الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزكاة، بل يجب أن يذهبوا هم إلى أهل الزكاة، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم" أي: الموارد؛ لأن أهل الأموال والمواشي لهم أماكن يردونها فيجلس الجابي أو الساعي على الماء، وكل من جاء أخذ منه الزكاة، ولا يجوز أن يجلس في مكان ويقول: ائتوا بزكاتكم، فان فعل كان مخالفاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: "تؤخذ" جملة خبرية، ولكنها بمعنى الأمر، الرواية الثانية:"لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم" وهذا الحديث أعم من الأول؛ لأنه قال: "لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم"، فيشمل الماشية وغير الماشية مثل زكاة الثمار؛ لأن زكاة الثمار يفرضها الإمام أو نائبه، فلا تؤخذ منهم إلا في دورهم، ولا نقول: ائت بها إلينا، بل نقول: اذهب أنت إلى أهل البساتين وخذ الزكاة.
من فوائد هذا الحديث: مشروعية بعث السعاة لقبض الزكاة.
ومنها أيضًا: أن الواجب على العامل أن يذهب بنفسه إلى بلاد من عليهم الزكاة ليجلبها، ومنها مراعاة التيسير على أهل الزكاة، وجهه: أنه يذهب إليهم وهذا من التيسير؛ لأن المزكِّي في الحقيقة قد أخذ منه الزكاة، فإذا أخذ منه وكلِّف أن يسافر بذلك صار في هذا نوع من المشقة عليه وثقلت، ثم لو طلب منه أن يأتي بها هو فربما يتأخر ويتكاسل، فإذا ذهب الساعي إليه أخذ منه الزكاة.
لا زكاة على المسلم في عبيده وخيله:
575 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقةٌ" رواه البخاريُّ.
- ولمسلمٍ: "ليس في العبد صدقةٌ إلا صدقة الفطر".
قوله: "ليس على المسلم في عبده"، كلمة "على المسلم" لا مفهوم لها؛ وذلك لأن الكافر يحاسب على الزكاة على القول الصحيح، لكنه وصفه بالمسلم؛ لأنه هو الذي يخاطب في أداء الزكاة.
وقوله: "في عبده" الإضافة هنا للاختصاص والتملك في عبده الذي ملكه مختصًّا به، مثل العبد الذي اتخذه للخدمة في البيت، أو في الدُّكان، أو في العمل، أو ما أشبه ذلك.
وقوله: "ولا فرسه" نقول فيها مثل ما قلنا "في عبده" أنه الفرس الذي اختصه لنفسه يركبه ويجاهد عليه ويسابق عليه وما أشبه ذلك.
وقوله: "صدقة" أي: زكاة، والدليل أنها زكاة أنه قال:"ليس على المسلم" و"على" تفيد الوجوب، فنفى الرسول صلى الله عليه وسلم الوجوب ولا واجبة إلا الزكاة.
أما لفظ مسلم ففيه أنه قال: "إلا صدقة الفطر"، فإن على المسلم أن يؤدي زكاة الفطر عن عبده، وقوله:"إلا صدقة الفطر" يجوز فيها وجهان في الإعراب: الأول: النصب. والثاني: الرفع؛ لأن المستثنى منه تام منفي فجاز في المستثنى وجهان.
ففي هذا الحديث فوائد كثيرة، أولًا: أنه لا زكاة على المسلم فيما يقتنيه من العبيد والخيل لقوله: "ليس على المسلم في عبده وفرسه".
ثانيًا: عموم ذلك يتناول الخيل السائمة، فلو كان عند الإنسان مائة فرس اقتناها لنفسه وهي تسوم ترعى فليس فيها صدقة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نفى ولم يستثن، ولو كانت السائمة مستثناة لاستثناها كما أستثنى صدقة الفطر في العبد.
ومن فوائد هذا الحديث: التيسير على العباد في أنه لا يلزمهم الزكاة فيما يختصُّون به لأنفسهم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ليس على المسلم صدقة في فراش البيت وأواني البيت وسيارات الركوب وما أشبه ذلك، من أين يؤخذ؟ من القياس؛ لأن الفرس والأواني والفرش وشبهها لا فرق بيتها وبين هذه الأشياء، فكل ما اقتناه الإنسان من أي شيء كان فليس فيه زكاة إلا الحلي من الذهب والفضة ففيه الزكاة للأدلة الخاصة به.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا زكاة في الإبل والبقر العوامل التي أعدت للسواقي وأعدت للإيجار والحرث، ليس فيها زكاة ولو كانت سائمة؛ لأنها عوامل مع أن العوامل مشتغلة بالعمل لا تسوم في الغالب.
ومن فوائد هذا الحديث: أن العروض ليس فيها زكاة- عروض التجارة- كيف؟ لأنه لو فرض أن عند الإنسان عشر خيول أعدَّها للتجارة فهل هي له أو لغيره؟ له، فتكون داخلة في قوله:"ولا فرسه"، فلا تجب الزكاة في العروض. نعم هكذا استدل بها الظاهرية وقالوا: إن العروض ليس فيها زكاة؛ لأن الحديث: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه"، والعجيب أن الظاهرية- رحمهم الله يمنعون القياس وهنا يقيسون، وكان عليهم أن يقولوا الفرس لا تجب فيه الزكاة ولو للتجارة، وأموال التجارة ليس فيها زكاة، لكن لا يأخذونها من هذا الحديث وإلا تناقضوا، والصحيح: أن هذا الحديث لا يدل على انتفاء الزكاة في العروض كما لا يدل على ثبوتها، وذلك لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"في عبده ولا فرسه" ظاهر في أن المراد به: الذي يختصُّ به والذي اختصه لنفسه فهو عبده لا يريد أن يبيعه وكذلك فرسه، أما عروض التجارة فإن المالك لا يريدها بذاتها، لأنه يمكن أن يشتريها في الصباح ويبيعها في المساء، لكن ما أعدَّه لنفسه لا