الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا الحديث نسأل أولًا هل هو خاصٌّ بالفرائض أو بالفرائض والنوافل؟ فيه خلاف بين العلماء، بعضهم يقول: هذا خاص بالفرائض؛ لأنها هي التي تطلب في المساجد، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المدينة:"أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة"()، إذن لما قال:"إلا المكتوبة" علمنا بأن الفضل في هذه المساجد إنما هو في المكتوبة في الفرائض، أما النوافل فليس فيها فضل، بل البيوت أفضل منها، أنا بيتي إلى جانب المسجد الحرام أذن المؤذن لصلاة الظهر هل الأفضل أن أصلي الراتبة في بيتي أو أخرج إلى المسجد وأصلي الراتبة فيه؟ في بيتي لا شك في هذا، وكذلك نقول في المسجد النبوي، أيما أفضل أصلي القيام في المسجد الحرام خلف الإمام أو في بيتي؟ في المسجد الحرام، إذن ننتقل إلى القول الثاني يقولون: ما سنَّ في المسجد فهذه المساجد الصلاة فيها خير من ألف صلاة في المسجد النبوي وبمائة ألف صلاة في المسجد الحرام، وبخمسمائة صلاة في المسجد الأقصى، ما شرع في المسجد مثل قيام الليل في رمضان مشروع في المساجد فهو أفضل من المساجد الأخرى.
تحية المسجد في المسجد الحرام بمائة ألف، وفي المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، الكسوف إذا قلنا بأنها سنة كذلك تكون أفضل من غيرها، ركعتا الطواف هذه خاصة بالمسجد الحرام فقط، صلاة الجنازة، ولهذا صارت الجنازة أفضل من غيرها من المساجد أن قلنا بجواز الصلاة على الجنازة في المسجد؛ لأن المسألة خلافية، ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم في عهده كان هناك مصلى للجنائز غير المسجد، والصلاة على الجنائز في المسجد في عهد الرسول قليلة، لكنه ثبت أنه صلى عليها في المسجد، يقال: أن رجلًا - أظنه من الخلفاء - قال: لله على نذر أن أقوم بعبادة لا يشاركني فيها أحد حين فعلها، ذهبوا إ عالم من العلماء فسألوه ماذا يفعل؟ قال: أخلوا له المطاف، يعني: يطوف وحده فيكون تعبد لله بعبادة ما شاركه فيها أحد، وكأن سائلًا يقول: هل هذا يجوز أو لا يجوز؟ نقول: هذا حل المسألة، أما كونه يجوز أو لا يجوز، فيمكن أن يأتي إلى المطاف فيكون خاليًا، يعنى: في أزمان مضت تأتى إلى المطاف بالليل فلا تجد أحدًا أبدًا نحن أدركناها قبل أن يكثر الوصول إلى المسجد الحرام تأتي فلا تجد أحدًا، أو يقال مثلًا: إذا كان هذا من الخلفاء وجاء إلى المسجد الحرام يطلب من الناس أن يسمحوا له بذلك، المهم حل هذه المسألة.
فائدة:
سؤال: هل التضعيف خاصٌّ بالمسجد حين حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أم أن الزيادة داخلة فيه؟ الصحيح: أن الزيادة داخلة فيه، وأنه لو زيد المسجد النبوي حتى بلغ كل المدينة فهو داخل في
هذا الحكم، المسجد الحرام هل الصلاة خاصة بالمسجل الذي هو مكان الكعبة، يعني: المسجد الذي فيه الكعبة، أو عام في جميع الحرم؟ هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، فقال الكعبة كلاهما صلاته بمائة ألف صلاة، قالوا: لأن هذا يسمى المسجد الحرام لقول الله تعالى: {سبحن الذي أسرى بعيده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا} [الإسراء: 1]. وقد أسري به من بيت أم هانئ، ولقوله تعالى:{هم الَّذين كفروا وصدُّوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفًا أن يبلغ محلَّه} [الفتح: 25]. ولقوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام} [التوبة: 28]. والمشرك لا يدخل الأميال - حدود الحرم -، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقيمًا في الحديبية، والحديبية بعضها من الحل وبعضها من الحرم، وكان مقيمًا في الحل لكنه يدخل فيصلي في الحرم، يعني: داخل الأميال، وكونه يتكلف الدخول بأصحابه وهم ألف وأربعمائة نفر ليصلي داخل الأميال يدل على أن هذا التضعيف عامٌّ يعم جميع الحرم، وقد ذهب إلى هذا كثير من أهل العلم، ولكن ظاهر كلام علماء الحنابلة وهو أن التضعيف خاصُّ بالمسجل نفسه الذي فيه الكعبة، واستدلوا لذلك بأن الحرم لا يسمى مسجدًا بل يسمى مكة ويسمَّى حرمًا كما قال الله تعالى:{وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} [الفتح: 24]. لم يقل: ببطن المسجد، وقال تعالى:{إنَّ أول بيتٍ وضع للناس للذي ببكة مباركًا} [آل عمران: 96].
ولو أن مكة تسمي مسجدًا لكان المعنى: إن أول بيت وضع للناس للذي بالمسجد، ولأن الرسول يقول:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام"، ومعلوم أن الإنسان لو شد الرحل إلى مسجد الشِّعب في مكة أو مسجد آخر غير الذي فيه الكعبة لقلنا: لا يجوز؛ لأنه لو جاز شد الرحل إلى مساجد مكة غير المسجد الحرام لكان شد الرحل إلى مائة مسجد - كل مساجد مكة -.
قالوا: الدليل الثالث قوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا إنما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة: 28]. وعرفتم قبل قليل: أن هذه الآية استدل بها من قالوا بالعموم، ولكن الحقيقة أنها عند التأمل تدل على خلاف العموم، لماذا؟ لأن الله قال:{فلا يقربوا المسجد الحرام} ، ولم يقل: فلا يدخلوا المسجد الحرام، والآن يجوز للمشركين أن نمكنهم من أن يقفوا على حد الحرم تمامًا، لو كان المراد بالمسجد الحرام كل الحرم ما جاز أن نمكنهم من قربان حدوده؛ لأن الله يقول:{فلا يقربوا المسجد} ، فإذا منعناهم من دخول الأميال حينئذٍ منعناهم من قربان المسجد الذي في جوف مكة الذي فيه الكعبة، لو كان التعبير:
فلا يدخلوا المسجد الحرام قلنا: نعم، لكن الآية تقول:{فلا يقربوا} ، ومعلوم بالاتفاق أن لهم التمكن من الوصول إلى أدنى نقطة من حدود الحرم.
والدليل الرابع: قوله تعالى: {سبحن الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا} [الإسراء: 1]. وهذه الآية - كما علمتم قبل قليل - استدل بها من قالوا بالعموم، ولكنا نقول: لا، الذي يثبت في صحيح البخاري () أنه أسري به من الحجر، وأين الحجر؟ هو من الكعبة، فيكون من المسجد الحرام، أي: الذي فيه الكعبة، وفي بعض الروايات:"بينما أنا نائم عند الكعبة"، فيحمل على أن المراد بالكعبة هنا: البناء القائمة؛ لأن الذي في الحجر عند الكعبة، أما قوله تعالى:{هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفًا أن يبلغ محله} [الفتح: 25]. فقد نستدل به على أن المراد بالمسجد الحرام: المسجد نفسه الذي داخل الكعبة؛ لأن أهم مقصود في العمرة الطواف، ومن منع الناس أن يدخلوا مكة فقد منعهم أن يدخلوا المسجد الحرام بالأولى، ولهذا قال:{والهدى معكوفًا أن يبلغ محلُّه} ، ولم يقل: أن يبلغ المسجد، فدل ذلك على أن محل الهدي غير المسجد، أما حديث ابن عمر:"كان الرسول نازلًا في الحديبية ويصلي الصلوات في الحرم داخل الأميال"، فنحن نقول: نعم، نحن لا نمنع أن يكون الحرم أفضل من الحلِّ، بل لا نشك أن الحرم أفضل من الحل، ولهذا من دخله كان آمنًا، عندنا شجرتان إحداهما داخل الأميال، والثانية خارج الأميال وبينهما متر، التي خارج الأميال لنا أن نجثها بعروقها، والثانية نقول: لا تقطعوا منها شيئًا؛ لأنها داخل الحرم، ونحن لا نشك أن الصلاة في داخل الأميال أفضل من الصلاة في الحلِّ، لكن الكلام على التفضيل الخاص وهو التضعيف، ولأننا نقول: الأصل فيمن خرج عن المسجد الحرام الأصل إلا يدخل، فإذا جاءنا فرد من أفراد العموم وليس العموم ظاهرًا فيه، فإننا نقول: الأصل عدم الدخول إذا لم يكن العموم ظاهرًا في تناوله له حتى يقوم دليل على دخوله، وهذا هو الذي ذكره ابن مفلح رحمه الله في "الفروع"()، وهو كتاب يعتبر من أجمع كتب المذهب الحنبلي في الأقوال، بل ويشير إلى خلاف الأئمة الثلاثة، بل وينقل أيضًا عن الظاهرية وغيرهم، فهو من أحسن ما ألف في الفقه، لكن فيه صعوبة؛ لأنه رحمه الله ضغطه لأجل الاختصار، فكان صعبًا على طالب العلم المبتدئ إلا أنه - كما قال بعضهم - هو مكنسة المذهب، يقول ابن مفلح: إن هذا هو ظاهر كلام أصحابنا، يعني: المسجد الحرام هو المسجد الذي فيه الكعبة، وهو كما علمتم ظاهر النصوص.
كتاب الحج
ويشتمل على:
1 -
باب بيان فضله وبيان من فرض عليه.
2 -
باب المواقيت.
3 -
باب وجوه الإحرام وصفته.
4 -
باب الإحرام وما يتعلق به.
5 -
باب صفة الحج ودخول مكة.
6 -
باب الفوات والإحصار.