الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، قال ابن شهاب: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، فذكره. وإسناده صحيح.
ذكره الهيثمي في المجمع (7/ 214) وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
7 - باب ما روي من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم: يسبق حلمه جهله
روي عن عبد الله بن سلام أنه قال: إن الله تعالى لما أراد هدي زيد بن سَعْنة، قال زيد بن سعنة: ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه من جهله، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته كالبدوي، فقال: يا رسول الله، قرية بني فلان قد أسلموا، ودخلوا في الإسلام وكنت أخبرتهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابتهم سنة وشدة وقحوط من الغيث! ! فأنا أخشى يا رسول الله، أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت، قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل إلى جانبه، أراه عمر، فقال: ما بقي منه شيء يا رسول الله، قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه فقلت له: يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: "لا، يا يهودي ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا، ولا أسمي حائط بني فلان" قلت: نعم، فبايعني صلى الله عليه وسلم فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، قال: فأعطاها الرجل، وقال:"اعجل عليهم وأغثهم بها" قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه، فلما صلى على الجنازة، دنا من جدار، فجلس إليه فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجه غليظ، ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمطل، ولقد كان لي بمخالطتكم علم، قال: ونظرت إلى عمر بن الخطاب، وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ثم رماني ببصره، وقال: أي عدو الله، أتقول لرسول الله ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟ فوالذي بعثه بالحق! لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتُؤَدة ثم قال:"إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رُعْتَه" قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة، قال: الحبر؟ قلت: نعم، الحبر، قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت وتفعل به ما فعلت؟ فقلت: يا
عمر كل علامات النبوة قد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما، فقد اختبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وأشهدك أن شطر مالي- فإني أكثرها مالا- صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقال عمر، أو على بعضهم، فإنك لا تسعهم كلهم، قلت: أو على بعضهم، فرجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فآمن به وصدقه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهد كثيرة، ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر.
فيه حمزة بن يوسف مجهول.
رواه ابن حبان (288) والطبراني في الكبير (5147) والحاكم (3/ 605، 604) والبيهقي في الدلائل (6/ 278 - 280) كلهم من طريق محمد بن المتوكل - وهو ابن أبي السري، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، عن جده قال: فذكره.
ومحمد بن المتوكل فيه كلام يسير لا يضر، ثم هو توبع فرواه أبو الشيخ الأصبهاني في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 72 - 73) من طريق الحوطي - وهو عبد الوهاب بن نجدة وهو ثقة كما في التقريب، وابن ماجه (2281) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب وهو "ضعيف" كما في "التقريب" كلاهما عن الوليد بن مسلم بإسناده.
والوليد بن مسلم مدلس إلا أنه صرّح بالتحديث، ولكن مدار الحديث على حمزة بن يوسف بن عبد الله ابن سلام فإنه لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبان في "الثقات"(4/ 170) كعادته في توثيق المجاهيل.
لم يرو عنه إلا ابنه، فهو "مجهول" على اصطلاح ابن حجر وغيره، إلا أن الحافظ قال فيه "مقبول" أي حيث يتابع، وإلا فليّن الحديث.
وحيث أنه لم يتابع فهو "لين الحديث" على أقل تقدير، وإلا فالصحيح أنه مجهول.
وأما قول الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهو من غرر الحديث، ومحمد ابن أبي السري العسقلاني ثقة.
فهو تساهل منه، فإنه تكلم في محمد بن أبي السري فوثقه، مع خلاف فيه لا يضر، فوثقه ابن معين، ولينه أبو حاتم، وقال ابن عدي: محمد كثير الغلط، ومع هذا فهو لم ينفرد به، بل توبع كما سبق، وترك الكلام على حمزة بن يوسف، ومدار الإسناد عليه وهو مجهول، وحديث المجهول لا يكون صحيحا.
وتعقبه الذهبي فقال: "ما أنكره وأتركه لا سيما قوله: مقبلا غير مدبر، فإنه لم يكن في غزوة تبوك قتال" انتهى.
وكذلك فعل الحافظ ابن حجر فجعل المدار على محمد بن أبي السري ونقل كلام أهل العلم