الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: لماذا كانت القوامة للرجال
؟
1 - الرجل أقرب إلى تحكيم النظر العقلي في الأمور
.
الواقع ومشاهدات الحياة كلها تدل على أن الرجل أقرب إلى تحكيم النظر العقلي في الأمور منه إلى الاستجابة للعاطفة، أما المرأة فهي على وجه العموم أقرب في معظم حالاتها إلى الاستجابة للعاطفة ومتطلباتها، وأيضًا فإن المرأة تعتريها حالات خاصة من الحمل والحيض، والولادة، وسن اليأس تتسبب عنها متاعب صحية ونفسية تنتهي بها إلى أنواع من عدم الاستقرار المزاجي والنفسي، تكون فيها بعيدة شيئًا ما عن النظرة العقلية المتوازنة الهادئة إلى الأمور، وحتى في غير هذه الحالات الخاصة أقرب من الرجل إلى تحكيم المشاعر والأحاسيس العاطفية في الأمور، ومشاهدات الحياة المتروية تدلنا في وضوح على أن ثقافة المرأة وحصولها على أعلى الشهادات العلمية في مختلف التخصصات لا ينقض هذه الحقيقة، ولا ينسخ طبيعة الأنثى في المرأة، في تزال هي هي طبيبة كانت، أم مهندسة، أم عالمة، أم قانونية أم أستاذة. (1)
يقول د/ أحمد شلبي: على أن قوامة الرجل يلزم أن تكون قوامة رحيمة يتعاون فيها مع الزوجة ويرفق بها ويلزم كذلك أن تكون عادلة، فليس له أن يطلب من زوجته مطلبًا غير عادل قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} ، ثم إن الإسلام أعطى المرأة الحق في التدخل في اختيار زوجها وبهذا تشترك المرأة في اختيار القيم عليها، ولها أن تلاحظ فيه المقدرة على القوامة الرشيدة.
إننا جميعًا لا نشك أن أفراد الأسرة إذا شعروا في جنح ليل مظلم بلصٍّ يتسوَّر الدار، أو يعبث برتاج الباب، هبَّ الزوج الأب؛ ليقف في وجه الخطر الداهم، وقبعت الزوجة الأم في زاوية مظلمة آمنة من الدار. وكذلك الأمر إذا طرق الدار طارق سوء، أو اقتحمها عدو، أو طالب ثأر. وقد تجد ما يشذ عن هذه القاعدة، ولكن الشَّاذ لا حكم له.
(1) مكانة المرأة د/ البلتاجي (99 - 100).
من أجل هذا حرر الإسلام المرأة من مسئولية العمل في الوقت الذي لم يمنعها من ممارسته. حررها من مسئوليته لكي لا تقع تحت ضرورات العمل الذي يستعبدها. ولم يمنعها من ممارسته، لكي تملك السبيل إلى معيشة أرْفَه مع قدرتها على اختيار الأنسب والأليق، ومع امتلاكها للانضباط بما يقتضيه سُلَّم الأولويات، من تقديم مهام رعاية الأسرة في الداخل على رغبات العمل والكدح من أجل الرزق في الخارج.
وهكذا، فإن قول اللَّه تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (النساء: 34) إخبار عن واقع يفرض نفسه، أكثر من أن يكون تقريرًا لحكم مفروض.
أما هناك في المجتمعات الغربية، فقد حُمِّلت المرأة مسئولية الكدح من أجل توفير رزقها، فاستعبدها العمل والجهد المضني، ثم لم تنل بعد خضوعها لهذه الضريبة الفادحة، القوامة التي ظلت بيد الرجل. . كل ما قد حصل، هو أن بنيان الأسرة تهاوى وتحوَّل إلى حطام في غمار تسابق الزوجين إلى الكدح من أجل الرزق وتوفير لقمة العيش، وبقي الزوج مع ذلك هو المهيمن والمتنفذ! (1).
ونعود إلى المحور الذي انطلقنا منه، وهو بيان أن القوامة التي أخبر عنها بيان اللَّه عز وجل، قوامة إدارة ورعاية، لا قوامة تسلط وتحكم، ومصدر اختيار الرجل لها أفضلية صلاحيته لها من جانب، وتحمله لمسئولية الإنفاق من جانب آخر. والنظام العالمي يقول: من ينفق يشرف (2)(3).
(1) مقارنة الأديان (214).
(2)
المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني (105 - 106).
(3)
يقول د/ القرضاوي في كتابه الإسلام وحضارة الغد (48 - 54) ومن أحدث الوقائع، وأغرب الأنباء: ما هو واقع في أمريكا الآن من ابتزاز الرجال للنساء، بدعوى المساواة بين الجنسين التي طالب بها النساء في أول الأمر، وذلك عند وقوع طلاق الزوج الفقير، أو المتوسط من زوجة غنية، وقد كتبت عن هذه القضية الصحفية المصرية مها عبد الفتاح وبعثت برسالتها من أمريكا إلى صحيفة أخبار اليوم في 6/ 8/ 1994 م تقول: "في الأعوام الأخيرة زادت نسبة النساء ذوات الدخول الكبيرة زيادة ملحوظة وممثلات ومصممات أزياء وصحفيات ومحاميات وعضوات مجالس إدارة صعدن السلم الوظيفي والواحدة منهن ستواجه محنة فيما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= لو انتهت علاقتها الزوجية لسبب أو لآخر، وكان الزوج أقلّ منها دخلًا سيطالبها -غالبًا- أن تعوله! وأقسم باللَّه إن هذا هو التعبير المستخدم اجتماعيًا وقانونيًا (Tousupport Him) وعلى ذات المستوى الذي تعوَّد عليه معها! ! والقضاة يطبقون على النساء حاليًا ذات القوانين التي تُطبَّق على الرجال في حالة إعالتهم للمرأة. . فإذا كانت الزوجة هي الأكبر دخلًا في شركة الزواج، فلماذا لا تعول الرجل، أو تدفع له نفقة تساعده في حياته الجديدة من بعدها. . وما دام القانون في معظم الولايات الأمريكية يبيح للزوجة أن تحصل على نصف ثروة زوجها، ويظل يدفع لها نفقة طالما لم تتزوج، فلماذا تُستثنى من ذلك المرأة ذات الإمكانات. . إن النساء هن اللاتي دفعن إلى ذلك بفتح باب المساواة على مصراعيه. وما تفعله المحاكم الأمريكية اليوم هو تطبيق لا ينادين به. . تُردن مساواة؟ خُذن إذن. . اشربن من كأس الرجل. . وادفعن من دم قلوبكن وعرقكن! ولهذا يشجعون النساء ذوات الدخول الكبيرة أن يحتطن للمستقبل، ويفعلن ما يلجأ إليه الآن أثرياء الرجال خصوصًا المزواجين منهم، وهو أن يعقدا تسوية للطلاق، ويوقعا عليها من قبل الزواج!
أي للاحتياط. . . والاحتياط واجب ولا عيب في الحذر. . وخصوصًا إذا كانت نسبة الطلاق قد بلغت 50 % من حالات الزواج!
وامتدت هذه الظاهرة حتى بلغت الطبقة المتوسطة أيضًا أي ما دون الدخول ذات الستة أرقام، عندما يكون دخل المرأة أكبر من دخل الزوج بمسافة، كي يحق له فيما لو وقع الطلاق أن يطلب النفقة! كل ما هنالك أن الإعلام الأمريكي لا يهتم بغير قضايا المشاهير، وأما العاديون فالظاهرة بينهم تفشت، والنسبة أصبحت كبيرة ولا تزال في ازدياد.
ولأعدد من الذاكرة فقط بعض أشهر القضايا التي تابعناها في السنوات القليلة الماضية لمشاهير النساء اللاتي حكمت عليهن المحاكم بدفع النفقة لأزواجهن السابقين، سنجد باقة من أشهر الشخصيات والأسماء: من مذيعة التليفزيون المشهورة التي تقدم برنامج صباح الخير أمريكا في شبكة أي بي سي واسمها جون لاندن، إلى الممثلة الشهيرة جين سيمور، وجين فوندا، وكيم باسنجر، وروزان وغيرهن. . وهذا يقرر ما تستطيع الذاكرة حصره.
وشيء أصبح عاديًا أن يقوم الزوج والذي يطلق عليه هابي على الطريقة الأمريكية في اختصار الأسماء، والتعبيرات، والأشياء. . ويقوم الهابي بالاتصال مع زوجته -أو بالأصح طليقته- يستعجلها لإرسال الشيك الذي يتضمن النفقة الشهرية، ويطمئن أنه في الطريق، واسألوا جون، وجان، وجين، وكيم، وماري. . إلى آخر القائمة.
والذي أثار هذا الموضوع لأكتب فيه هو قضية جديدة رفعها هذا الأسبوع ممثل معروف إلى حد ما، اسمه توم أرنولد ضد زوجته الممثلة المشهورة روزان، يطالبها فيها بنفقة شهرية قدرها مائة ألف دولار، ليستطيع العيش في نفس المستوى الذي تعوَّد عليه معها! وروزان هذه هي أشهر كوميديانة في التلفزيون الأمريكي، وهي بذيئة اللسان والحركة إلى حدٍّ قد يصيب من يشاهدها لأول مرة -لهول ما يرى- بالسكتة! ولكن =