الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا كله لأن الطيب من ألطف وسائل المخابرة والمراسلة، والحياء الإسلامي يبلغ من رقة الإحساس أن لا يحتمل حتى هذا العامل اللطيف الخفي (1).
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عن التطيب عند خروجها حتى لا تجذب إليها أنظار الرجال.
7 - تحريم الخضوع بالقول:
كذلك من السبل الموصلة إلى هذه الفاحشة خضوع النساء بالقول، ورب العزة يقول:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} .
قال الطبري: وقوله: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} يقول: فلا تلن بالقول للرجال فيما يبتغيه أهل الفاحشة منكن (2). ومعنى هذا: أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها (3).
8 - تحريم التبرج وإظهار الزينة والتجمل للفت نظر الأجانب:
قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33).
قال ابن كثير: أي: الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، وقوله تعالى:{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال، فذلك تبرج الجاهلية (4).
9 - تشريع الاستئذان:
فقد حرم اللَّه عز وجل الدخول إلى البيوت إلا بالاستئذان، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
(1) عودة الحجاب (القسم الثالث: 50).
(2)
تفسير الطبري 10/ 293.
(3)
تفسير ابن كثير 3/ 636.
(4)
تفسير ابن كثير 3/ 636.
(27)
فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)} (النور 27: 28).
قال ابن كثير: هذه آداب شرعية، أدّب اللَّه بها عباده المؤمنين، وذلك في الاستئذان أمر اللَّه المؤمنين ألا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتى يستأنسوا، أي: يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده. وينبغي أن يستأذن ثلاثًا، فإن أذن له، وإلا انصرف (1).
قال الشوكاني: لما فرغ سبحانه من ذكر الزجر عن الزنا والقذف، شرع في ذكر الزجر عن دخول البيوت بغير استئذان لما في ذلك من مخالطة الرجال بالنساء، فربما يؤدّي إلى أحد الأمرين المذكورين، وأيضًا: إن الإنسان يكون في بيته، ومكان خلوته على حالة قد لا يحبّ أن يراه عليها غيره، فنهى اللَّه سبحانه عن دخول بيوت الغير إلى غاية، هي قوله:{حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} ، والاستئناس: الاستعلام، والاستخبار أي: حتى تستعلموا من في البيت، والمعنى: حتى تعلموا أن صاحب البيت قد علم بكم، وتعلموا أنه قد أذن بدخولكم، فإذا علمتم ذلك دخلتم (2).
قال أبو بكر الجزائري: نظرًا إلى خطر الرمي بالفاحشة وفعلها وحرمة ذلك كان المناسب هنا ذكر وسيلة من وسائل الوقاية من الوقوع في مثل ذلك ففرض اللَّه تعالى على المؤمنين الاستئذان (3).
وهذا المسلك يدل على مدى عناية الإسلام بصيانة البيوت وحفظها من النظر إلى ما فيها (4)، من ظهور العورات وانكشافها، فلولا الاستئذان لتعرضت الأعراض للانكشاف ولكثر الخبث، وكان ذلك سبيلًا إلى الزنا، فلذلك كان التحريم حتى يستأذن الشخص (5).
(1) تفسير ابن كثير 3/ 372.
(2)
فتح القدير 4/ 29.
(3)
أيسر التفاسير 3/ 55.
(4)
عودة الحجاب (القسم الثالث: 40).
(5)
وقد دل الشرع على بعض أحكام الاستئذان وآدابه ومنها أن يكون الاستئذان ثلاثًا، فإن أُذن للشخص وإلا انصرف، وكذلك إلقاء السلام بقول المستأذن (السلام عليكم)، ولا يستقبل الباب، بل يكون المستأذن عن اليمين أو اليسار كي لا يطلع على عورات البيوت، ويُستحب أيضًا للمستأذن أن يُعرِّف بنفسه وليقل: أنا فلان إذا لم يكن صوته معروفًا لدى أهل البيت، وكل هذه الآداب والسن لإشاعة الطهارة والسماحة والآداب بين الناس، وحتى لا يقع أحد فيما يغضب اللَّه، ولا يكون سبيلًا إلى فعل الفاحشة (تفسير سورة النور للشيخ/ مصطفى العدوي).