الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه عمل الأمة، وغيرها من الألفاظ الدالة على الترجيح.
والمشهور عند جمهورهم أَنَّ الأَصَحَّ آكد من الصَّحِيح في الغالب، وذلك إذا كان التَّصْحِيح في كتابين، أَمَّا إذا وقع ذلك في كتاب واحد فلا يتأتى حمل مقابل الأَصَحَّ أَوْ الصحِيح إلَّا على الفاسد.
ولفظ الفتوى عندهم أولى؛ لأَنَّه لا يفتى إلَّا بما هو صَحِيح، وليس كل صَحِيح يفتى به (1).
(ب) مذهب المالكية:
لقد قرر فقهاء المالكية طرق ترتيب الأقوال وترجيحها عند تَعَدُّدها في المذهب، وحاصل ذلك ما يلي (2):
1 -
يقدم الأقوى دليلًا إذا كان لدى المرجح أهلية النظر في الأدلة والترجيح بينها، لكن إذا لم يكن له أهلية النظر في الأدلة والترجيح بينها، أَوْ لم يظهر له دليل الترجيح بين الأقوال فثَمَّ طرق أخرى تأتي في الفقرات التالية.
2 -
يقدم قول مالك (ت: 179 هـ) في الموطأ، فإن لم يوجد فقوله في المدونة.
(1) رسم المفتي 38، 39، تاريخ القضاء لعرنوس 161.
(2)
البهجة 1/ 43 - 45، تبصرة الحكام 1/ 65 - 78، حاشية البناني 7/ 124، النظرية العامة للقضاء والإِثبات 133 - 137، تاريخ القضاء لعرنوس 162.
ثم قول ابن القاسم (ت: 191 هـ) مقدم على غيره، سواء كان في المدونة أَوْ غيرها، لكن قوله في المدونة مقدم على قوله في غيرها، ثم قول غيره في المدونة أَوْ غيرها.
وقال بعضهم: بل يقدم قول غير ابن القاسم في المدونة على قول ابن القاسم في غيرها، وذلك لصحتها.
3 -
ثم الترجيح بعد ذلك بصفات أهل الأقوال، فيقدم قول الأكثر، والأورع، والأعلم، فإذا اختص واحد منهم بصفة أخرى قُدِّم الذي هو أحرى منهما بالإِصابة، فالأعلم الورع مقدم على الأورع العالم.
ولذلك قال المشذالي (ت: 866 هـ): يقدم قول ابن رشد (ت: 520 هـ) على قول ابن يونس (ت: 451 هـ)، وقول ابن يونس على قول اللخمي (ت: 478 هـ).
قال التسولي (ت: 1258 هـ): "وهذا فيما عدا ما نبَّه الشيوخ على ضعف كلام ابن رشد فيه"(1)، فما بَيَّن الشيوخ فيه ضعف كلام ابن رشد فلا يقدم هذا الضعيف من كلامه.
4 -
يقدم المشهور على الشاذ.
واختلف في المراد بالمشهور على قولين؛ أحدهما: أَنّه ما قوي دليله، والآخر: أنَّه ما كثر قائلوه، وهو أظهر؛ حتى لا يكون
(1) البهجة 1/ 43.
المشهور بمعنى ما ترجح بالدليل الذي سلف ذكره (1)، كما يقدم الأشهر على المشهور وهو الذي دونه في الشهرة.
5 -
يقدم القول الذي جرى به العمل ولو شاذًا على المشهور أَوْ الراجح ما لم يقم مقتض لتغييره، وذلك بعد ثبوت العمل به غير ما مرة من العلماء المعتد بهم.
والشاذ هو: ما قابل المشهور أَوْ الراجح.
يقول ابن فرحون (ت: 799 هـ): "ونُصُوص المتأخرين من أهل المذهب متواطئة على أَنَّ هذا مما يرجح به
…
يقولون: الذي جرى به العمل في هذا المسألة في بلد كذا، وفي عرفهم كذا وكذا، وأَمَّا غير ذلك من المسائل التي يذكرون ما جرى به العمل فيها للعرف الذي اقتضته المصلحة في حق العَامَّة، وتغير العوائد وذلك أمرٌ عَامّ فإنَّه مما يرجح به ذلك القول المعمول، ولا ينبغي أَنْ يختلف في هذا، وظاهر النُّصُوص تشهد بذلك" (2).
(1) تبصرة الحكام 1/ 71، شرح حدود ابن عرفة 620.
(2)
تبصرة الحكام 1/ 69.
وانظر في الأخذ بالقول المرجوح: المطلب الأول من المبحث الرابع من الفصل الرابع من الباب الأول.
فائدة: في المصطلحات الخَاصَّة بألفاظ الإِمام مالك كقوله: يحلّ، ولا يحلّ، ويجوز، ولا يجوز، وأَحَبُّ ما سمعتُ إليّ، لا أرى به بأسًا، وذلك حسن وليس بواجب، ولا أُحِبُّ له أَنْ يترك، وغيرها انظر:[مناهج التشريع الإِسلامي في القرن الثاني الهجري 2/ 655 - 656].