الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج (1) الحَرَّة (2) التي يسقون بها النخل، فقال الأَنْصَارِي: سَرِّح الماء يمرُّ، فأبى عليه، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنْصَارِي فقال: أَنْ كان ابن عمتك؟ فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر (3)، فقال الزبير: والله إنَّي لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65] " (4).
وغير ذلك كثير مما جاءت فيه أحكام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب خصومة معينة فقضى فيها بحكم كان فاصلًا للمتنازعين فيما تنازعوا فيه.
2 - التوصيف الفقهي:
والمراد به: أَنْ يكون هناك قاعدة كلية مقررة بنَصٍّ من كتاب، أَوْ سنة، أَوْ متفق عليها، فيقوم المجتهد بتنزيلها على الفرع في
(1) شِراج: جمع شَرْج، والمراد به هنا: مسيل الماء [فتح الباري 5/ 36].
(2)
الحَرَّة: موضع معروف بالمدينة [المرجع السابق].
(3)
الجَدْر: ما وضع بين شربات النخل كالجدار، وقيل المراد: الحواجز التي تحبس الماء، وبه جزم السهيلي [فتح الباري 5/ 37].
(4)
متفق عليه، فقد رواه البخاري واللفظ له (الفتح 5/ 34، 38، 39)، وهو برقم 2359، 2360، ومسلم (4/ 1829 - 1830)، وهو برقم 129، 2357.
الأذهان على تلك الأوصاف من القاعدة (1).
وهكذا كل ما كان تحقيق المناط فيه بتنزيل القاعدة على الفرع متوجهًا على الأنواع لا على الأشخاص والوقائع المعينة (2) فهو تَوْصِيف فقهي، وذلك مثل إيجاب المثل في جزاء الصيد في قوله - تعالى-:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، فيأتي المجتهد فيقرر أَنَّ من قتل ضبعًا فعليه كبش، ومن قتل غزالًا فعليه عنز، ومن قتل أرنبًا فعليه عناق؛ لتحقق المثلية فيها حسب نظر المجتهد، فوجوب المثل اتفاقيٌّ نَصِّيٌّ، وكون هذا مثل هذا تحقيقي اجتهادي، فهو تَوْصِيف فقهي منزَّل في الأذهان لم يقع على واقعة متنازع فيها الآن (3).
ومثل ذلك: ما قرره الفقهاء من تَوْصِيف الهبة بشرط العوض - وهي المسماة هبة الثواب- بأَنَّها بيع تثبت لها أحكامه (4)، بناءً على نُصُوص مشروعية البيع، كقوله- تعالى-:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وأَنَّ العبرة بالمعاني لا بالألفاظ
(1) شرح مختصر الروضة 3/ 233، شرح عماد الرضا 1/ 59، معجم لغة الفقهاء 143.
(2)
الموافقات 4/ 93، 96، 97.
(3)
شرح مختصر الروضة 3/ 233 - 234، الموافقات 4/ 93، مذكرة أصول الفقه 224.
(4)
الروض المربع وحاشية ابن قاسم عليه 4/ 416، 423.