الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم زكاة الحلي:
590 -
وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، "أن امرأةً أتت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ومعها ابنةٌ لها، وفى يد ابنتها مسكتان من ذهبٍ، فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرُّك أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما". رواه الثَّلاثة، وإسناده قويٌّ.
- وصحَّحه الحاكم من حديث عائشة.
يقول: "امرأة أنت .... " إلخ. "المسكتان" قال العلماء: هما السواران، وفي بعض ألفاظ الحديث:"مسكتان غليظتان".
وقوله: "من ذهب"، ومن هذه لبيان الجنس كما يقال: خاتم من ذهب، أو من حديد، أو ما أشبه.
وقوله: "أتعطين زكاة" هذا الخطاب للأم، ولم يسأل البنت، لأنها إما صغيرة طفلة، وإما صغيرة غير مميزة، وتكون وليتها أمها أو أبوها كما سيأتي في الفوائد.
فقال: "أيسرك أن يسورك الله بهما؟ " السرور معناه: الانبساط والفرح وما أشبه ذلك، وهو من المعاني النفسية التي لا يمكن تعريفها لأن المسائل النفسية لا يمكن للإنسان أن يعرفها أبدا مهما عرفتها فإنك تعرفها بآثارها، ولذلك لو قال لك قائل: ما هي العداوة؟ ما تعرفها بأوضح من لفظها. ما هي البغضاء؟ ما هي المحبة؟ ما تقدر؛ ولهذا نقول: إن المعاني النفسية لا يمكن أن تعرف بمثل ألفاظها، فالمعنى: هل تسرين بأن يسورك الله بهما سوارين من نار، يعني: تحبين ذلك وتسرين به. ما الجواب؟ لا، ولا أحد يسرّه أن يسوره الله يوم القيامة سوارا من نار، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى من قوله تعالى:{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم} [التوبة: 34، 35]. وفي الحديث الصحيح: "أن هذا المال يصفح صفائح من نار يكوى بها جنبه وجبينه وظهرها". هكذا أيضًا هذه الأسورة التي منعت ما يجب فيها تكون عليها يوم
القيامة أسورة من نار ويكوي بها المحل، يعني: لا أحد يستطيع أن يضعه ولو شريطا على ذراعه، لكن هذه بقدر ما عليها من الأسورة التي تجب فيها الزكاة ولم تزكها فإنها تحرق بها، والعياذ بالله.
قال: "فألقتهما من يد ابنتها"، وفي رواية أخرى: وقالت: "هما لله ورسوله" وتركتهما لأنها خافت، فإن هذا أمر عظيم.
قال المؤلف: "إسناده قوي"، وهو كما قال، لكن صححه بعض المتأخرين وقال: إنه صحيح، ويشهد له عمومات الكتاب والسنة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة بدون تفصيل.
قال المؤلف
591 -
وعن أمِّ سلمة رضي الله عنها: "أنَّها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب فقالت: يا رسول الله، أكنزٌ هو؟ فقال: إذا أديت زكاته فليس بكنزٍ". رواه أبو داود، والدَّارقطنيُّ، وصحَّحه الحاكم.
قولها: "أوضاحًا من ذهب" المعروف أن الأوضح تكون من الفضة، وسميت وضحًا لبياضها ولمعانها، ولكن ربما يراد بها من الذهب بشرط أن تقيد به، فيقال: أوضاح من ذهب، ويكون الجمع بينها وبين الفضة اللمعان في كل منهما، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أكنز هو؟ وتريد بالكنز ما يعاقب عليه صاحبه، وليست تسأل هل هو كنز مدفون، لماذا؟ لأنها تعلم ذلك، لكن هل هو يعاقب عليه صاحبه أم لا؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أديت زكاته فليس يكنز".
وفي رواية أبي داود: "إذا بلغ أن يزكى فأديه زكاته وليس بكنز" وهذه زيادة مهمة جدا كما سيذكر في الفوائد، إذن يجعل هذا الحديث شاهد الحديث عمرو بن شعيب.
من فوائل حديث عتاب: آن العنب يخرص كما يخرص النخل لظهور ثمرته وبروزها وبيان ثمرها، وفيه إشارة إلى أنه لا بد أن يبلغ النصاب؛ لأن هذا هو نتيجة الخرص، ولو كانت الزكاة واجبة في قليل وكثير ما احتجنا إلى الخرص، وفي قوله:"كما يخرص النخل" أيضًا إشارة إلى أن نصابه كنصاب ثمن النخل.
وفيه أيضًا من الفوائد: أن الزكاة واجبة فيه لقوله: "وتؤخذ زكاته"، وأنه يجب أن تؤخذ زبيبًا، ولكن إذا كان لا يزبب فهل يلزم مالكه أن يشتري زبيبًا ليدفعه عنه؟ إن قلت: هذا على الغالب، صار لا بد أن يكون هناك شيء مقدر.