الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولهم: "أَوْ وضعًا": المراد به: جعل الشرع الشيء سببًا أَوْ شرطًا أَوْ مانعًا لشيء آخر (1).
شرح تعريف الفقهاء:
إنَّ المقارنة بين التعريفين تظهر بأَنَّ الفرقَ بينهما من جهة اللفظ زيادةُ لفظ: "مقتضى" في أول التعريف، ولذلك فإنَّ شرح تعريف الفقهاء ببيان المراد بقولهم:"مقتضى"، وقد جيء به عندهم ليبينوا أَنَّ الحكم هو مقتضى خطاب الشرع، وليس الخطاب عينه هو الحكم.
فقول الله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43]، ليس هو الحكم عند الفقهاء، وإنَّما الحكم عندهم وجوب الصلاة الذي اقتضاه خطاب الله المذكور (2).
وبقية شرح التعريف يعلم من شرح تعريف الأصوليين السابق.
الفرق بين تعريف الأصوليين والفقهاء للحكم وبيان الراجح منهما:
إن المقارنة بين التعريفين -تعريف الأصوليين للحكم وتعريف الفقهاء له- يظهر بزيادة لفظ: "مقتضى" في أول التعريف عند الفقهاء، وهي زيادة في المبنى تَدلُّ على خاصية في المعنى.
(1) الأصول من علم الأصول 12، السبب عند الأصوليين 1/ 61.
(2)
شرح مختصر الروضة 1/ 257.
فالحكم عند الفقهاء هو ما اقتضاه خطاب الشرع، فخطاب الشرع عند الفقهاء هو الدليل، والحكم هو أثره من الوجوب، والحرمة، والكراهة، والندب، والِإباحة، وكون الشيء سببًا، أَوْ شرطًا، أَوْ مانعًا لشيء آخر.
أمَّا الأصوليون فيقولون بأَنَّ خطاب الشرع في مثل قوله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} هو الحكم عينه، كما أنَّه دليل الحكم، فهو حكم؛ لأَنَه مقتض للحكم، وهو دليل الحكم؛ لأَنَّه قد تضمن الحكم.
فالفقهاء يفرقون بين الحكم ودليله، فالحكم عندهم مقتضى خطاب الشرع من الوجوب، والحرمة، والكراهة، والاستحباب، والِإباحة، وكون الشيء سببًا، أَوْ شرطًا، أَوْ مانعًا لشيء آخر.
ودليل الحكم هو خطاب الشرع نفسه من الكتاب والسنة فقوله -تعالى-: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} هذا هو دليل الحكم، والحكم هو مقتضى هذا الدليل، وهو وجوب الصلاة.
ومما تجدر الِإشارة إليه أَنه ليس للخلاف بين التعريفين أثر عملي، وإنَما هو اصطلاح، ولا مشاحة فيه (1).
وأَمَّا أي الاصطلاحين أولى؟ فقد قال ابن النجار (ت: 972 هـ) في تعريف الفقهاء: "إلَّا أَنَّ هذا أصرح
(1) نظرية الحكم 34، السبب عند الأصوليين 1/ 78.
وأخص" (1)، وسبب ذلك أنَّ فيه تمييزًا بين الحكم والدليل.
قال الحصري (معاصر): "
…
وإن كان رأي الفقهاء يظهر واضحًا فيما يسمى بالحكم الشرعي وبين دليله الذي ثبت به" (2).
* * *
(1) شرح الكوكب المنير 1/ 334.
(2)
نظرية الحكم 34.