الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض ثم استقبله فطعنه بها طعنة تدأدأَ منها عن ظهر فرسه مرارًا.
حسن: رواه أبو نعيم في الدلائل (2/ 619 - 620) من طريق محمد بن مسلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني ابن شهاب، عن عبد الله بن كعب بن مالك فذكره. وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
دون قوله: قال بعض القوم فيما ذكر لي
…
فإنه لم يسند هذا الجزء.
وأخرجه ابن أبي عاصم في الجهاد (253) من وجه آخر عن محمد بن إسحاق عن ابن شهاب وعن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك فذكر مثله.
وهو في سيرة ابن هشام (2/ 83) إلا أنه ليس فيه ذكر عبد الله بن كعب وإنما قال فيه: ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك قال: فذكر الحديث.
وهذا دليل على أن ابن هشام اختصر إسناد ابن إسحاق في مواضع كثيرة، ولذا يجب الحذر والحيطة في الحكم على الإسناد من خلال سيرة ابن هشام.
14 - باب عدد مَنْ قُتِلَ مِنَ المسلمين يومَ أحد
• عن البراء بن عازب قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم أحد عبد الله بن جبير، فأصابوا منا سبعين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرًا وسبعين قتيلًا.
قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر، والحرب سجال.
صحيح: رواه البخاري (3986) عن عمرو بن خالد، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: فذكره.
• عن قتادة قال: ما نعلم حيًّا من أحياء العرب أكثر شهيدًا، أعز يوم القيامة من الأنصار.
قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك أنه قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون.
قال: وكان بئر معونة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر الصديق يوم مسيلمة الكذاب.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4078) عن عمرو بن علي، حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة فذكره.
ولكن قال ابن إسحاق: "جميع من استشهد من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين
والأنصار: خمسة وستون رجلا".
قلت: ليس منهم أربعة من المهاجرين أيضًا: وهم حمزة، وعبد الله بن جحش، ومصعب بن عمير، وشماس بن عثمان، والباقون من الأنصار.
واستدرك ابن هشام زيادة على ما ذكره ابن إسحاق خمسة آخرين فصاروا سبعين، وقد سرد ابن إسحاق أسماءهم وأسماء الذي قتلوا من المشركين وهم اثنان وعشرون رجلا. سيرة ابن هشام (2/ 122 - 127).
• عن جابر قال: صبّح أناس غداة أحد الخمر، فقتلوا من يومهم جميعًا شهداء، وذلك قبل تحريمها.
منهم: حمزة بن عبد المطلب، واليمان أبو حذيفة، وأنس بن النضر، ومصعب بن عمير.
صحيح: رواه البخاري في التفسير (4618) عن صدقة بن الفضل، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو (هو ابن دينار) عن جابر قال: فذكره.
• عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه أُتي بطعام - وكان صائمًا - فقال: قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني، كفّن في بردة، إن غطّي رأسه بدتْ رجلاه، وإن غطّي رجلاه بدا رأسه - وأراه قال: وقتل حمزة وهو خير مني - ثم بُسط لنا من الدنيا ما بسط - أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا - وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجّلتْ لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4045) عن عبدان (وهو عبد الله بن عثمان المروزي) حدثنا عبد الله (هو ابن المبارك) عن سعد بن إبراهيم (هو ابن عبد الرحمن بن عوف) عن أبيه إبراهيم أن عبد الرحمن بن عوف أُتي بطعام فذكر الحديث.
قوله: "وهو خير مني" قال ذلك تواضعًا.
• عن خبّاب بن الأرت قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله فمنّا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد، فلم يوجد له شيء يكفّن فيه إلا نمرة، فكنّا إذا وضعناها على رأسه، خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ضعوها مما يلي رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر" ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4047) ومسلم في الجنائز (940: 44) كلاهما من طريق الأعمش، عن شقيق، عن خباب بن الأرت قال: فذكره.
• عن جابر بن عبد الله قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: أرأيت إن قتلت فأين
أنا؟ قال: "في الجنة" فألقى تمراتٍ في يده، ثم قاتل حتى قتل.
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (4046) ومسلم في الإمارة (143: 1899) كلاهما من طريق سفيان (هو ابن عيينة) عن عمرو، سمع جابر بن عبد الله قال: فذكره.
وهذا الرجل ليس هو عمير بن الحمام كما قال بعض أهل العلم فإن قصته وقعت يوم بدر، وقصة هذا الرجل وقعت يوم أحد فهما رجلان أحدهما عمير بن الحمام والثاني لا يعرف اسمه.
• عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ! الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى - أو نظن - أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23].
متفق عليه. رواه البخاري في الجهاد والسير (2805) من طريق حميد، ومسلم في الإمارة (48: 1903) من طريق ثابت - كلاهما عن أنس قال: فذكره.
قال ابن إسحاق: حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع - أخو بني عدي بن النجار قال: انتهى أنس بن النضر وهو عم أنس بن مالك، وبه سمي أنس أنسًا - إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله، في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا بأيديهم فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قُتل.
• عن أنس بن مالك قال: لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة، ما عرفته إلا أخته، عرفته ببنانه.
حسن: رواه ابن إسحاق قال: حدثني حميد الطويل، عن أنس بن مالك فذكره، سيرة ابن إسحاق (510) وإسناده حسن من أجل ابن إسحاق.
• عن جابر بن عبد الله قال: جيء بأبي يوم أحد قد مثّل به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سُجّي ثوبًا، فذهبت أريد أن أكشف عنه، فنهاني قومي، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع، فسمع صوت صائحة، فقال:
"من هذه؟ " فقالوا: ابنة عمرو - أو أخت عمرو - قال: "فلم تبكي؟ " - أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (1293) ومسلم في فضائل الصحابة (129: 2471) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، حدثنا ابن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: فذكره.
واسم أبي جابر: عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري.
• عن جابر قال: لما حضر أحد دعاني أبي من الليل فقال: ما أراني إلا مقتولًا في أول من يقتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لا أترك بعدي أعز علي منك غير نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن عليّ دينًا فاقض، واستوص بأخواتك خيرًا، فأصبحنا فكان أول قتيل، ودفن معه آخر في قبر، ثم لَم تطِبْ نفسي أن أتركه مع الآخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته هنيّة غير أذنه.
صحيح: رواه البخاري في الجنائز (1351) عن مسدد، أخبرنا بشر بن المفضل، حدثنا حسين المعلم، عن عطاء، عن جابر فذكره.
وهذا الآخر هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام الأنصاري كما في الحديث الآتي، وكان صديق والد جابر، وزوج أخته هند بنت عمرو.
• عن أبي قتادة أنه حضر ذلك قال: أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة في الجنة؟ - وكانت رجله عرجاء - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" فقتلوه يوم أحد هو وابن أخيه ومولى لهم، فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة".
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد.
حسن: رواه أحمد (22553) عن أبي عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة، حدثنا أبو صخر حميد بن زياد، أن يحيى بن النضر حدثه عن أبي قتادة فذكره.
وإسناده حسن من أجل حميد بن زياد أبي صخر، فإنه مختلف فيه، فضعّفه النسائي ومشّاه الآخرون، غير أنه وصف بالوهم، ومن أوهامه في هذا الحديث ذكر مولاهما، فإن الصحيح أنهما - أي عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري والد جابر، وعمرو بن الجموح - دفنا في قبر واحد.
والحديث حسّنه الحافظ في الفتح (3/ 216)
وقال: قال ابن عبد البر في "التمهيد": ليس هو ابن أخيه، وإنما هو ابن عمه. وهو كما قال، فلعله كان أحسن منه. انتهى.
وقول جابر: فاستخرجته بعد ستة أشهر - ظاهره يخالف ما وقع في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين كانا قد حفر السيل قبرهما، وكانا في قبر واحد، فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس، وكان بين أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.
ويؤيد هذا ما ذكره محمد بن إسحاق فقال: حدثني أبي، عن أشياخ من الأنصار قالوا: لما ضرب معاوية عينه التي مرت على قبور الشهداء انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجناهما - يعني عمرو وعبد الله - وعليهما بردتان قد غطى بهما وجوههما وعلى أقدامهما شيء من نبات الأرض فأخرجناهما ينثنيان ثنيًا كأنهما دفنا بالأمس".
فأجاب الحافظ ابن حجر جمعًا بين الخبرين بقوله: "فإما أن يكون المراد بكونهما في قبر واحد قرب المجاورة، أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد".
قلت: ليس في رواية البخاري أن جابر بن عبد الله بعد أن استخرجه بعد ستة أشهر دفن كل واحد منهما في قبر. فإنه لعله بعد ما رآه أنه كيوم وضعه في قبره تركهما على حالهيا إلى أن جاء السيل في عهد معاوية فكشف قبرهما.
• عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال:"من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ " فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضًا فقال:"من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ " فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه:"ما أنصفنا أصحابنا".
صحيح: رواه مسلم في الجهاد والسير (100: 1789) عن هدّاب بن خالد الأزدي، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد وثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: فذكره.
• عن أبي بن كعب قال: لما كان يوم أحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلا، ومن المهاجرين ستة وفيهم حمزة، ومثلوا بقتلاهم، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنربينّ عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمن الأسود والأبيض إلا فلانًا وفلانًا. ناسًا سمّاهم، فأنزل الله عز وجل:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصبر ولا نعاقب".
حسن: رواه الترمذي (3129) وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه (21230، 21229) وصحّحه ابن حبان (487) والحاكم (2/ 358 - 359) كلهم من طرق عن الفضل بن موسى، حدثنا عيسى بن
عبيد، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب فذكره واللفظ لأحمد.
وفي غيره: "كفّوا عن القوم إلا أربعة"
قال الترمذي: حسن غريب من حديث أبي بن كعب.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
وإسناده حسن من أجل عيسى بن عبيد وهو الكندي أبو المنيب فإنه حسن الحديث. وفيه أيضًا الربيع بن أنس مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
• عن أبي هريرة أن عمرو بن أقيش كان له ربًا في الجاهلية، فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد، فقال: أين بنو عمي؟ قالوا: بأحد، قال: أين فلان؟ قالوا: بأحد، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأحد. فلبس لأمته، وركب فرسه، ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون، قالوا: إليك عنا يا عمرو! قال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح، فحمل إلى أهله جريحًا، فجاء سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه: حمية لقومك أو غضبًا لهم، أم غضبًا لله؟ فقال: غضبًا لله ولرسوله! فمات، فدخل الجنة وما صلى لله صلاة.
حسن: رواه أبو داود (2537) والحاكم (2/ 113) وعنه البيهقي (9/ 167) من طريق موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي، فإنه حسن الحديث.
وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
وحسّنه الحافظ في الإصابة فقال: "هذا إسناد حسن".
قلت: لم يسنده أبو هريرة، وقد جاء مسندًا في الحديث الآتي:
• عن أبي هريرة قال: كان يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط، فإذا لم يعرفه الناس سألوه: من هو؟ فيقول: أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش.
قال الحصين: فقلت لمحمود بن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته الجراحة، قال: فبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: إنه للأصيرم، وما جاء؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث، فاسألوه ما جاء به؟ قالوا: ما جاء بك يا عمرو، أحَدَبًا على قومك أو رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -
فقاتلت حتى أصابني ما أصابني، قال: ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إنه لمن أهل الجنة".
حسن: رواه أحمد (23634) عن يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن إسحاق وحصين بن عبد الرحمن فإنهما حسنا الحديث. وقد حسّنه ابن حجر في الإصابة (5811).
• عن عائشة قالت: لما كان يوم أحد هزم المشركون، فصرخ إبليس لعنة الله عليه: أي عباد الله! أخراكم، فرجعت أولاهم، فاجتلدت هي وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان، فقال: أي عباد الله! أبي! أبي! قال قالت: فو الله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، قال عروة: فوالله! ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله.
بصُرتُ: علمت، من البصيرة في الأمر. وأبصرت: من بصر العين، ويقال: بصرت وأبصرت واحد.
صحيح: رواه البخاري في المغازي (4065) عن عبيد الله بن سعيد، حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
وحذيفة يكنى أبا عبد الله وأبوه اليمان اسمه: حسيل بن جابر، واليمان لقب، وإنما قيل له اليمان لأنه نسب إلى جده اليمان بن الحارث بن قطيعة، واسم اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة، وإنما قيل لجروة: اليمان لأنه أصاب في قومه دما، فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل فسماه قومه اليمان لمحالفته اليمانية، شهد هو وابناه حذيفة وصفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا، فأصاب حسيلًا المسلمون في المعركة فقتلوه ويظنونه من المشركين ولا يدرون وحذيفة يصيح أبي أبي ولم يسمع، فتصدق ابنه حذيفة بديته على من أصابه.
وقيل: إن الذي قتله عتبة بن مسعود، ملخص ما في الاستيعاب.
وذكر محمد بن إسحاق قتله متصلا فقال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، رفع حسيل بن جابر، وهو اليمان، أبو حذيفة بن اليمان، وثابت بن وقش في الآطام مع النساء والصبيان، فقال أحدهم لصاحبه وهما شيخان كبيران: ما أبا لك، ما تنتظر؟ فو الله لا بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار، إنما نحن هامة اليوم أو غد، أفلا نأخذ أسيافنا، ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأخذا أسيافهما ثم خرجا، حتى دخلا في
الناس، ولم يعلم بهما، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين، فقتلوه ولا يعرفونه، فقال حذيفة: أبي، فقالوا: والله إن عرفناه، وصدقوا، قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديَه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا. انتهى. سيرة ابن هشام (2/ 87).
ومحمود بن لبيد الأوسي الأشهلي من صغار الصحابة له رؤية، وجلُّ روايته عن الصحابة.
وأما حذيفة فهو من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو معروف في الصحابة بصاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم، فإن لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر، ومات سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان في أول خلافة علي.
• عن سعد بن أبي وقاص قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نُعوا لها قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرًا يا أم فلان! هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه! قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل! تريد صغيرة.
حسن: رواه محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الواحد بن أبي عون، عن إسماعيل، عن محمد، عن سعد بن أبي وقاص فذكره.
وإسناده حسن من أجل تصريح ابن إسحاق. هكذا ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 47) طبعة دار الفكر.
وفي سيرة ابن هشام (2/ 99) عن إسماعيل بن محمد عن سعد بن أبي وقاص. وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص لا يعرف له السماع عن جده.
وأخشى أن يكون ابن هشام أخطأ عندما اختصر الإسناد.
قال ابن هشام: الجلل يكون من القليل، ومن الكثير وهو ها هنا من القليل.
قال امرؤ القيس في الجلل القليل:
لقتل بني أسد ربهم
…
ألا كل شيء سواه جلل
وقال ابن هشام: وأما قول الشاعر، وهو الحارث بن وعلة الجرمي:
ولئن عفوتُ لأعفون جللًا
…
ولئن سطوت لأوهننْ عظمى
فهو من الكثير.
قال ابن إسحاق: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعًا إلى المدينة فلقيته حمنة بنت جحش كما ذكر لي، فلما لقيت الناس نُعي إليها أخوها عبد الله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نُعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعتْ واستغفرت له، ثم نُعي لها زوجها مصعب بن عمير