الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
33 - باب نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء قتلى بدر بعد إلقائهم في القليب
• عن أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقذفوا في طوىً من أطواء بدر خبيث مخبث. وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرْصة ثلاث ليالٍ. فلمّا كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها، ثمّ مشى واتّبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إِلَّا لبعض حاجته حتَّى قام على شفة الرّكي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: "يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقًّا؟ " قال: فقال عمر: يا رسول الله! ما تكلم من أجساد لا أرواح لها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم".
قال قتادة: أحياهم الله حتَّى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقيمة وحسرة وندمًا.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (3976) ومسلم في الجنّة وصفة نعيمها وأهلها (78: 2875) كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، من أنس بن مالك، عن أبي طلحة (هو زيد بن سهل الأنصاري) قال: فذكره. والسياق للبخاري، واختصره مسلم.
قوله: "على شفة الركيّ" أي طرف البئر، والركيّ بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد آخره: البئر قبل أن تطوى.
قوله: "في طويّ من أطواء بدر" طوي: وهي البئر التي طويت وبنيت بالحجارة لتثبت ولا تنهار. ويجمع بين الروايتين بأنها كانت مطوية فاستهدمت فصارت كالركي. انظر: الفتح (7/ 302) قوله: "أقام بالعرصة ثلاث ليال" العرصة: الساحة أو البقعة الواسعة.
وعدد قتلى المشركين كان سبعين. فلعل الآخرين دفنوا في أماكن أخرى.
• عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثًا، ثمّ أتاهم فقام عليهم، فناداهم، فقال:"يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعد ربّكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا" فسمع عمر قول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف يسمعوا وأنّى يجيبوا وقد جيفوا؟ قال: "والذي نفسي بيده! ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا" ثمّ أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر.
صحيح: رواه مسلم في الجنّة وصفة نعيمها وأهلها (77: 2874) عن هدّاب بن خالد، حَدَّثَنَا حمّاد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك فذكره.
قوله: "فأُلقوا في قليب بدر" لم يكن أمية بن خلف في القليب لأنه كان ضخمًا فانتفخ وتقطّعت أوصاله بعد الجرّ فألقوا عليه من الحجارة والتراب ما غيبه، لكنه كان قريبًا من القليب فنودي فيمن نودي.
• عن ابن عمر قال: وقف النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: "هل وجدتم ما وعد ربّكم حقًّا؟ " ثمّ قال: "إنَّهم الآن يسمعون ما أقول"، فذكر لعائشة فقالت: إنّما قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق". ثم قرأت: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] حتَّى قرأت الآية.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (3980) ومسلم في الجنائز (26: 932) كلاهما من طريق هشام، عن أبيه، عن ابن عمر قال: فذكره.
• عن عائشة قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا في القليب، فطرحوا فيه، إِلَّا ما كان من أمية بن خلف، فإنه انتفخ في درعه، فملأها، فذهبوا ليحركوه، فتزايل، فأقروه، وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة، فلمّا ألقاهم في القليبٍ، وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"يا أهل القليب، هل وجدتم ما عدكم ربّكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا" قال: فقال له أصحابه: يا رسول الله! أتكلم قومًا موتى؟ ! فقال لهم: "لقد علموا أن ما وعدتهم حق" قالت عائشة: والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلت لهم، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد علموا".
حسن: رواه أحمد (26361)، وابن حبَّان (7088)، والحاكم (3/ 224) كلّهم من حديث محمد بن إسحاق قال: أخبرني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة قالت: فذكرته وهو عند ابن هشام (1/ 638).
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
قلت: إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه حسن الحديث إذا صرّح.
ثمّ لفظ الحاكم يختلف عن هذه، وإليكم ذكره كاملًا:
قالت عائشة: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه، وأخذ عتبة بن ربيعة، فسحب إلى القليب، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وجه أبي حذيفة بن عتبة، فإذا هو كئيب، قد تغير لونه، فقال:"يا أبا حذيفة! لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء؟ " أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال: لا والله يا رسول الله! ما شككت في أبي ولا في مصرعه، ولكني كنت أعرف من أبي رأيًا وحلمًا وفضلًا، فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام، فلمّا رأيت ما أصابه، وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له، أحزنني ذلك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له:"خيرًا" انتهى.
وقصة أبي حذيفة ذكرها ابن إسحاق بقوله: فيما بلغني كما هو عند سيرة ابن هشام (1/