الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بخلافه أَوْ أحدهما لم يلزمه ذلك العرف (1)؛ ذلك بأَنَّ الِإلزام بالعرف إنَّما هو من قبيل دلالة الظاهر على وقوع الحكم، فإذا عارضها ما هو أقوى منها من تصريح المتعاقدين أَوْ أحدهما بخلافه ألغي هذا الظاهر وأخذ بدلالة التصريح، ومن القواعد المقررة: أَنَّه لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح (2).
6 - الخبرة:
والمراد بها: الِإخبار عن وقوع مُعَرِّفَات الحُكْم من قِبَل مختص بها على وجه يظهر حقيقة أمرها.
وذلك مثل شهادة الخبراء بقيم المتلفات وعيوب السلع والآلات، وشهادة خبراء السير في حوادث السير، وكمعرفة الطبيب حقيقة الموت الدماغي، ونحو ذلك.
والفقيه، والمفتي، والقاضي محتاجون لمعرفة كُنْهِ الشيء قبل الحكم على النازلة؛ فكون الغرر منهيًّا عنه مما يعلم بالشرع، وأَمَّا كون الشيء الفلاني غررًا فهذا لا يعلم بالشرع بل بالخبرة، لأَنَّها من أدلة وقوع الأحكام (3).
يقول ابن القَيِّمِ (ت: 751 هـ) - في بيع المغيبات في
(1) قواعد الأحكام 2/ 186، درر الحكام لحيدر 1/ 42، المدخل للزرقاء 2/ 879.
(2)
مجلة الأحكام العدلية (م 13)، المدخل للزرقاء 2/ 879.
(3)
إعلام الموقعين 2/ 5، بدائع الفوائد 4/ 12، 15، مجموع الفتاوى 29/ 40، الموافقات 4/ 107، 109.
الأرض-: "وقول القائل هذا غرر ومجهول فهذا ليس حظ الفقيه ولا هو من شأنه، وإنَّما هذا شأن أهل الخبرة بذلك، فإن عَدُّوه قمارًا أَوْ غررًا فهم أعلم بذلك، وإنَّما حظ الفقيه يَحِلُّ كذا؛ لأَنَّ الله أباحه، ويَحْرُم كذا؛ لأَنَّ الله حرَّمه"(1)، وما ذلك إلَّا "لأَنَّ تحقيق المناط يرجع فيه لمن هو أعرف به وإن كان لا حظ له من علوم الوحي"(2).
وأدلة الشرع دالة على الاعتماد على الخبرة في الدلالة على وقوع مُعَرِّفَات الأحكام؛ فعن سعد بن أبي وقاص قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن شراء الرطب بالتمر، فقال: أينقص إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهى عن ذلك كله"(3).
فالنبي صلى الله عليه وسلم رد إلى أهل الخبرة معرفة نقصان الرطب إذا يبس، فلما قرروا ذلك تحقق وقوع السبب وهو التفاضل، فنهى عن هذا الشراء (4).
وعمر رضي الله عنه عندما أراد أَنْ يوقت غيبة المجاهد عن أهله سأل حفصة رضي الله عنها: "كم تصبر المرأة عن زوجها؟
(1) إعلام الموقعين 4/ 5، وفي المعنى نفسه انظر: مجموع الفتاوى 29/ 493.
(2)
أضواء البيان 3/ 92.
(3)
رواه أحمد 3/ 58، وهو برقم 1515، بتحقيق أحمد شاكر وصحح إسناده، وأبو داود 3/ 251، وهو برقم 3359، والنسائي 7/ 268، وهو برقم 4545، وابن ماجه 2/ 29، وهو برقم 2284، والترمذي 2/ 348، وهو برقم 1243، وقال عنه: هذا حديث حسن صَحِيح.
(4)
أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن الطلاع 419، 420.