الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول
المراد بالاتباع
وإمكانه
المراد بالاتباع:
الاتباع هو متابعة قول الغير بعد معرفة دليله.
فالمتبع يتبع قائل هذا القول مرتضيًا دليله الذي قرره وحرره، فكأَنَّه اختار هذا القول لقوة دليل صاحبه، وهو لم يبحث عن معارضه، ولا علم له بناسخ ولا منسوخ وغير ذلك مما يستقل به المجتهد، يقول ابن عبد البر (ت: 463 هـ): "التقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأَنَّ الاتباع هو أَنْ تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصِحَّة مذهبه، والتقليد: أَنْ تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول ولا معناه"(1).
إمكان الاتباع:
الاتباع ممكن لكثير من متوسطي أهل العلم، جاء في الاختيارات: "ومن أكثر من سبر أهل العلم من المتوسطين إذا نظر
(1) جامع بيان العلم وفضله 2/ 787.
وتأمل أدلة الفريقين بقصد حسن ونظر تام ترجح عنده أحدهما، لكن قد لا يثق بنظره، بل يحتمل أَنَّ عنده ما لا يعرف جوابه، فالواجب على مثل هذا موافقته للقول الذي ترجح عنده بلا دعوى منه للاجتهاد" (1).
فالترجيح والاختيار اتباعٌ لا اجتهاد مطلق ولا تقليد (2)، وهذا دأب طبقة من الفقهاء المنتسبين للمذاهب؛ يقرر أحدهم المسألة بدليلها اتباعًا لمن قبله، ولا يبحث عن معارض، ولا يستوفي النظر كما يفعل المجتهد المستقل (3)، فإذا سلم مقرر الحكم بدليله من التعصب المذهبي كان متبعًا.
ومن صور الاتباع الأخذ بقرارات المجامع الفقهية المعاصرة إذا ظهر للمتبع اعتبار دليلها وصواب تقعيدها وتأصيلها.
وموافقة المجتهد لمجتهد آخر في حكم قرره بدليله باجتهاد مستأنف لا يكون تقليدًا ولا اتباعًا، وإنَّما هو اجتهاد؛ لأَنَّه لم يتابعه في القول، بل اجتهد اجتهادًا مستأنفًا (4).
* * *
(1) ص 332.
(2)
معالم أصول الفقه 496.
(3)
أدب المفتي لابن الصلاح 94 - 95، صفة الفتوى 18 - 19، إعلام الموقعين 4/ 213.
(4)
شرح الكوكب المنير 4/ 530.