الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثالث: نتاج السائمة، دليله بعث الرسول السعاة فلا يسألون هل تم حول أو لا؟
الرابع: الركاز، دليله حديث:"في الركاز الخمس"، وجه الدلالة: أنه في القياس على الحبوب والثمار أقرب من قياسه على المستفاد؛ لأن هذا اكتسب في حال واحدة من غير تعب ثقيل، على أن بعض العلماء يقول: إن قوله: "الخمس" ليس زكاة، وأن الخمس "أل" للعهد الذهني المعروف وهو الفيء خمس الغنيمة، وليس "أل" هنا لبيان النسبة، أي: أن فيه واحدًا من خمسة، بل فيه الخمس المعهود الذي يُصرف مصرف الفيء لا مصرف الزكاة.
الخامس العسل أيضًا يشبه الركاز والحبوب والثمار في اجتنائه من أصله فيزكَّى في الحال.
أما الحديث الثاني: "من استفاد مالًا
…
" فهو كالأول، إلا أننا ذكرنا أن المستفاد كان من جنس ما عنده فإنه يضم إليه في تكميل النصاب لا في الحول.
هل يؤخذ من هذا الحديث والذي قبله بيان حكمة الشارع في مراعاة الوقت في إيجاب الزكاة؟ نعم؛ لأنه لو وجبت الزكاة في كل ستة أشهر لكان في ذلك إضرار على المال، ولو تأخر إلى سنتين لكان في ذلك إضرار على أهل الزكاة.
أما حديث علي: "ليس في البقر" ففيه دليل على أن العوامل من البقر ليس فيها صدقة، فيقاس عليها العوامل من الإبل، ويقاس على ذلك أيضًا العوامل من السيارات والماكينات وكل ما يستغله الإنسان، ويقاس عليه أيضًا العقارات المعدة للتأجير؛ لأنها تشبهها في الانتفاع بها بالاستغلال، فكل هذه ليس فيها زكاة.
الزكاة في مال الصبي:
580 -
وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه؛ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من ولي يتيمًا له مالٌ، فليتَّجر له، ولا يتركه حتَّى تأكله الصَّدقة". رواه التِّرمذي والدَّارقطنيُّ، وإسناده ضعيفٌ.
- وله شاهدٌ مُرسلٌ عند الشَّافعيِّ.
قوله: "من ولي يتيمًا"، "وليه" أي: تولى أمره، واليتيم: هو الذي مات أبوه قبل أن يبلغ سواء كان ذكرًا أم أنثى، وأما من ماتت أمه فليس بيتيم خلافًا للعامة، فهم يقولون: إن اليتيم من ماتت أمه، ولكن الشرع يقول: اليتيم من مات أبوه، حتى وإن كانت أمه موجودة فهو يتيم، ولو ماتت أمه وأبوه موجود فليس بيتيم.
وقوله: "فليتجر له" الفاء جواب الشرط، اللام للأمر، وإنما وقعت الفاء في جواب الشرط؛
لأن الجملة طلبية، وإذا كانت الجملة طلبية كان اقترانها بالفاء لازمًا، وقد مر علينا أن الذي يقترن بالفاء وجوبًا سبعة أشياء مجموعة في قول الشاعر:
اسميَّة طلبيَّة وبجامد
…
وبما وقد وبلن وبالتَّنفيس
التي معنا من الطلبية، وقوله:"فليتجر له" أي: لليتيم؛ أي: لأجله، والاتجار: هو التصرف في المال لطلب الربح، "ولا يتركه" معطوف على "فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة".
قوله: "وله شاهد مرسل" فهو ضعيف أيضًا يقول: "ولا يتركه حتى تأكله الصدقة""تأكله" أي: تفنيه وتخلصه، ولا يُعارض هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"ما نقص مال من صدقة". إذا كان ما نقص مال من صدقة، وهنا يقول:"فلا يتركه حتى تأكله الصدقة" فما الجمع بينهما؟ الجمع أن يُقال إن النقص نوعان: نقص عين، ونقص معنى؛ فالصدقة لا شك أنها تنقص المال نقص عين لكنها لا تنقصه نقص معنى؛ لأن الله تعالى يُنزل فيه البركة، وبقاء الزكاة فيه تزع البركة منه مثاله إذا كان عند رجل مائة درهم كم الواجب فيها؟ خمسة دراهم أخرج الواجب خمسة دراهم نقصت المائتان وأصبحت مائة وخمسة وتسعين درهمًا؛ ولهذا لو بقيت عنده إلى العام القادم لا يزكيها لأنها نقصت، فالنقص العيني لا شك أنه يحصل بالصدقة، والنقص المعنوي لا يحصل، فإن الصدقة إذا خرجت من المال أنزل الله فيه البركة حتين إن العشرة تساوي ما يزيد عليها، بمعنى: أن العشرة قد تكون عوضًا عن عشرين أو عن ثلاثين حسب البركة.
ففي هذا الحديث عدة فوائد: أولًا أن اليتيم لا بد له من ولي، لقوله:"من ولي يتيمًا"، فلا يجوز للأيتام أن يتركوا بدون ولاية، والولاية على اليتيم مصدرها إما الشرع، وإما العرف فإن كان الأب هو الذي أوصى على ولده فهنا الوصية صادرة بالعرف، وإذا كان الأب مات ولم يُوص ولكن لهذا اليتيم جدًّا فولايته من قبل الشرع، وكذلك القاضي ولي على الأيتام الذين ليس لهم ولي من قبل الشرع.
ومن فوائد هذا الحديث: رحمة الله عز وجل بعباده حيث جعل لليتامى أولياء.
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: وجوب الزكاة على غير البالغ، يُؤخذ من قوله:"ولا يتركه حتى تأكله الصدقة"، إذن فمال الصبي فيه الزكاة، ومال المجنون فيه الزكاة.
فإن قلت: كيف تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون وهما غير مكلفين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"رفع القلم عن ثلاثة". وذكر منهم الصغير حتى يبلغ، والمجنون حتى يفيق.