الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
لم يعتبر الإِسلام المرأة جرثومة خبيثة كما اعتبرها الكثيرون، وإنما جعلها قسيمة للرجل في أمور كثيرة وعديدة، فخاطب اللَّه عز وجل الرجل والمرأة على حدّ سواء، وساوى بينهما في الأصل البشري، والمولاة، وتكاليف الإيمان، وحسن المثوبة، وادِّخار الأجر، وارتقاء الدرجات العلى في الجنة.
فالنساء والرجال في أصلهما البشرى سواء، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} (النساء: 1).
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)} (الحجرات: 13).
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف: 189).
بل ترى أن خلق المرأة وجعلها زوجه من نعم اللَّه عز وجل وآياته على الرجال، قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} (الروم: 21).
وقال تعالى {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النحل: 72).
وكذلك في المولاة سواء، قال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71).
وكذلك في الإيمان، فإيمان النساء كإيمان الرجال، قال تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا} (الأحزاب: 35).
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (الممتحنة: 10).
وأمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات على حدّ سواء، فقال عز وجل:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} (محمد: 19).
وكذلك المساواة في مصيرهما وبحسب العمل يكون الجزاء، ولا أحد أفضل من الآخر لكون أن هذه أنثى وهذا ذكر، فقال تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} (النجم: 39: 41).
وقال سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: 195).
وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل: 97).
وتلك النصوص دليل على أن المرأة في الإِسلام لها شخصيتها، وكيانها المستقل، وهذه بعض النصوص، وسيأتي تفصيلها، ولقد اعتنى الإِسلام بالمرأة عناية فائقة، فالمرأة في الإِسلام مجتمعًا كاملًا، فإن صلحت واستقامت صلح المجتمع، وإن اعوجت كان الفساد في المجتمع.
ولو نظرنا إلى مكانة المرأة قبل الإِسلام، بل وعند الأمم الأخرى التي لم تهتدي بنور الرسالات
الإلهية، لعلمنا أن المرأة قد جُردت من جميع حقوقها، وإنسانيتها، وكيف حرَّر الإِسلام المرأة ورفع من شأنها، قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه:"وَاللَّه إِنْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ". (1)
وتتعجب كل العجب عندما ترى وضع المرأة اليوم في ديار الكفار، فترى من الإذلال والمهانة، والمجون، والخلاعة، والابتذال، والاستغلال، في أقسى صورها، وما وصلت إليه من انحطاط أخلاقي، وانهيار اجتماعي، وتفكك أسرى (2)، فتلك تعاليم حضارة الغرب، التي لا ينتج عنها إلا الفساد والإفساد، والنزول بالإنسان إلى درجة أقل من درجة الحيوان، وتعاليم الإِسلام، حرصت كل الحرص على إخراج المرأة في صورة يتشرف بها المجتمع، وجعلت من المرأة كيانًا مستقلًا، يخرج من وراءه أجيالًا يتحدث عنهم التاريخ، فكم أخرجت بطون الأمهات الفضليات المتربيات على تعاليم الإِسلام عظماء أشاعوا الخير والصلاح في الأرض، وجعلوا الأمن والآمان للبشرية.
وبعد: فهذه مجموعة من الشبهات ألقاها بعض الحاقدين على الإِسلام والمسلمين يريدون بها -زعموا- تشكيك المسلمين في دينهم وتلبيس الأمور عليهم، فجمعنا من ذلك أهم ما يدندنون به ويروجون له، وقد رددنا عليهم بالحجة العلمية والعقلية ونقضنا قولهم من أقوالهم ومذاهبهم وأصولهم التي يعتمدون عليها، فلله الحمد والفضل،
وقد رتبنا هذه الشبهات على أبواب الفقه.
والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات.
(1) البخاري (4913)، مسلم (1479).
(2)
عودة الحجاب للمقدم - القسم الثاني - المرأة (صـ 55) بتصرف.