الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الخلطة في السائمة وغيرها:
الخلطة مع الغير مؤثرة في السائمة، فلو كان لرجلين أربعون شاة فيها زكاة، ولو كان لرجلين مائتا درهم فلا زكاة فيها هذا هو المشهور من مذهب أحمد، أما الخلطة في غير السائمة فلا أثر لها، فإذا أختلط في نصاب من غير السائمة فلا زكاة عليه، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الزكاة تجب على الخليطين في المال الظاهر مثل الحبوب والثمار، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة لأخذ الزكاة من الأموال الظاهرة ولم يأمرهم بسؤال الناس هل لهم شريك في هذه الأموال أو لا؟ والأصل أن عدم التفصيل يدل على العموم، وأن المال الظاهرة تجب فيها الزكاة، وإن كان نصيب كل واحد منهم أقل من النصاب، لكن المشهور من مذهب الإمام أحمد أن الخلطة لا تؤثر إلا في السائمة.
ومن فوائد هذا الحديث: حكمة الشارع في استقرار الفريضة بعد انتهاء الفرض المقدر، ووجه الحكمة من ذلك: أنه لو استمر التقدير معينا بالشرع لكان في ذلك شيء من المشقة لكن إذا جعل إلى أمل ينتهي إليه ثم ثبتت القاعدة صار ذلك أسهل على الدافع وعلى المدفوع إليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجوز للإنسان أن يتصدق وإن لم تجب عليه الزكاة، يؤخذ ذلك من قوله:"إلا أن يشاء ربُّها".
ومن فوائده أيضًا: أنه لا بد من السَّوم في زكاة بهيمة الأنعام لقوله: "في الغنم في سائمتها"، ولم يذكر شرط السَّوم في الإبل، ولكننا نقول: إنه يشترط فيها لما سيأتي- إن شاء الله- من حديث بهز بن حكيم وللقياس الجلي إذ لا فرق، فيؤخذ من هذا: أن الماشية التي تعلف أكثر الحول أو الحول كله أو نصف الحول ليس فيها زكاة؛ لأنها من السائمة.
ويؤخذ منه أيضًا: أن البهيمة إذا كانت مما يركب أو يحرث عليه فإنه لا زكاة فيها، يعني: الإبل العوامل أو البقر العوامل التي يحرث عليها وإن بلغت ما بلغت فليس فيها زكا، لماذا؟ لأنها غير سائمة، ولكن الإبل العوامل أو البقر العوامل الحارثة إذا كانت تستغل بأجرة فإن الزكاة تجب في أجرتها إذا تم عليها الحول.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الشريكين يتراجعان في الضمان بالسوية، يتفرع على هذه الفائدة- وهى المظالم المشتركة- لو فرض أنه جعل ضريبة من قبل السلطان على هذا المال وهو مشترك فسلمها أحد الشريكين بغير إذن الآخر هل يرجع على شريكه؟ إذا قال الشريك أنا ما أذنت لك تدفع، نقول: الضريبة ما جعلت علي أو عليك الضريبة جعلت على هذا المال نفسه وهو مشترك فيجب أن تضمن بمقدار نصيبك، إذا كان لك من هذا المال الثلثان تضمن
ثلثي الضريبة، وإذا كان لك ثلث تضمن ثلثها، وأما أن نقول: هذا الرجل الذي حمى الملك ودفع الضريبة التي عليه نقول: ليس لك شيء لماذا لم تستأذن شريكك؟ هذا ظلم، وعلى هذا فنقول: إنه في هذه الحال إذا جعل ضريبة على مال مشترك فإن الشريكين يتراجعان بينهما بالسوية.
وفيه أيضًا: تحريم إخراج المعيب، وقد دلَّ القرآن على ذلك فقال تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه
…
} [البقرة: 267]. ودلَّ عليه أيضًا النظر الصحيح؛ لأنه ليس من العدل أن تخرج عن الطيب رديئًا، كما أنه ليس من العدل أن نأخذ كرائم الأموال وندع لك الأوساط أو الرديئة بل الواجب القسط.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يخرج في الصدقة تيس لقوله: "ولا تيس" إلا اذا رأى المصدِّق في ذلك مصلحة.
ومن فوائد هذا الحديث: مراعاة تكافؤ الأوصاف والمعاني، يؤخذ ذلك من أن التيس ممنوع، لكن إذا كان فيه صفة مقصودة ترجح أخذه فإنه يؤخذ، فيكون ناقصًا من وجه، كاملًا من وجه آخر.
ومن فوائده أيضًا: أنه لا يخرج الذكر إلا إذا شاء المصدِّق، والمشيئة هنا ترجع إلى المصلحةً. ومن فوائده: وجوب الزكاة في الفضة وأن مقدارها ربع العشر؛ لقوله: "وفي الرِّقة ربع العشر".
ومن فوائده: أنه لا زكاة فيها حتى تبلغ النصاب؛ لقوله: "فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربُّها".
ومن فوائده: أن نصاب الفضة مقدر بالعدد لقوله: "في مائتي درهم ربع العشرة"، وهل هذا مشروط بما إذا لم تكن هذه الدراهم أكثر من خمس أواقٍ أو ليس بمشروط؟ في هذا خلاف بين العلماء، فمن العلماء من يقول: في مائتي درهم إذا كانت لا تزيد على خمس أواقٍ، فإن كانت تزيل فالزكاة في مقدار خمس أواقٍ، يعني: لو فرض أن مائتي درهم تبلغ عشر أواقٍ من الفضة، فعلى هذا الرأي تجب الزكاة في مائتي درهم؛ لأنه يعتبر أن الزكاة في مائتين بشرط ألا تزيد على خمس أواقٍ ولو كان هناك مائتا درهم لكنها تبلغ أربع أواقٍ فقط، فعلى هذا الرأي لا تجب الزكاة فيها؛ لأنه يقول إن نصاب الفضة مائتا درهم إذا كانت مساوية في الوزن لخمس، أواق فإن زادت فالمعتبر الخمس وإن نقصت فالمعتبر الخمس، أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيرى أن المعتبر العدد سواء زاد على خمس أواق أو نقص، وعليه فنعكس الأحكام، ففي مائتي درهم زنتها خمس أواقٍ عند شيخ الإسلام فيها الزكاة وإن لم تبلغ خمس أواقٍ، وفي مائة وتسعين درهمًا تبلغ عشر أواقٍ ليس فيها زكاة على رأي شيخ الإسلام رحمه الله، ولكن لو أن أحداً