الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث الوقوف على الأعراف الجارية زمن تقرير النَّصّ الفقهي مما يعين على بيانه وتفسيره
لقد كان من دأب العلماء تقرير الأحكام في مواجهة النوازل، ومن هذه النوازل أعراف طرأت فعليةٌ أَوْ لغويةٌ، كما أَنَّ الفقيه حين يقرر حكمًا قد يراعي في بعض جوانبه هذه الأعراف في مناط الواقعة، ومن هنا كان للعرف أثر في تقرير هذا الحكم، ووقوف المطلع على الحكم الكلي الفقهي يستدعي معرفة العرف زمن الفقيه الذي قرره؛ لأَنَّه مما يساعد على فهمه وتفسيره، وبيان تصويره، لتقريره وتطبيقه على الواقعة القضائية، أَوْ الانتقال عنه إلى غيره من الأصول عند موجب ذلك (1).
ومن ذلك: أَنَّ الفقهاء حَدَّدُوا بعض الكنايات في الطلاق وغيره بناءً على الاصطلاح العرفي للمتكلم في زمان ومكان، وقد يتغير
(1) القواعد والأصول الجامعة لابن سعدي 38، 72، أثر العرف في التشريع الإِسلامي 555.
ذلك، فتصبح الكناية صريحًا، والصريح كنايةً، يقول القرافي (ت: 684 هـ): "
…
وصيغ الصرائح والكنايات، فقد يصير التصريح كنايةً يفتقر إلى النية، وتصير الكناية صريحًا مستغنيًا عن النية" (1)، فعلى القاضي والمفتي التفطُّنُ لذلك عند تفسير كلام الفقهاء وتطبيقه على الوقائع.
* * *
(1) الفروق 1/ 177، وفي المعنى نفسه انظر: الإِحكام للقرافي 37.