرجاله ثقات ولكن في متنه نكارة وشذوذ.
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (38145) والبزّار (4440) والروياني في مسنده (رقم 31) كلّهم من طريق يوسف بن صُهَيب، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الهيثمي: رواه البزّار ورجاله ثقات. مجمع الزوائد (6/ 181).
قلت: لكن قوله: "لم يبق معه إِلَّا رجل يقال له زيد" شاذ، وكذلك هذا الحديث مخالف لما جاء في الصَّحيح أن الصّحابة لما سمعوا صوت العباس: أنهم عطفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عطفة البقر على أولادها.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال: فولّى عنه الناس، وثبت معه ثمانون رجلًا من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أقدامنا نحوا من ثمانين قدمًا، ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله عز وجل عليهم السكينة، قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضي قدما، فحادت به بغلته، فمال عن السرج، فقلت له: ارتفع رفعك الله، فقال:"ناولني كفًّا من تراب" فضرب به وجوههم، فامتلأت أعينهم ترابا، ثمّ قال:"أين المهاجرون والأنصار؟ " قلت: هم أولاء، قال:"اهتف بهم" فهتفت بهم، فجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنّها الشهب، وولى المشركون أدبارهم.
رواه أحمد (4336) والطَّبرانيّ في الكبير (10351) والبزّار - كشف الأستار (1829) والحاكم (2/ 117) كلّهم من حديث عفّان بن مسلم، حَدَّثَنَا عبد الواحد بن زياد، حَدَّثَنَا الحارث بن حصيرة، حَدَّثَنَا القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعود فذكره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد".
وتعقبه الذّهبيّ فقال: الحارث وعبد الواحد ذوا مناكير، هذا منها ثمّ فيه إرسال. أي أن عبد الرحمن بن مسعود لم يسمع من أبيه.