الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول الأخذ بالقول المرجوح عند الاقتضاء
المراد بالأخذ بالقول المرجوح:
هو إعمال القاضي قولًا مرجوحًا، وترك الراجح لمقتضٍ شرعي من ضرورة أَوْ حاجة.
حكمه:
لقد اختلف العلماء في الأخذ بالقول المرجوح في الفتوى والقضاء على ثلاثة أقوال، هي:
القول الأول: منع الأخذ والعمل بالقول المرجوح ولو كان ثَمَّ حاجة أَوْ ضرورة.
وبذلك قال المازري (ت: 536 هـ)، والشاطبي (ت: 790 هـ) من المالكية في أحد قوليه.
وعللوا بما يلي (1):
(1) الموافقات 4/ 136، 142، 145، 147.
(أ) أَنَّ للضرورة حكمها وهي مبينة عند الفقهاء، فمتى وقعت عولجت بما يقتضيه الحال، وقُرَّر لها الحكم الكلي الملاقي لها.
(ب) أَنَّ في فتح هذا الباب فتحًا لباب اتباع الهوى من غير ضرورة ولا حاجة؛ مما يؤدي إلى الحكم بالتشهي، ويخرم الانضباط في الأحكام.
(ج) أَنَّ ذلك يؤدي إلى انسلاخ الناس من الدين بترك اتباع الدليل والانسياق وراء ضعيف الأقوال وشاذها، وربما أدى إلى خرق الإِجماع بالتلفيق بين الأقوال.
(هـ) أَنَّ ذلك يؤدي إلى الاستهانة بالدين؛ إذ يصير بذلك سيالًا لا ينضبط.
القول الثاني: للمفتي الأخذ بالمرجوح في خَاصَّة نفسه، ولا يجوز ذلك في الفتيا والقضاء.
وبذلك قال بعض المالكية (1)، وبعض الشافعية (2).
وعللوا: بأَنَّه لا يصار إلى العمل بالقول الضعيف إلَّا عند الضرورة، والمفتي لا يتحقق الضرورة بالنسبة لغيره كما يتحققها من نفسه، فالمنع لأجل ألَّا تكون الضرورة محققة، لا لأجل أَنّه لا يعمل بالضعيف إذا تحققت الضرورة.
(1) حاشية البناني 7/ 124، 147.
(2)
الفتاوى الكبرى الفقهية 4/ 304، الفوائد المدنية 234، 236.
القول الثالث: جواز الأخذ والعمل في القضاء والفتيا بالقول المرجوح عند الاقتضاء من ضرورة أَوْ حاجة بشروط مقررة سيأتي ذكرها لاحقًا.
وبذلك قال جمهور الفقهاء من الحنفية، وأكثر المالكية، وهو أحد قولي الشاطبي منهم، وبعض الشافعية، وهو مذهب الحنابلة.
وعللوا بما يلي (1):
(أ) أَنَّ للضرورة والحاجة حكمها، وتقدر بقدرها عند وقوعها.
(1) للحنفية: شرح رسم المفتي 26، حاشية ابن عابدين 1/ 51، روضة القضاة 1/ 325.
للمالكية: نشر البنود 2/ 276، الموافقات 4/ 253، النوازل 91، 92، مقاصد الشريعة 183، العقد المنظم للحكام 2/ 216، الفكر السامي 2/ 406، 418، 421.
للشافعية: الفتاوى الكبرى الفقهية 4/ 304، 305، الفوائد المدنية 236.
للحنابلة: العقود الياقوتية 143، مطالب أولي النهى 6/ 446، 447، فتاوى ورسائل 2/ 16، 19، 21، 11/ 12، 14، 272، 12/ 61، مجموع الفتاوى 42/ 197، 35/ 29.
وللإِفادة انظر: التنظيم القضائي للزحيلي 170 - 171، ولابن دريب 313، الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب للزحيلي 14، الجامع لاختيارات ابن تيمية 3/ 1389، 1390، المنثور 2/ 127، 137، الأشباه والنظائر للسيوطي 136.