الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحكم التكليفي (1)، وهما: الأثر، والمؤثر.
فالمؤثر: هو مُعَرِّفات الحُكْم من السبب والشرط والمانع، وهي التي يطلق عليها (الحكم الوضعي).
والأثر: هو الحكم التكليفي من الوجوب والحرمة والِإباحة
…
إلخ، فكأَنَّه قيل: إذا حدث كذا وكذا فسوف يحكم بكذا وكذا؛ يقول القرافي (ت: 684 هـ): "إنَّ معنى خطاب الوضع -أي مُعَرِّفات الحُكْم- قول صاحب الشرع: اعلموا أَنه متى وجد كذا فقد وجب كذا، أَوْ حرم كذا، أَوْ ندب كذا، أَوْ غير ذلك هذا في السبب، أَوْ يقول: عدم كذا في وجود المانع أَوْ عدم الشرط"(2).
وهذا الأمر (تحليل الحكم الكلي إلى شطرين) مما ينبغي العناية به واستحضاره عند تَوْصِيف الأَقْضِيَة بالمطابقة بين الحكم الكلي والواقعة القضائية، وسوف ترد الِإشارة إليه هناك (3).
العلاقة بين حكمي الوضع والتكليف:
إنَّ العلاقة بين حكمي الوضع والتكليف تظهر في أمرين هما:
(1) الِإحكام للقرافي 97، معالم أصول الفقه 362، يقول القرافي في الِإحكام 97:"قال العلماء: الأحكام من خطاب التكليف، والأسباب والشروط من باب خطاب الوضع، فهما بابان متباينان".
(2)
الفروق 1/ 162.
(3)
انظر: المطلب الثالث من المبحث الثاني من الفصل الثاني من الباب الثاني، والمبحث الأول من الفصل الثالث من الباب الثالث.
(أ) أَنَّ الحكم الوضعي معرف للحكم التكليفي ومؤثر فيه:
أحكام الوضع من السبب والشرط والمانع أوصافٌ وأعلام ومُعَرِّفات لحكم التكليف، فإذا وقعت هذه المُعَرِّفات من سبب وغيره وتحققت بفعل المكلف لها استدعت أحكام التكليف وترتبت عليها من وجوب وحرمة أَوْ غيرهما، فالشرع يخبرنا بوجود الأحكام التكليفية من حرمة أَوْ وجوب أَوْ غيرها بوجود الأسباب والشروط والموانع، فهي توجد بوجود الأسباب والشروط، وتنتفى بوجود المانع أَوْ انتفاء الأسباب والشروط.
فإيقاع السبب بمنزلة إيقاع المسبب، وذلك بعد تحقق شروط السبب وانتفاء موانعه، فعلى الأحكام الوضعية تتوقف الأحكام التكليفية، لا أَنَّ الأحكام الوضعية مأمور بها من حيث هي، فكأَنَّه قيل مثلًا: إذا وجد القتل العمد وتحققت شروطه وجب القصاص، وإذا وجدت الولادة المانعة منه بين طالب القصاص والقاتل أَوْ انتفت شروطه أَوْ شيء منها انتفى القصاص.
ولذلك كثيرًا ما يطلق الحكم الشرعي مرادًا به الحكم التكليفي؛ لأَنَّه هو الأصل، وهو المراد بالتكليف، وأَمّا الوضعي فهو معرف له ومؤثر فيه (1).
(1) شرح تنقيح الفصول 78، 79، شرح مختصر الروضة 1/ 411 - 416، 438 - 440، شرح الكوكب المنير 1/ 343، 435، معالم أصول الفقه 321، 362، 363، السبب عند الأصوليين 1/ 95.
(ب) حكم التكليف لا يقوم بدون حكم الوضع:
إنَّ حكم التكليف مرتب على حكم الوضع ومُتَوَقِّف عليه، فلا يتصور انفراد حكم التكليف بدون حكم الوضع، فلا تكليف إلَّا وله سبب، وشرط، وعدم مانع (1).
يقول القرافي (ت: 684 هـ): "ولا يتصور انفراد التكليف؛ إذ لا تكليف إلَّا وله سبب، أَوْ شرط، أَوْ مانع"(2).
ومن الممكن حصول حكم الوضع من دون حكم التكليف، وذلك مثل: أَنْ يبلغ شخص ولكن لا تجب عليه الصلاة؛ لأَنه مجنون، ومثل أَنْ يحول الحول على مال لدى شخص ولكن لا تجب عليه الزكاة؛ لأَنَّ النِّصاب لم يتم، وهكذا (3)، فالسبب قد يوجد ولكن لا يتحقق شرطه أَوْ يوجد مانعه، فلا يترتب عليه أثره.
* * *
(1) شرح مختصر الروضة 1/ 440، شرح الكوكب المنير 1/ 344.
(2)
شرح تنقيح الفصول 81.
(3)
شرح الكوكب المنير 1/ 344، شرح مختصر الروضة 1/ 439. تنبيه: هناك فروق بين الحكم الوضعي والتكليفي تجدها في: السبب عند الأصوليين 1/ 132، الحكم الوضعي 62، الحكم التكليفي 45.