الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعوقب بما يعم بدنه من الجلد مرة والقتل بالحجارة مرة، ولما كان الزنا من أمهات الجرائم وكبار المعاصي لما فيه من اختلاط الأنساب الذي يبطل معه التعارف والتناصر على إحياء الدين، وفي هذا هلاك الحرث والنسل فشاكل في معانيه أو في أكثرها القتل الذي فيه هلاك ذلك، فزجر عنه بالقصاص؛ ليرتدع عن مثل فعله من يهم به، فيعود ذلك بعمارة الدنيا وصلاح العالم الموصل إلى إقامة العبادات الموصلة إلى نعيم الآخرة. (1)
تجارب مسجلة بين تطبيق حد السرقة وعدم تطبيقه:
يقول ج. دي شابرول (2): أحد علماء الحملة الفرنسية الذي كتب المجلد الأول من كتاب وصف مصر (2/ 14) في وصف عادات وتقاليد المصريين في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر: تعاقب السرقة بقسوة، وبرغم ذلك فلا يعاقب المذنب مطلقًا بالموت، إلا إذا كانت السرقة قد اقترنت بالقتل، والشخص الذي يدان بالسرقة داخل محل تجاري، أو داخل بيت، أو داخل نطاق ما تقطع يده ويطلق سراحه بعد ذلك، ولكنه إذا ارتكب هذه السرقة من شخص أو من معروضات، وباختصار إذا سرق خارج مكان مسور، فإن القانون يحكم فقط بضربه بالعصا وبإعادة المسروقات. . . فلم نسمع على الإطلاق أية شكوى من سرقات المنازل، أو قل إن هذه الحالة نادرة تمامًا، بل إننا سوف ندهش أكثر من ذلك إذا ما علمنا أن البيوت والمحلات التي تضم بضائع غالية لا يقفل معظمها إلا بضبات من الخشب غير جيدة الصنع.
وبإستثناء العربان والبدو يتميز المصريون بالاستقامة التي تعود في جانب كبير منها إلى قسوة العقوبات التي توقع على اللصوص، فكثيرًا ما تبقى بالات البضاعة الغالية الثمن لأيام عدة على الرصيف أو في الطرق العامة في حراسة سلوك الآهلين، ولم نسمع أن مالكًا قد شكا من نتائج مثل هذه الثقة" (3).
(1) المصدر السابق (110).
(2)
ذكر صاحب النقل أن هذا الكاتب أظهر في مواقع كثيرة أنه لا يؤمن بأن الإِسلام دين سماوي.
(3)
نقلًا عن كتاب (اليقين الإِسلامي) د/ حافظ يوسف (461، 462).
وقد نشر في مجلة (journal of criminal justice) عام 1994 مقال عن عقوبة قطع اليد للسرقة في القانون الإسلامي (46) اشترك فيها اثنان مسيحيان من الولايات المتحدة، ومسلم من السعودية، انتهوا فيها إلى أن توقيع عقوبة قطع اليد في الحالات المحددة التي تستوفى قواعد الإثبات المتشددة -كما يقررها حد السرقة الإِسلامي- يمكن حقيقة أن يكون لها ما يبررها، بل وضرورية في التشريع الإِسلامي الذي يسعى إلى حفظ المجتمع آمنًا، وأن الهدف ليس هو القصاص من الجاني بقدر ما هو الحفاظ على المجتمع الخير. (1)
ومن العجب أن يشنع أعداء الإِسلام على الإِسلام، الذي جعل قطع يد السارق عقوبة له على ما اقترف من عدوان على ما بأيدي الآخرين وعدّوا ذلك من مساوئ الإِسلام، إذ يعامل المجتمع الإِسلامي معاملة البهائم، يقطع أيدي الآدميين، وننظر في المجتمعات الغربية الأوربية والأمريكية التي ترمي الإِسلام بهذه التهمة، وكيف يعيش الناس هناك في فزع دائم، وخوف مستمر من سطو اللصوص على الناس في الطرقات، وسطوهم على المنازل، والمصارف، والمتاجر نهارًا جهارًا، يأخذون ما تصل إليه أيديهم، دون خوف من رادع يردعهم، أو عقوبة تنزل بهم، فإن كانت عقوبات فهي السجن الذي يجدون فيه كل ما يشتهون (2).
يقول أحد الصحفيين: إذا سرت في شوارع أمريكا فلا تحمل فلوسًا كثيرة، فقد يستوقفك أحد الزنوج وفي يده سكين، وإذا ذهبت إلى محل الشراء لشراء شيء فلا تخرج من جيبك مالًا كثيرًا للسبب نفسه، إن الأمريكيين يتعاملون بالبطاقات المالية ودفاتر الشيكات ولا يحملون مالًا. . . .، وفي الفنادق يطلبون منك أن تضع فلوسك عندهم وإلا فأنت المسئول إذا سرقت أموالك أو أشياؤك الثمينة! وقد تجد مكتوبًا على باب الحمام: أغلق عليك الحمام من الداخل،
(1) المصدر السابق.
(2)
الحدود في الإِسلام - عبد الكريم الخطيب (69).