الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ت: 792 هـ)، وهو ظاهر كلام ابن الجوزي (ت: 656 هـ) من الحنابلة، فقد قال:"وأَمَّا الحكم في الدليل القياسي فالقضاء بالصِّحَّة، والبطلان، أَوْ الفساد، أَوْ الوجوب، أَوْ التحريم، إلى غير ذلك"(1).
واستدلوا: بأَنَّه لا يمكن الحكم على الشيء بالصحَّة أَوْ البطلان إلَّا عن طريق خطاب الشرع، وخطاب الشرع بالصِّحَّة يعني إباحة الانتفاع بالمبيع للمشتري مثلًا، وإيجاب دفع الثمن وتسليم المثمن (2).
الترجيح:
والذي أرجحه هو القول الثالث؛ لما يلي:
1 -
قوة ما استدَلَّ به قائلوه.
2 -
أَنَّ الحكم بالصِّحَّة مرتب على تحقق الأسباب والشروط وانتفاء الموانع، كما أَنَّ الحكم بالبطلان مرتب على تحقق المانع، أَوْ انتفاء الشروط، وهذا شأن الحكم الكلي التكليفي لا الوضعي، فالحكم الوضعي معرف للحكم التكليفي ومؤثر فيه، والحكم التكليفي مرتب عليه وهو أثر له، وهذا هو شأن الصِّحَّة والبطلان مع الأسباب والشروط والموانع على نحو ما وصفنا، فكأَنَّ الشرع
(1) الِإيضاح 62.
(2)
التلويح 2/ 123، شرح العضد 2/ 8، السبب عند الأصوليين 1/ 130.
قال مثلًا: إنَّه إذا وقع عقد البيع بشروطه وانتفاء موانعه فإنَّه عقد صَحِيح يترتب عليه وجوب تسليم الثمن والمثمن والانتفاع بالمبيع، وهذا هو شأن الحكم التكليفي (1).
أَوْ كأَنَّ الشرع قرر: بأَنَّه إذا وقع العقد منخرم الشروط أَوْ بعضها فإنَّه باطل لا يترتب عليه أثره، وهكذا لو انخرمت بعض أركانه أَوْ وجدت موانعه.
تنبيه:
ذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى أَنَّ الصحَّة والفساد حكم وصفي لا وضعي ولا تكليفي وعَرَّفه بأَنَّه: خطاب الله -تعالى- المتعلق بوصف الشيء ذي الوجهين بموافقة أمر الشارع والفساد ضده، وأَنَّ هذا الحكم (الصِّحَّة والفساد) يحكم به على الأحكام الوضعية والأحكام التكليفية بموافقتها لأمر الشرع أَوْ مخالفتها له (2).
وهذا مردود بما ذكرنا في ترجيح كونه حكمًا تكليفيًّا.
ولا يرد على ذلك أَنَّ لِلصِّحَّة والبطلان آثارًا تترتب عليها، ككون الصَّحِيح من البيع يجب فيه تسليم الثمن، وكون الباطل من
(1) انظر تقرير ذلك في أقسام الحكم، والعلاقة بين حكم الوضع والتكليف، من التمهيد في الباب الأول.
(2)
الصِّحَّة والفساد لجبريل ميغا 224.
البيع يجب فيه رد المبيع لصاحبه البائع، ذلك بأَنَّ السبب المنتج لِلصِّحَّة له آثار؛ منها الصِّحَّة، ومنها وجوب تسليم الثمن، كما أَنَّ تخلف الشرط أَوْ وجود المانع له آثار، منها البطلان، ومنها وجوب إعادة المبيع لصاحبه البائع، وهكذا في ترتب عدة أحكام على السبب (1).
* * *
(1) قواعد الأحكام 2/ 100.