الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفسروا ذلك بأن العباس قد قدم زكاة سنتين فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: وهي علي ومثلها"، كأنه قال: فهي عندي ومثلها، ولكنه سبق لنا أن القول الراجح في هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضمن زكاته لكنه ضاعفها؛ لأن الرجل من قرابة النبي صلى الله عليه وسلم فضاعف عليه الغرام، وهو نظير قول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حين ينهى الناس عن الشيء يجمع أهل بيته، ويقول: إني نهيت الناس عن كذا وكذا فلا أرى أحدًا منكم فعله إلا ضاعفت عليه العقوبة لماذا؟ لأن قريب السلطان قد يتجرأ على المعصية لقربه من السلطان يستخدم قربه من السلطان لإقدامه على المعصية فيضاعف عليه الغرام، المشهور من المذهب أنه لا يجوز أن تقدم أكثر من سنتين، وما دامت المسألة فيها اشتباه فالأولى ألا تقدم أكثر من سنتين؛ لأن الأصل أن الزكاة لا تجب إلا إذا حل وقتها، فتقديمها عليه رخصة، ولم يرد أن العباس عجل أكثر من سنتين فيقتصر فيه على ما ورد.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين، لو قال قائل: هل يمكن أن يؤخذ من هذا الحديث أن العباس لم يعجل إلا صدقة واحدة عن عام واحد؟ قد يقول قائل: إننا لا نسلم أن في الحديث دليلًا على أنه لا يجوز أن تقدم أكثر من سنة؛ لأن الكلام واضح صدقته قبل أن تحل وإن كان الاحتمال الأول قائمًا؛ لأن الصدقة مفرد، وإذا أضيف المفرد كان للعموم، على كل حال أهل العلم نصوا على أنه لا يجوز تعجيل الزكاة إلا لسنتين فأقل.
وقد يؤخذ من الحديث: فضل العباس؛ لأن الظاهر أن العباس ما طلب هذا إلا لمصلحة يراها كرجل طلب معونة للزواج في هذه السنة وهو محتاج وزكاتنا هذا العام فقط لا تكفيه فتقدم زكاة العام القادم، فهذا فيه مصلحة للمعطي فلا حرج وهذا قد يكون أفضل، وهل يدخل في ذلك جواز تقديم زكاة الدين قبل قبضه؟ رجل له دين على شخص وقال: أنا أريد أن أحصي مالي عينه ودينه وأخرج زكاته الآن فهذا يجوز؛ لأن تأخير إخراج زكاة الدين من باب الرفق بالمكلف، وإلا فالأصل أن زكاته واجبة بتمام الحول، نوضح أكثر بمثال: رجل بيده الآن (10000) تم حولها، وله في ذمة زيد (10000) تم حولها، أما العشرة التي بيده فزكاتها واجبة ولا إشكال فيها، والعشر التي في ذمة زيد هل يجب عليه إخراج زكاتها لا يجب، لأنه لم يقبضها فملكه عليها غير تام، لكن لو أخرجها مع زكاة العشرة التي في يده كان ذلك جائزا لا حرج فيه.
زكاة الحبوب والثمار:
583 -
وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقًة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقًة، وليس فيما دون خمسة أو سق من التمر صدقة". رواه مسلم.
584 -
وله من حديث أبي سعيد رضي الله عنه "ليس فيما دون خمسة أو سق من تمر ولا حب صدقة". وأصل حديث أبي سعيد متفق عليه.
585 -
وعن سالم بن عبد الله، عن أبيه رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا: العشر، وفيما سقي بالنضح: نصف العشرة". رواه البخاري.
- ولأبي داود "أو كان بغلًا العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح: نصف العشر".
الحديث الأول يقول: "ليس فيما خمس أواق من الورق صدقة" الورق هو الفضة، والأواق جمع أوقية، وهنا التنوين في قوله:"خمس أواقٍ" هل هو تنوين إعراب، أو الإعراب على الياء المحذوفة؟ الثاني، وهذا التنوين والكسر ليس إعرابًا.
وقوله صلى الله عليه وسلم "خمس أواق" الأوقية: أربعون درهمًا، فكم تكون الخمس؟ تكون مائتي درهم، وقد سبق في حديث أنس الطويل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"وفي الرقة في مائتي درهم ربع العشر"، وما كان دون ذلك ليس فيه صدقة.
وقوله: "وليس فيما دون خمس ذوي من الإبل صدقة"، "الذود" كالرهط لكنه يختص بالإبل، والرهط يختص بالبشر، إذن ذود يقال لما بين الاثنين والعشرة- يعني: ثلاثة إلى تسعة- كل هذا ذود، فإذا قال:"خمس ذود" فهو من باب إضافة العدد إلى المعدود لا باعتبار دلالة اللفظ كما لو قلت: عندي خمسة رهط، قد يكون العدد خمس رجال ليس خمسة رهط أي خمسة عشر رجلًا، ولهذا توجد روايتان للحديث:"ولا ما دون خمس ذوده" وعلى هذه الرواية لا إشكال لأن الذود يطلق على الخمس وعلى الثلاث والأربع والسبع والثمان والتسع، فيقول:"دون خمسة" مجرورة بإضافة "دون" إليها، و"ذود" بدل منها هذا بالتنوين، أما بالإضافة فالمراد بـ "خمس ذود": أي خمس من هذا النوع الذي هو الإبل، وقد سبق أن الخمس فيها شاة.
"وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة"، "الأوسق" جمع وسق بالفتح، و"الوسق": الحمل؛ لأنه يوسق ويربط، وكان الوسق الحمل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ستون صاغًا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم الذي زنته ألفان وأربعون غرامًا، يعني: إذا قلنا: الوسق ستون صاعا يكون خمسة أوسق ثلاثمائة صاع، فنضرب ثلاثمائة صاع في ألفين وأربعين يكون ستمائة وأثنى عشر ألف غرام، كم يكون قدره بالكيلو؟ كيلوان وستمائة غرام