الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تذييل:
لا نسخ، ولا تخصيص، ولا تقييد، ولا تبديل في الشريعة بعد كمالها.
إنَّ الشريعة بعد كمالها، وختامها بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا يلحقها نسخ، ولا تخصيص، ولا تقييد، يقول الشاطبي (ت: 790 هـ) - وهو يتحدث عن أوصاف الشريعة-: "الثبوتُ من غير زوال؛ فلذلك لا تجد فيها بعد كمالها نسخًا، ولا تخصيصًا لعمومها، ولا تقييدًا لإِطلاقها، ولا رفعًا لحكم من أحكامها لا بحسب عموم المكلفين، ولا بحسب خصوص بعضهم، ولا بحسب زمان دون زمان، ولا حال دون حال، بل ما أثبت سببًا فهو سبب أبدًا لا يرتفع، وما كان شرطًا فهو أبدًا شرط، وما كان واجبًا فهو واجب أبدًا، أَوْ مندوبًا فمندوب، وهكذا جميع الأحكام، فلا زوال لها، ولا تبدل، ولو فرض بقاء التكليف إلى غير نهاية لكانت أحكامها كذلك"(1).
4 - ثبوت تأخر الناسخ عن المنسوخ
.
فإنَّه إذا كان لا بُدَّ من تأخر الناسخ عن المنسوخ فلا بُدَّ من ثبوت ذلك التأخر بطريق النقل الدال على ذلك، ومنه ما يلي (2):
(1) الموافقات 1/ 78.
(2)
شرح الكوكب المنير 3/ 563، الإِتقان للسيوطي 2/ 32، مذكرة الشنقيطي 93، معالم أصول الفقه 258، النسخ في القرآن الكريم لمصطفى زيد 1/ 167، 220.
(أ) الإِجماع، وذلك مثل أَنْ يوجد تعارض بين نَصَّين، ولكن أجمعت الأمة على خلاف ما ورد به أحد الخبرين، فيستدل بذلك على أَنَّ المتروك منسوخ.
فالإِجماع يبين أَنَّ النَّص المتأخر ناسخ للمتقدم، لا أَنَّ الإِجماع هو الناسخ.
(ب) قوله صلى الله عليه وسلم وفعله.
ومثال ذلك في القول: قوله صلى الله عليه وسلم من حديث بريدة- رضي الله عنه: "نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها"(1).
ومثال ذلك في الفعل: عن ابن عباس- رضي الله عنه: "أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ"(2).
فهو ناسخ لقوله صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا مما مَسَّتْ النار"(3).
(ج) قول الراوي من الصَّحَابة: "كان كذا، ونُسِخ"، أَوْ "رخص في كذا ثم نهى عنه"؛ لأَنَّ له حكم المرفوع، ومنه ذكر الراوي لتاريخ سماعه للخبر، نحو أَنْ يقول:"سمعت عام الفتح كذا، وسمعت في حجة الوداع كذا"، وهكذا معرفة موت السابق
(1) رواه مسلم (2/ 672)، وهو برقم 977.
(2)
متفق عليه، فقد رواه البخاري (الفتح 1/ 310)، وهو برقم 207، ومسلم (1/ 273)، وهو برقم 354.
(3)
رواه مسلم (1/ 273)، وهو برقم 353.
بالإِسلام من الصَّحَابة قبل صحبه الثاني، ولا نسخ بقول الراوي: ذي الآية منسوخة، أَوْ ذا الخبر منسوخ حتى يبين الناسخ للآية والخبر؛ لأَنَّه قد يكون عن اجتهاد فلا يقبل، وهكذا لا يقبل قول مفسر أَوْ مجتهد بالنسخ من دون دليل.
* * *