الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الرازي: ظاهر قوله: {هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} يقتضي كون العمل الذي يطلبونه طاهرًا ومعلوم أنه فاسد ولأنه لا طهارة في نكاح الرجل، بل هذا جار مجرى قولنا: اللَّه أكبر، والمراد أنه كبير ولقوله تعالى:{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62)} (الصافات: 62) ولا خير فيها، ولما قال أبو سفيان: اعل أحدًا واعل هبل قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّه أعلى وأجل" ولا مقاربة بين اللَّه وبين الصنم (1).
وقال القرطبي: ابتداء وخبر، أي أزوجكموهن، فهو أطهر لكم مما تريدون، أي أحل، والتطهر التنزه عما لا يحل (2).
ومعنى أطهر: أنظف فعلًا. وقيل: أحل وأطهر بيتًا ليس أفعل التفضيل، إذ لا طهارة في إتيان الذكور (3).
وقال الشوكاني: أي: تزوّجوهنّ، ودعوا ما تطلبونه من الفاحشة بأضيافي، أي: أحلّ وأنزه والتطهر: التنزه عما لا يحل (4).
وقال ابن عاشور: {هُنَّ أَطْهَرُ} أنهنّ حلال لكم يَحُلْنَ بينكم وبين الفاحشة، فاسم التفضيل مسلوب المفاضلة قصد به قوّة الطهارة (5).
الوجه الثالث: في بيان أفعل التفضيل، وأن أفعل التفضيل في الآية ليس على بابه
.
قال ابن هشام: واسم التفضيل وهو الصفة الدالة على المشاركة والزيادة كأكرم (6).
ولأفعل إذا كان للتفصيل ثلاثة أحوال (7):
(1) تفسير الرازي 18/ 33.
(2)
تفسير القرطبي 9/ 66.
(3)
البحر المحيط 5/ 147.
(4)
فتح القدير 2/ 742.
(5)
التحرير والتنوير 1/ 2130.
(6)
قطر الندى (306).
(7)
ولاسم التفضيل ثلاث حالات: =
الأول: أن يكون معه. من نحو، زيد أفضل من عمرو. والثاني: أن تدخل عليه الألف واللام. نحو: زيد الأفضل. والثالث: أن يكون مضافًا. نحو: زيد أفضل القوم وعمرو أفضلكم (1).
ومما سبق يظهر أن اسم التفضيل إما أن يكون معرَّفًا بأل، أو الإضافة، أو خاليًا منهما وإذا كان اسم التفضيل غير معرف بأل وغير مضاف لزم أن يأتي بعده (بمن) جارة للمفضول، وإن حُذفت كان موضعها ظاهرًا، والآية كما هو واضح خارجة عن هذه الحالات الثلاث لاسم التفضيل، ولذا كان اسم التفضيل غير دال على معنى التفضيل، بل هو دال على مطلق الوصف والانفراد بالفعل، أي: الطهارة، وانفراد الزواج وإتيان النساء لأنها فطرة اللَّه عن غير ذلك مما حرمه.
وقد جاء اسم التفضيل بمعنى اسم الفاعل، أو الصفة المشبهة قياسًا عند المبرد، سماعًا عند غيره. وهو الأصح كما في البيت، فإنهما بمعنى صغير وكبير.
وهذا البيت أورده المبرد في الكامل عند شرح قول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بني لنا
…
بيتًا دعائمه أعز وأطول
= أ- أن يكون مجردًا من أل والإضافة، فيجب له حكمان: أحدهما: أن يكون مفردًا مذكرًا دائمًا، الثاني: أن يأتي بعده (بمن) جارة للمفضول، وقد تُحذف نحو قوله تعالى:{لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} ، وقوله:{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ. . . أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ. . .} ، وإن حُذفت من الجارة كان المعنى ظاهرًا بها لا يستغني عنها نحو {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)} ، وقد جاء الإثبات والحذف في قوله:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا} ، أي: منك.
ب- أن يكون بأل، فيجب له حكمان: أحدهما: أن يكون مطابقًا لموصوفه، الثاني: ألا يأتي معه بمن، نحو: زيدُ الأفضل.
ج- أن يكون مضافًا، فإن كانت إضافته نكرة لزمه أمران: التذكير والتوحيد، كما يلزمان المجرد لاستوائهما في التنكير، ويلزم في المضاف إليه أن يطابق، وإن كانت الإضافة إلى معرفة فإن أوَّل أفعل بما لا تفضيل فيه وجبت المطابقة، وإن كان على أصله من إفادة المفاضلة جازت المطابقة بنحو قوله تعالى:{أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا. . .} أوضح المسالك إلى ألفية مالك (287).
(1)
مجمع الأمثال للميداني 1/ 78، باب (ما جاء على أفعل. . .).