الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمك" (1).
وهكذا جميع الأمثال الواردة في الكتاب والسنة دليلٌ على حجية القياس وكونه من أدلة شرعية الأحكام؛ لما في هذه الأمثال من اعتبار الشيء بنظيره.
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على الحكم بالقياس في وقائع كثيرة تصل بمجموعها إلى حدّ التواتر (2).
وخالف في حجية القياس بعض العلماء، لكن خلافه ضعيف (3).
5 - الاسْتِصْحَاب:
المراد به عند الأصوليين: التمسُّك بدليل عقلي أو شرعي لم يظهر عنه ناقل.
وهذا يعني: أنَّ استصحاب الدليل الشرعي والعقلي المتفرع عنه مستند لتقرير شرعية الحكم الكلي.
(1) متفق عليه من حديث ابن عباس، فقد رواه البخاري (الفتح 4/ 192)، وهو برقم 1953، كما رواه مسلم 2/ 804، وهو برقم 1148.
(2)
روضة الناظر 3/ 809، الفقيه والمتفقه 1/ 199، الرد على المنطقيين 371، 381، 384، إعلام الموقعين 1/ 209، القواعد والأصول الجامعة 8، الأصول من علم الأصول 89، معالم أصول الفقه 196.
(3)
شرح الكوكب المنير 2/ 5.
والاسْتِصْحَاب كدليل على شرعية الحكم يكون بالتمسك بدليل عقلي لم يظهر ناقل عنه، مثل: استحصاب البراءة الأصلية، كقولهم: الأصل براءة المكلف من التكليف، مثل: عدم وجوب صيام شوال.
كما يكون الاسْتِصْحَاب بالتمسك بحكم الدليل الشرعي الذي لم يظهر ناقل عنه، مثل: اسْتِصحَاب حكم الإِجماع، أَوْ عموم النَّصّ، وإذا ظهر دليل ناقل عن أصل الاسْتِصْحَاب صرنا إليه، مثل: قيام الدليل على التكليف بأمر من الأمور، أَوْ تخصيص العموم، أَوْ ترك حكم الإِجماع في محل الخلاف، وهكذا (1).
والاسْتِصْحَاب حجة ودليل من أدلة شرعية الأحكام عند الأكثرين، ومنهم مالك (ت: 179 هـ)، وأحمد (ت: 241 هـ)، وجماعة من أَصْحَاب الشافعي، خلافًا لجمهور الحنفية (2).
ووجه كون الاستصحاب حجة: أنَّ العقلاء من الخاصة والعامة
(1) شرح مختصر الروضة 3/ 147، 148، شرح الكوكب المنير 4/ 404.
(2)
شرح مختصر الروضة 3/ 148، شرح الكوكب المنير 4/ 403، الوجيز للبورنو 95.
فائدة: يقول الشيخ عبد الله التركي: "والحنابلة سواء منهم الأصوليون أَوْ الفقهاء لا يتميزون في هذا المجال بشيء خاص بهم، فهم مع من يأخذ بالاسْتِصْحَاب ويحتج به ولكن حينما لا توجد النُّصُوص وأقوال الصَّحَابَة وفتواهم، ويجعلونه من طرق الاستدلال ويتوسعون فيه في جانب العقود والمعاملات، ولا يمنعون شيئًا منها ما لم يوجد مانع من نص أَوْ ما في حكمه، وقد جعلوا الأصل في المعاملات الإِباحة ما لم يرد مانع". [أصول مذهب الإِمام أحمد 380].