الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احتاط وقال: آخذ بالقولين فما بلغ خمس أواقٍ أوجبت الزكاة فيه وإن لم يبلغ مائتي درهم وما بلغ مائتي درهم أوجبت الزكاة فيه وإن لم يكن خمس أواقٍ، لو ذهب ذاهب إلى هذا لكان له وجه.
ومن فوائد هذا الحديث: جريان الجبران في زكاة الإبل كيف ذلك الذي ليس عنده السِّن الواجب ينتفي، من عنده أعلى منه يدفع الأعلى ويأخذ الجيران والذي عنده سن واجب أو عليه سن واجب وليس عنده وعنده دونه فإنه يدفع الأدون والجبران، الدليل قوله: "ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا لم تكن عنده السن الواجب ولا ما دونه ولا ما فوقه فإنه يرجع إلى الأصل ويخرج السّن الواجب، مثال ذلك: رجل عليه حقة وليس في إبله لا حقة ولا جذعة ولا بنت لبون ماذا يصنع؟ نقول ارجع للأصل وهو الحقة.
وهل يستفاد من الحديث جواز إخراج القيمة في الزكاة؟ مقيد بالمصلحة وإلا فلا، يعني: أن الأصل أن تخرج الزكاة من جنس المال، وإن كانت الزكاة تخرج من غير جنسه كالغنم فيما دون ((25)) من الإبل فمن الغنم، فإذا كان هنالك حاجة فإنه تخرج القيمة أو كان هناك مصلحة واختار المصدق أن يأخذ القيمة فله ذلك، وقد نصَّ على هذا الإمام أحمد رحمه الله، وشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقال الإمام أحمد: إذا باع بستانه بدراهم فإنه يخرج العشر من الدراهم، ولا يقال: لا بد أن تعطينا تمرًا أو حبًا، بل يأخذ من الدراهم ولا حرج.
ومن فوائد هذا الحديث: التيسير على العباد من قوله: "إن استيسرتا"، ومن أخذ ما دون الواجب أو ما فوقه إذا كان عنده ولا يكلَّف أن يحصل الواجب عليه هذا ما تيسر وربما عند التأمل يرى طالب العلم فوائد أخرى.
زكاة البقر ونصابها:
573 -
وعن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن، فأمره أن يأخذ من كلِّ ثلاثين بقرةً تبيعًا أو تبيعةً، ومن كلِّ أربعين مسنَّةً، ومن كلِّ حالمٍ دينارًا أو عدله معافريًّا". رواه الخمسة، واللَّفظ لأحمد، وحسَّنه التِّرمذيُّ وأشار إلى اختلافٍ في وصله، وصحَّحه ابن حبَّان، والحاكم.
قوله: "بعثه
…
" إلخ كان ذلك في ربيع الأول في السَّنة العاشرة من الهجرة، بعثه داعيًا إلى الله ومعلما وحاكما وواليا.
"فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا أو تبيعة"، "بقرة" منصوبة؛ لأنها تمييز للعدد ثلاثين، و"تبيعًا" مفعول "يأخذ" التبيع أو التبيعة هو الصغير من البقر الذي بلغ سنة، والتبيع ذكر، والتبيعة أنثى، والمسنة ما تم لها سنتان وهي أنثى قال:"ومن كل حالم دينارًا"، "الحالم" البالغ دينارًا هذا في الجزية، والدينار الواحدة من النقود الذهبية ويسمَّى عندنا جنيه.
"أو عدله معافريًّا""عدله" أي: ما يعادله، "معافريًّا" هذا وصف أو اسم لثوب، يسمى كذلك نسبة لمعافر حي من أحياء اليمن.
ففي هذا الحديث: وجوب الزكاة في البقر وهو محل إجماع، ولكنه يلاحظ أنه لا بد أن تكون سائمة، فإن كانت لغير السَّوم فإنها ليسرى فيها زكاة، كما لو كان عند إنسان ثلاثون بقرة أعدها في مزرعته يعلفها فإن هذه ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست سائمة.
ومن فوائده أيضًا: أن في كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة؛ يعني: إما ذكر له سنة أو أنثى لها سنة، وهذا أيضًا محل إجماع.
ومن فوائده أيضًا: أن في كل أربعين مسنة؛ يعني: أنثى لها سنتان.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ما دون الثلاثين من البقر ليس فيه زكاة، وهذا محل إجماع إلا عند بعض التابعين فإنه يقول إن الخمس من البقر فيها الزكاة كالإبل، ولكن هذا قياس مع الفارق ومع وجوب النص فلا يعتبر، والصحيح أنه لا زكاة فيما دون الثلاثين، وهذا من الوجوه التي يفرق فيها بين الإبل والبقر، وإلا فالغالب أن ما ثبت للإبل من الأحكام ثبت للبقر، يعني: فيما يتعلق بالواجب والإجزاء وما أشبه ذلك، لا فيما يتعلق بنقض الوضوء من لحمها أو الصلاة في أعطانها وما أشبه ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: إجزاء الذكر عن الإناث، يؤخذ ذلك من قوله:"في كل ثلاثين تبيع"، وهذا يدل على أن الذكر يجزئ في هذا الموضوع، وهنالك موضع آخر يجزئ فيه الذكر بدل الأنثى وهو ابن اللبون مكان بنت المخاض، وأيضًا التيس إذا شاء المصدِّق، وأيضًا إذا كان النصاب كله ذكورًا على خلاف فيه؛ لأن بعض أهل العلم يقول: إذا كان النصاب كله ذكورًا في الإبل فإن الواجب إخراج ما نصَّ عليه الشرع، يعني: بنت المخاضر، بنت اللبون، والحقة، والجذعة؛ لأن الأحاديث عامة، ولكن المشهور عند الفقهاء أنه إذا كان النصاب ذكورًا فإنه لا يكلَّف أنثى، والذي يظهر لي أن الأحوط إذا كانت الأنثى عنده أن يخرج الأنثى التي قدَّرها الشارع مثل أن يكون عنده خمسة وعشرون جملًا وعنده بنت مخاض، هل نقول: يجوز أن تخرج ابن مخاض بدلها؟ على المذهب يجوز، وعلى القول الثاني لا يجوز ما دامت بنت المخاض عندك فأخرجها.