الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل
سبق أَنْ الحكم التكليفي هو مقتضى خطاب الشرع المتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أَوْ تخييرًا أَوْ صِحَّةً أَوْ بطلانًا، وأَنَّ الأصل هو الحكم التكليفي وكثيرًا ما يطلق الحكم الشرعي مرادًا به الحكم التكليفي، وأَنَّ حكم التكليف مرتب لما تقرر بالأسباب، والشروط، والموانع، وأَنه مُتَوَقِّف عليها، فالحكم الكلي يتحلل إلى شطرين هما: الحكم الوضعي (مُعَرِّفَات الحُكْم)، والحكم التكليفي (1).
والحكم الكلي كما يكون نَصًّا مقررًا قد يكون قاعدة تستنبط وتقرر بناءً على القواعد الأصولية (2).
(1) انظر ما سبق في التمهيد من الباب الأول، وسائل الاثبات 181.
(2)
يقول ابن خلدون في ذلك: "فليستحضر -يعني القاضي- حكم تلك الواقعة لا برأي واستحسان
…
بل بالنقل الصريح، أَوْ بذل الجهد في درك الحق من أهل الاجتهاد بطرقه المعتبرة"، وقال في موضع آخر- وهو يحث القاضي على الاستشارة فيما أشكل عليه- يقول: "ثم إذا رجع إليه الجواب -يعني ممن استشاره- كرر النظر فيه، وراجع الكتب المعتمدة حتى يتضح الحال جدًّا". =
وإذا كنا نروم في هذا الكتاب إلى ضبط تَوْصِيف الأَقْضِيَة التي يكون بها إجراء الحكم الكلي على الأقضية مراعين ضبطه بما يوقعه موقعه الصَّحِيح الموافق لمراد الله- عز وجل في تحقيق العدل بين عباده، وإيصال الحقوق إلى أَصْحَابها آخذين بما تقتضيه الأصول من مراعاة الزمان والمكان وخصوصية الواقعة موضع النزاع وغير ذلك من الأصول، فإذا كنا نروم ذلك فإنَّ أهم عناصر التَّوْصِيف هو إعداد الحكم الكلي المراد تطبيقه على الواقعة المعينة بتمييزه من بين أحكام أخرى قد تكون مشابهة أَوْ متداخلة، أَوْ باستنباطه بالاجتهاد من أصوله وقواعده إذا لم يكن حكمًا نَصِّيًّا، فالعلم بالحق مقدمة للحكم به (1).
وتقرير الحكم الكلي في صيغته المهيئة لتَوْصِيف القضية عليه يكون من طرقه المعتبرة باجتهاد، أَوْ اتباع، أَوْ تقليد، أَوْ تخريج، وسوف نأتي على تفصيل لهذه الطرق في المباحث التالية:
* * *
= [مزيل الملام 114، 120].
(1)
مزيل الملام 114، الإِعلام لابن القيم 4/ 173، تنبيه الحكام 195، شرح أدب القاضي لابن مازه 1/ 179، روضة القضاة 1/ 158، تبصرة الحكام 1/ 64، البهجة 1/ 41، الاستقامة لابن تيمية 2/ 217، الكشاف 6/ 300، فصول في الفكر الإِسلامي في المغرب 188، 189.