الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي التثنية (2/ 36: 32): فَخَرَجَ سِيحُونُ لِلِقَائِنَا هُوَ وَجَمِيعُ قَوْمِهِ لِلْحَرْبِ إِلَى يَاهَصَ، 33 فَدَفَعَهُ الرَّبُّ إِلهُنَا أَمَامَنَا، فَضَرَبْنَاهُ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ. 34 وَأَخَذْنَا كُلَّ مُدُنِهِ في ذلِكَ الْوَقْتِ، وَحَرَّمْنَا مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ: الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَالَ. لَمْ نُبْقِ شَارِدًا. 35 لكِنَّ الْبَهَائِمَ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا، وَغَنِيمَةَ المُدُنِ الَّتِي أَخَذْنَا، 36 مِنْ عَرُوعِيرَ الَّتِي عَلَى حَافَةِ وَادِي أَرْنُونَ وَالْمَدِينَةِ الَّتِي في الْوَادِي، إِلَى جِلْعَادَ، لَمْ تَكُنْ قَرْيَةٌ قَدِ امْتَنَعَتْ عَلَيْنَا. الْجَمِيعُ دَفَعَهُ الرَّبُّ إِلهُنَا أَمَامَنَا.
وفي إشعياء (13/ 17: 16): كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16 وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ.
وفي زكريا (14/ 2): وَأَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ، فَتُؤْخَذُ الْمَدِينَةُ، وَتُنْهَبُ الْبُيُوتُ، وَتُفْضَحُ النِّسَاءُ، وَيَخْرُجُ نِصْفُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّبْي، وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ لَا تُقْطَعُ مِنَ الْمَدِينَةِ.
فهذه بعض النصوص التي وردت في الكتاب المقدس في الحض على السرقة والنهب والسلب.
ثانيًا: اتهام السابقين من الأنبياء بالسرقة:
ومن ناحية أخرى، نرى أن يسوع يتهم كل من جاء قبله من الأنبياء بأنهم لصوص وسراق، فورد في نص يوحنا (10/ 8: 7): فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ. 8 جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ، وَلكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.
ثالثًا: عقوبة السرقة في الكتاب المقدس:
لو نظرنا إلى عقوبة السرقة في الكتاب المقدس لوجدنا قصورًا واضحًا في هذه العقوبة، وهذا بوجه عام في تصنيف الجرائم في الكتاب المقدس، فورد في دائرة المعارف في تصنيف الكريمة ما نصه:(لم تضع الشريعة حدودًا واضحة بين الجرائم العامة والإساءات الفردية، أو كما نقول بين الجنايات والمخالفات)(1).
وتقول دائرة المعارف الكتابية: كان حكم الشريعة الموسوية أن السارق التائب عليه أن يرد ما اغتصبه، ويزيد عليه خمسة، ولم يكن في إمكانه أن يتقدم إلى الرب بذبيحة لإثمه إلا
(1) دائرة المعارف الكتابية، انظر (جريمة - جرائم).
بعد أن يقوم بذلك التعويض، ففي لاويين (6/ 7: 2): (إذا أخطأ أحد وخان خيانة بالرب وجحد صاحبه وديعة أو أمانة أو مسلوبًا أو اغتصب من صاحبه، أو وجد لقطة وجحدها وحلف كاذبًا على شيء من كل ما يفعله الإنسان مخطئًا به، فإذا أخطأ وأذنب يرد المسلوب الذي سلبه أو المغتصب الذي اغتصبه أو الوديعة التي أودعت عنده أو اللقطة التي وجدها، أو كل ما حلف عليه كاذبًا يعوضه برأسه ويزيد عليه خمسة إلى الذي هو له يدفعه يوم ذبيحة إثمه، ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه كبشًا صحيحًا من الغنم بتقويمك ذبيحة إثم إلى الكاهن). ويجمع سفر اللاويين بين الاغتصاب والسلب وعدم دفع أجرة الأجير في يومه، كنوع واحد من الجرائم المنهي عنها، فيقول:(لا تغصب قريبك، ولا تسلب، ولا تبت أجرة أجير عندك إلى الغد). ولكنه لم يقرر لها عقوبة معينة (وكانت العقوبة في قانون حمورابي - مادة 22 - هي الإعدام). أما السطو على المنازل، فكان يمكن لرب البيت أن يدفعه؟ ولو أدى الأمر إلى قتل اللص، وهناك جريمة سرقة المواشي، وكانت عقوبتها أن يعوض باثنتين عن كل واحدة سرقها إذا وجدت السرقة في يده حية، أما إذا كان ذبحها أو باعها، فكان عليه أن يعوض بخمسة ثيران، وبأربعة من الغنم عن الشاة: ففي الخروج (22/ 4: 1). (إذا سرق إنسان ثورًا أو شاة فذبحه أو باعه يعوض عن الثور بخمسة ثيران وعن الشاة بأربعة من الغنم، إن وجد السارق وهو ينقب فضرب ومات فليس له دم، ولكن إن أشرقت عليه الشمس فله دم أنه يعوض إن لم يكن له يبع بسرقته، إن وجدت السرقة في يده حية ثورًا كانت أم حمارًا أم شاة يعوض باثنين). (1)
وهكذا جريمة السرقة في الكتاب المقدس، فلم تضع الشريعة عندهم حدودًا واضحة في التفرقة بين الجرائم العامة والمخالفات، ففي هذه العقوبة لم يوضحوا أن هناك فرقًا بين السرقة والسلب والاختلاس، كما هو عندنا واضحًا ومبينًا بالضوابط والشروط، فلا شك أن هذا قصور وعجز في التشريع، ويخرجون علينا أن قطع اليد ليس من الرحمة والشفقة، على الرغم
(1) دائرة المعارف (المصدر السابق) بتصرف.
من أن هذه العقوبة لا تطبق جزافًا، بل بضوابط وشروط كما أشرنا سابقًا، وفي الكتاب المقدس نصوص تحمل في طياتها أبلغ درجات البشاعة والظلم والجور ومنها على سبيل المثال: في الخروج (21/ 16): (ومن سرق إنسانًا وباعه، أو وجد في يده، يقتل قتلًا).
وفي التثنية (25/ 12: 11): إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلَانِ، رَجُلٌ وَأَخُوهُ، وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِكَيْ تُخَلِّصَ رَجُلَهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ، وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ، 12 فَاقْطَعْ يَدَهَا، وَلَا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.
فأين الشفقة والرحمة في أن يقتل إنسان في السرقة، كما ورد في النص السابق من سفر الخروج؟ وأين الرحمة والشفقة في النص السابق؟ فهذه شريعتكم تأمر بقطع اليد، فلم الاعتراض؟ بل هناك نصوص واضحة الدلالة على قطع الأيدي والأرجل، بل وقلع
الأعين، في إنجيل متى (18/ 9: 8): فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى في النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ.
وفيه أيضًا (19/ 12): وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ، وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَل.
فمن يضحي بهذا العضو من أجل الملكوت؟ وهل يمنعه أن يضحي بيده من أجل أنه سرق أموال الناس؟ . وفي سفر الخروج (31/ 14). انظر كيف يعاقب من يدنس يوم السبت (فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلًا. إِنَّ كُلَّ مَنْ صَنَعَ فِيهِ عَمَلًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا). وقصة الرجل الذي كان يجمع الحطب ليست بعيدة عنا، وفيها كما جاء في سفر العدد (25/ 36: 32): (وَلَمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ في الْبَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلًا يَحْتَطِبُ حَطَبًا في يَوْمِ السَّبْتِ. 33 فَقَدَّمَهُ الَّذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَبًا إِلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الْجَمَاعَةِ. 34 فَوَضَعُوهُ في الْمَحْرَسِ لأَنَّهُ لَمْ يُعْلَنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. 35 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: "قَتْلًا يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الْجَمَاعَةِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ". 36 فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ، فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى).
وأما من يعتدي على أموال الناس بالسرقة فلا شيء عليه، فهل هذا عدل ورحمة وشفقة لمن عمل يوم السبت أن يرجم ويترك السارق؟
فلا شك أن هذا عجز تشريعي واضح ولا يوافق العقل والمنطق، وتعاليم الكتاب تحض على ذلك، في لوقا (6/ 30: 29) (من ضربك على خدك فأعرض له الآخر أيضًا، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضًا. . .، ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه). ولو نظرت إلى مبدأ العقوبات في الإِسلام لرأيت العدل والرحمة والشفقة، بلا إفراط ولا تفريط.
* * *