الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فوائد هذا الحديث: وجوب الخمس في الركاز لقوله: "وفي الركاز الخمس".
ثانيًا: أن الركاز لواجده وهو الباقي بعد الخمس وهو أربعة أخماس.
ثالثا: أنه لا يشترط فيه بلوغ النصاب لإطلاق الحديث، ولإتمام الحول لإطلاق الحديث، ولا نوعية المال لإطلاق الحديث.
ومن فوائده أيضًا على القول الراجح: أن مصرف هذا الواجب مصرف الفيء وهو بيت المال.
زكاة الكنز والمعادن:
594 -
وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه- رضي الله عنهم:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنزٍ وجده رجل في خربةٍ: إن وجدته في قريةٍ مسكونةٍ، فعرِّفه، وإن وجدته في قريةٍ غير مسكونةٍ ففيه وفى الرِّكاة: الخمس". أخرجه ابن ماجه بإسنادٍ حسنٍ.
"الخربة": الحلة الخربة المتهدمة وليست صالحة للسكنى يقول: "إن وجدته في قرية مسكونة فعرف" يعني: اطلب من يعرفه، وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبره لقطة؛ لأن اللقطة هي التي يجب على صاحبها أن يعرفها، وكيف التعريف؟ يقول مثلًا: من ضاع له. الشيء الفلاني يعرفه في مجامع الناس، عند أبواب المساجد، لكن في المساجد لا للنهي عن ذلك، كيف يعرفه؟ نقول أولًا: متى تجده عرفه كل يوم، كلما اجتمع الناس عرفه: من ضاع له كذا وكذا، وهل أخصص وأقول: من ضاع له المال الفلاني الذي صفته كذا وكذا؟ لا، لماذا؟ لأنك لو عينته بوصفه كل واحد يطلبه يقول: هذا لي، ولكن أقول: من ضاع له الشيء الفلاني؟
إذا قال قائل: هل أقول الشيء الفلاني، أو أقول الدراهم أو قوارير أو الأواني إذا كان أواني؟ نعم، لا بد أن يبين الجنس.
قال العلماء: يعرفه أول أسبوع كل يوم، ثم كل أسبوع لمدة شهر، ثم شهر، ثم كل شهر مرة.
وبعض العلماء يقول: إن هذا التحديد يحتاج إلى دليل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"عرّفها"، فما دام الرسول أطلق فيرجع إلى العرف فتعرف في أقرب وسيلة يحصل بها معرفة صاحبها، فلو عرفها في الراديو، أو الصحف فهو أبلغ، لا سيما إذا وجدتها في طريق بين قريتين فلا تدري أين تعرفها، فأحسن لهذه أن تعرف في الصحف، أو في الإذاعة.
لعل قائلًا يقول: على من تكون أجرة التعريف؟ فيها ثلاثة أقوال: المذهب أنها على الواجد؛ لأن الرسول قال: "عرّفها" فوجّه الخطاب إليه، فأنت المسئول عن تعريفها.
وقال بعض العلماء: يكون على بيت المال؛ لأن هذا لمصلحة عامة.
وقال بعض العلماء: يكون على صاحبها إن وجد، فإن لم يوجد أخذه الواجد من قيمة اللقطة والباقي له؛ هذا القول أصح؛ لأن تعريفي إياه وإن كان امتثالًا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن لمصلحة صاحبها فيكون عليه.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمسة""فيه" أي: في هذا الكنز، "وفي الركاز الخمس" والباقي لواجده، وفي هذا دليل على أن الركاز غير الكنز، فإن الكنز قد يكون ظاهر، والركاز غالبا يكون مدفونا.
595 -
وعن بلال بن الحارث رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبليَّة الصَّدقة". رواه أبو داود.
"المعادن" جمع معدن، وهو ما يستخرج من الأرض لا من جنسها، ولا من النبات، فقولنا هذا:"لا من جنسها" خرج به ما يستخرج من الأرض من جنسها مثل: الحجارة وما أشبه ذلك، مما هو من جنس الأرض فليس هذا من المعدن، "ولا من النبات" خرج به النبات فليس بمعدن، فالذهب معدن، والحديد، والفضة، والرصاص، والنحاس، والزئبق، الآن نقول: المعادن الرسول أخذ منها الصدقة ففيها إذن الصدقة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ منها، ولكن هل تجب في كل المعادن، أو نقول: إن كان المعدن مما تجب الزكاة في عينه كالذهب والفضة ففيه الصدقة، وإن كان مما لا تجب في عينه كالنحاس والرصاص وما أشبهه فإن قصد به التجارة فهو عروض تجارة وإلا فلا شيء فيه؟
اختلف العلماء في ذلك؛ فمنهم من قال: إن الزكاة واجبة فيه بكل حال، لأنه خارج من الأرض بدون مؤنة شاقة فيشبه الزرع.
ومنهم من قال: إن المعدن جوهر مستقل ليس من جنس الأرض، فيرجع فيه إلى الأصل، والأصل عدم وجوب الزكاة إلا بدليل، ولا يوجد دليل على وجوب الزكاة في غير الذهب والفضة إلا إذا كان عروضًا، وهذا ليس عروضًا، والاحتياط أن يخرج الإنسان زكاة المعدن مطلقًا لأن هذا هو ظاهر الحديث، ولأنه يشبه الحبوب والثمار تجب فيها الزكاة، وإن لم تكن ذهبا ولا فضة ولا تجارة.
من فوائد حديث عمرو بن شعيب: أن ما وجد في القرى الخربة إن كانت مسكونة فهو لقطة وإن لم تكن مسكونة فهو كالركاز حكمه حكم الركاز فيه الخمس.
ومن فوائده: تفريق الشرع بين المختلفين حقيقة فيفرق بينهما في الحكم، فإن هناك فرقًا بين الأرض المسكونة والأرض غير المسكونة فاختلف الحكم.
ومن فوائده: حكمة الشرع في التفريق في الحكم بين المختلفين في الحقيقة.
ومن فوائده: أن هناك فرقا بين اللقطة وبين الركاز، فالركاز لواجده وعليه فيه الخمس، واللقطة تعرف فإن جاء صاحبها فهي له، وإن لم يأت صاحبها فهي لواجدها
مسألة
لو تلفت اللقطة في أثناء الحول فعلى من يكون الضمان؟ فيه تفصيل: إن كان مفرطا أو متعديّا فعليه الضمان وإلا فلا، وإن تلفت بعد الحول فعليه الضمان مطلقا؛ لأنه لما تم الحول دخلت في ملكه فكانت مضمونة عليه، يعني: إذا جاء صاحبها وقال: هذه اللقطة ووصفها كذا وكذا، وانطبق الوصف، فإنه يجب أن تردها بكل حال، وأظنها فيها قولًا آخر، لكن لا أتيقنه أنها بعد تمام الحول كما قبله، بمعنى: أنه إن تعدى أو فرط فعليه الضمان وإلا فلا، ولكن الفرق بين ما قبله وبعده أن تصرفه فيها بعد الحول جائز وقبله لا يجوز إلا إذا كان من مصلحة اللقطة، كما لو وجد مثلًا زنبيلًا من البطيخ إذا عرفه سنة هلك فيبيعه بعد حفظ صفاته، ويحفظ الثمن هذا تصرف، ولكن لمصلحة اللقطة، وكذلك لو وجد شاة تحتاج إلى الأكل إن جعل ينفق عليها، أكلت دراهم كثيرة، إذن يبيعها بعد حفظ صفاتها ويحتفظ بثمنها.
أما الحديث الثاني: ففيه دليل على أن المعدن يملك بالأخذ كيف ذلك؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منه الصدقة، ولازم ذلك أن يكون ما عدا الصدقة لواجد هذا المعدن ومستخرجه، و"القبلية" نقول: إنها جمع "قبل" وهي ناحية من نواحي الفرع بين مكة والمدينة، وقيل: إنها بلدة من ساحل البحر، ونحن لا يهمنا مكانها المهم أخذ الزكاة من المعدن.