الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ أحدهما يقرر بشأنها أحكام الشروط في العقد تَصْحِيحًا وإبطالًا.
القسم الثاني: التخريج على الأصول والقواعد المذهبية
.
والمراد به: استخراج حكم من الأحكام الشرعية العملية من أصل أَوْ قاعدة مذهبية (1).
وهو عمل له فائدته الكبيرة، ويسهل على المخرج استنباط الحكم وتقريره، يقول الجويني (ت: 478 هـ): "ولعل الفقيه المستقل بمذهب إمام أقدر على الإِلحاق بأصول المذهب الذي حواه من المجتهد في محاولته الإِلحاق بأصول الشريعة؛ فإنَّ الإِمام المقلَّد المقَّدم بذل كُنْهَ مجهوده في الضبطِ، ووضعِ الكتاب وتبويبِ الأبواب، وتمهيدِ مسالك القياس والأسباب، والمجتهد الذي يبغي رد الأمر إلى أصل الشرع لا يصادف فيه من التمهيد والتقعيد ما يجده ناقل المذهب في أصل المذهب المفرع المرتب"(2).
وقال -عند تعذر المجتهد ووجود الفقيه المتمرس على التخريج المذهبي-: "فإحالة المستفتين على ذلك أولى من تعرية وقائع عن التكاليف أَوْ إحالة المسترشدين على عمايات، وأمور كلية"(3).
(1) شرح مختصر الروضة 3/ 644، 645، المدخل المفصل 1/ 280، أصول الحنفية للكرخي 173، تخريج الفروع على الأصول لشوشان 1/ 193.
(2)
الغياثي 426، وفي المعنى نفسه انظر: الإِفادة من التراث الفقهي في المطلب الثاني من المبحث الثاني من هذا الفصل.
(3)
المرجع السابق.
ولقد اهتم علماء المذاهب بوضع قواعد وأحكام عَامَّة لجميع أبواب الفقه، أَوْ خَاصَّة بأبواب أَوْ تصرفات معينة، فيأتي الفقيه أَوْ المفتي أَوْ القاضي إذا لم يجد للنازلة حكمًا مقررًا في المذهب فيخرِّج الواقعة المنظورة لديه على الأصول والقواعد المذهبية (1).
يقول النووي (ت: 676 هـ): "وله -أي مجتهد المذهب- أَنْ يفتي فيما لا نَصَّ فيه لِإمامه بما يخرجه على أصوله، هذا هو الصَّحِيح الذي عليه العمل، وإليه مفزع المفتين من مدد طويلة"(2).
ويقول ابن حمدان (ت: 695 هـ): "يبعد أَنْ تقع واقعة لم يُنَصَّ على حكمها في المذهب، ولا هي في معنى بعض المَنْصُوص عليه فيه من غير فرق، ولا مندرجة تحت شيء من ضوابط المذهب المحررة"(3).
وقد قرر الفقهاء أهمية القواعد الفقهية، وإمدادها للفقيه بالأحكام عن طريق الإِلحاق والتخريج.
وهذا السيوطي (ت: 911 هـ) يبين ذلك فيقول: "اعلم أنَّ فنَّ الأشباه والنظائر فنٌّ عظيم، به يطلع على حقائق الفقه ومداركه
(1) أدب المفتي لابن الصلاح 96، 97، المجموع 1/ 79، الغياثي 426، صفة الفتوى 19 - 20، الإِنصاف 12/ 261، 264، المدخل المفصل 1/ 290، الفتاوى السعدية 64، تخريج الفروع على الأصول لشوشان 1/ 192، 193.
(2)
المجموع 1/ 78.
(3)
صفة الفتوى 23.
ومآخذه وأسراره، ويتمهد في فهمه واستحضاره، ويقتدر على الإِلحاق والتخريج، ومعرفة أحكام المسائل التي ليست بمسطورة، والحوادث والوقائع التي لا تنقضي على ممر الزمان" (1).
ويقول القرافي (ت: 684 هـ): "ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلطت،
…
ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛ لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره، وتناسب الشاسع البعيد وتقارب" (2).
ولذا فإنَّ الفقيه والقاضي والمفتي إذا نزلت به واقعة لا قول فيها للعلماء اجتهد في ردها إلى أصلها وقاعدتها، يقول القرافي:"وتخريج الأحكام على القواعد الأصولية الكلية أولى من إضافتها إلى المناسبات الجزئية، وهو دأب فحول العلماء دون ضَعَفَة الفقهاء"(3).
وقد درج علماء المذاهب على التخريج عند إعواز الكلام في المسألة والحكم عليها (4)، وهكذا المفتون والقضاة.
(1) الأشباه والنظائر 6، وانظر في المعنى نفسه: المنثور 1/ 71.
(2)
الفروق 1/ 3.
(3)
الإِحكام 48.
(4)
أدب المفتي لابن الصلاح 96، شرح رسم المفتي 11، صفة الفتوى 18، إعلام الموقعين 4/ 212، شرح الكوكب المنير 4/ 470، التخريج للباحسين 99.