الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم المنهي عنه بالحرمة:
والقاعدة في مذهب الحنابلة في المنهى عنه بالحرمة، هل يكون باطلًا أَوْ صَحِيحًا مع التحريم؟ على التفصيل الآتي (1):
1 -
إذا كان النهي بالحرمة عائدًا إلى ذات المنهي عنه أَوْ شرطه، فيكون باطلًا سواء كان في العبادات أَمْ المعاملات.
مثال النهي العائد إلى ذات المنهي عنه في المعاملات: النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة.
ومثال النهي العائد إلى شرطه في المعاملات: النهي عن بيع الحمل في البطن، فالعلم بالمبيع شرط لصِحَّة البيع، فإذا باع الحمل لم يَصِحّ البيع؛ لعود النهي إلى شرطه.
2 -
إذا كان النهي بالحرمة عائدًا إلى أمر خارج لا يتعلق بذات المنهي عنه ولا شرطه، فلا يكون باطلًا سواء في العبادات أَمْ في المعاملات، مثال ذلك: النهي عن تلقي الركبان، فمن تلقى الركبان، واشترى منهم لم يبطل العقد؛ لأَنَّ النهي لا يعود إلى ذات البيع ولا إلى شرطه، ولذا يثبت للبائع الخيار (2).
(1) شرح الكوكب المنير 3/ 84، 93، شرح مختصر الروضة 2/ 430، 439، 442، الأصول من علم الأصول 33.
(2)
انظر: الخيار في تلقي الركبان: الكشاف 3/ 211، الخيار وأثره في العقود لأبو غدة 2/ 637.
وهكذا ما نهي عنه من البيوع لما فيها من ظلم أحد الطرفين للآخر، كبيع المصراة، والمعيب، والنجش، ونحو ذلك؛ فإنَّها صَحِيحة غير لازمة، والخيرة فيها إلى المظلوم بعد علمه بالحال، وإذا علم بالحال في ابتداء العقد، مثل أَنْ يعلم بالعيب والتدليس والتصرية، ويعلم السعر إذا كان قادمًا بالسلعة ويرضى بالغبن -جاز ذلك؛ لأَنَّ الحق فيها للعبد، وليس لله كالنهي عن موجبات الحدود التي هي حق خالص لله ليس للعبد الرضا بها ولا التنازل عن الحد فيها (1).
* * *
(1) مجموع الفتاوى 29/ 283 وما سلف من التفصيل في اقتضاء النهي للبطلان أَوْ الصِّحَّة مع التحريم هو الراجح في المسألة، وفيها أقوال أخرى، منها: أن النهي يقتضي الفساد مطلقًا سواء في العبادات أم في المعاملات، وسواء كان النهي لذاته أم لغيره، لكن إذا دل دليل على أنه لا يقتضي الفساد صح. [شرح الكوكب المنير، شرح مختصر الروضة -مراجع سابقة-، معالم أصول الفقه 414].